ساعتين ونصف مع إنسان

 

 

 

 

 

 

(العمل لا ينبع من فكرة، بل ينبع من استعداد لتحمل المسؤولية) كلام وحكمةٍ جميلة قالها ألقس وعالم ألاهوت ديتريش بونهوفر . لم أجد أفضل من تلك البداية عندما حلت في مخيلتي فكرة الكتابة المتواضعة والمختصرة لما يقارب الساعتين والنصف من لقاء وحوار مع إنسان حمل معنى ألإنسانية ورجل يستحق منصبة ليس مجاملةً بل لكونه يحارب على كل الجهات من اجل توسيع دائرة ضمان الحقوق ومتابعة كل الأنفس التي تريد العبث بأموال ألآخرين أو استغلال مكان عملها لغايات خاصة .وفي نفس الوقت عيناً تُراقب كل شيء لأنها تريد الأفضل لكل شيء في مكان وزمان قد لا يصمدُ فيه الآخرون كثيراً , لأن المغريات كبيرة ومتعددة .
كانت الصورة والمعلومات التي توفرت لي قبل اللقاء كثيرة . وأنا استغربت منها , كيف لإنسان في هكذا منصب حساس في دائرة ومكان مهم فيه الكثير من التداخل بكافة مجريات العمل المتفرعة . كيف لهذا ألإنسان أن يبقى حاملاُ معنى الإنسانية لنفسهِ أولا وللآخرين . لم يعش العزلة في عمله, بل فضل العمل وترك ألأمور تأخذ مجراها الصحيح وفق شعار( من حق الجميع السعي وتقديم ألأفضل .لكن في نفس الوقت سوف يكون الجميع مجبراً للخضوع للحساب والعقاب تحت أي خطأ مهما كان من اجل ترسيخ العدالة).
متواضعٌ جداً . يحمل الكثير من الفكر المتجدد والطموح . أعطتني مثال جديد بأن الحياة لا يمكن لها أن تتوقف على عمر ألإنسان فيها بقدر رغبتهِ في ألاستفادة من كل شيء لأجل كل شيء . حديثهُ مميز ويحمل ألأمل الكبير في رؤية كل مفاصل الحياة السياسية وألاجتماعية في العراق تسير نحو ألأفضل . لم ينفي وجود السلبيات في المكان الذي وضع فيه وتحمل مسؤوليته . لكنه واثق بأن تحقيق شيء مهما كان حجمهُ أفضل كثيراً من انتظار أمور أخرى تساهم في الخلاص من تلك السلبيات . بابه مفتوحةٌ للجميع وبالأخص موظفي وكادر ذلك المكان الذي هو فيه .
دار حوار وكلام كثير , وبصراحة فرحتي ليست باللقاء والحوار فقط , بل لأن ألأمل أصبح كبيراً لدي بأن العراق مازال فيه شخوص ومسميات تطمح للمزيد من الانجاز الحقيقي وليس ترديد الوعود والعهود فقط . تمنيت أن أكتب أسمهُ وعنوان وظيفتهِ وكل شيء عنه . بل تمنيت أن أخاطب جهات عليها بأن تقدم الدعم له والإسناد أكثر . ولكني واثقٌ بأنه لوحدة وكادره الجريء قادر على المضي .
أخيراً .. عندما دخلت لبناية مخصصه لمكتبهِ ومن معهٌ في مكان واسع وكبير ومتعدد البنايات والأنشطة . انتبهت على شيء واحد أنها مرتبة ونظيفةٌ ومن يقوم هناك باستقبال القادمين كادر يستحق التقدير .عندها تأكدت بأن سوف أقابل مديراُ ومسؤولاُ يهتم بكل شيء . وبالفعل وجدت أن ألإنسانية مازالت بخير .
شكراًُ له ولمن كان معي في ذلك اللقاء الجميل . متمنياً لهم الخير وألموفقيه في عملهم بمكان اكرر القول ( بمكان قد لا يصمد فيه أخر لمدة شهر واحد لأن كل المغريات موجودة وبعناوين عديدة). ما كتبتهُ جزء يسير , يستحق أن اكتب عنهُ الكثير .لأننا مثلما ننتقد كل شيء واجبٌ علينا ذكر ألأشياء الجميلة حتى لو لم نذكر ألمسمى والعنوان ألوظيفي . كذلك لم نكن مجبرين على كتابة تلك الحروف المتواضعة ولم يطلب منها أحد ذلك . لكن حتى يفهم الآخرون بأن هناك في مكان ما بعراقنا الجريح مازال البعض يحارب كل شيء للأفضل والأحسن.