اتق الله... ايها المفتش العام

 

وانا اطالع القانون 57 الذي شرعه سفير الاحتلال الامريكي سيىء الصيت بريمر عام 2004  واسس بموجبه مكاتب المفتشين العموميين ، لم اجد في صلاحية المفتش العام للوزارة توجيه الاتهام للموظفين على اساس (قيل وقال) ، لان مكتبا كهذا يمثل سلطة رقابية  وجدت لحماية الوزارة والمؤسسات والدوائر التابعة لها من الفساد الاداري والمالي وتنبيه العاملين فيها قبل وقوعهم في الخطا سواء عن جهل او علم بان مايرتكبوه يضعهم تحت طائلة القانون ، لاالتربص من اجل الايقاع بهم والتبجح لاحقا بأنه يعمل من اجل المصلحة العامة ! فهو سلطة رقابية تعتمد الوثيقة كبينة رسمية على حصول الخطأ ، اما قيل او يقال لنا فهذه تعبر عن جهل العاملين في المكتب او التعمد في الافتراء على الموظفين بغية تخويفهم لااكثر بهدف السيطرة على الوزارة او المؤسسة من خلال اثارة الرعب في قلوب العاملين فيها باسلوب يذكرنا بما كان يفعله رجال الامن الصدامي كوسيلة للابتزاز الرخيص الذي يعد مخالفة صريحة للقانون عدا كونه اجراء ظالما من الجانب القانوني وسلوكا غير شرعي في توجيه الاتهام بالباطل للناس ، فأين نحن مما مضى ؟ لكأن مكاتب الامن الصدامي عادت الينا بعنوان جديد هو مكتب المفتش العام ، وهنا اتذكر موقفا يوم كنت مديرا للعلاقات والاعلام في احدى المنشآت المدنية التابعة للتصنيع العسكري فقد حدث تصادم لي مع مدير الامن فيها الذي كان يحمل رتبة عسكرية حين وجدته يتهم هذا المسؤول وغيره بالسرقة واصفا اياهم بالحرامية من دون اي دليل طبعا بهدف تخويفهم وابتزازهم ، وشاءت الظروف ان ازوره ذات يوم بصحبة احد المسؤولين الى مكتبه عند انتهاء الدوام الرسمي فدعانا لزيارة بيته الجديد الذي لايزال تحت الانشاء ، وكان مصمما بخارطة جميلة وعلى مساحة جيدة ، وحين وجدت البذخ في اعمال البناء والديكورات التي اشتمل عليها بيته هذا لم اتمالك نفسي فالتفت اليه متسائلا : من اين اتيت بكل هذا الانفاق ؟ اتريد ان تقنعني بأن راتبك الشهري اتاح لك كل هذا  ؟ واكتفى بالرد علي مبتسما ولم ينبس ببنت شفة والحليم تكفيه الاشارة .
اقول لم اجد في القانون المذكور مايجيز للمفتش العام في الوزارة توجيه الاتهام بالباطل لاي موظف كان الا بدليل مادي او بشهادة شهود والا كان افتراء يحاسب عليه امام الله ، والا ماقيمة صلاته ان كان يصلي ؟ اليست تنهى عن الفحشاء والمنكر ؟ وكيف وهو يشيع الفاحشة متهما غيره بامور لاصحة لها على اساس قال لنا مصدر ربما بوحي من الجن !
وعند العودة الى القانون نجد ان الصلاحيات الممنوحة للمفتش العام واضحة وصريحة ليس فيها مايمنحه الحق في تلفيق الاتهام لاي موظف الا اذا كان الهدف من هذا الاساءة لسمعة الموظف النزيه امام زملائه والمسؤولين في الوزارة وهنا لايستطيع المفتش العام تحقيق مراده لانهم ادرى بنزاهة هذا الموظف ووطنيته وحرصه وهي صفات يعرفها الجميع ولايزايدعليها احد ، ولكن من كان في هذه اعمى فهو في الآخرة اعمى واضل سبيلا  ، ولااريد هنا ان استعرض صلاحيات المفتش العام بموجب القانون المذكور والتي ربما لم يطلع عليها بعض المسؤولين في الوزارات ، ولهذا حين يتجاوز صلاحياته لاينتبه اليه الآخرون ، فيغدو التجاوز هذا عرفا لديه يسقطه في الوهم الذي يفضي به الى الهلاك في نهاية المطاف ، وختاما لااقول سوى اتق الله ايها المفتش العام ، فأن مكنتك قدرتك على ظلم الناس فتذكر قدرة الله عليك ، والحليم من اتعظ بغيره .