الشماتة !! |
الشماتة هي الفرح ببلية تنزل بمن تعاديه , والفعل منها شمت به. ويشمت َشماتة وشماتا , وأشمته الله به. ورجعوا شَماتي أي خائبين. وفي الدعاء "أعوذ بك من شماتة الأعداء" , وفي التنزيل " فلا تشمت بي الأعداء" , والشِّماتُ: الخيبة. وهي سلوك سلبي له مضاعفاته القاسية , المرتدة على صاحبه , وينجم عن فكرة ذات طاقات إنفعالية , وتسويغات شرسة تضعه على خشبة التعبير عنها. فالسلوك يرمز إلى المحتوى الكامن في أعماق البشر , والمصنوع بآليات وأدوات كثيرة ومتنوعة , أسهمت فيها الأيام بما حملته وأوجدته وشاركت به , من التفاعلات التي تسميها تجاربا. ومن مَصائب العرب المعاصرة , أن أكثرهم أصبحوا من الشامتين ببعضهم البعض , وهذه أقصى درجات وآليات الإنهيار الحضاري والإنقراض الحتمي , الذي يحقق الضعف والضياع والخسران. فأبناء الأمة صاروا يشمتون ببعضهم البعض , وما يصيب أحدهم من القهر والويل , يتمناه لغيره , ويساهم في صناعته بصورة مباشرة أو غير مباشرة. وعلة ذلك , أن معظمهم ربما بلا إرادة , كالسفينة التي تتقاذفها أمواج البحار والمحيطات , وربانها في غيبوبة وتجاهل ولا إكتراث , وعدم قدرة على إدارة دفة القيادة , لأن يديه مصفدتان , وإرادته مقيّدة وموجهة وفقا لسطوة الأمواج , والعواصف والأعاصير الفاعلة في الحياة. وإنه لمن الهوان , أن يتحقق هذا السلوك , ونقرأ عنه ونراه , ونشاهده عبر وسائل الإعلام , التي صارت أبواقا للشماتة والتلذذ بالوجع المتنامي. وهذا يعني الخوف من المصير الذي يؤكده اللاوعي الصامت بأنه قادم وحتمي , فما يصيب أي بلد يصيب جميع البلدان , لأنهم أمة واحدة ومصير واحد , مهما توهموا بغير ذلك! فالدنيا لا تفرّق بين أبناء دولهم , وإنما تعرف حالة واحدة عنوانها : "عربي مسلم" , وإذا أصبح عدو لنفسه ودينه وأمته , فهذا يعني أنه حقق إرادة الطامعين فيه , وتمكن من إيصالهم إلى أهدافهم بجهده وتفانيه وتضحياته , وهم سعداء فرحين منتشين وشامتين به , بما يغنمونه بلا عناء ولا أية تضحيات. فأية سعادة هذه؟! وأي معضلة ومأساة أبناء أمة الضاد يصنعون!! |