صراع الأرادة بين الشعب ومغتصبيه |
إن أول من بدا الصراع أنسانيا هما الأخويين قابيل وهابيل ولقد كان صراعاً أجتماعياً، عكَسَ الأختلاف في الرغبات وخاصة من قبل قابيل، الذي أعتمد القوة لفرض رغبته وكان يختلف بالسلوك عن شقيقه فالأول كانت تسيطر عليه رغبة التعدي، والثاني يغلب عليه طابع الوداعة، فأصبح لكل منهما قيمه وخلقه، فذاك أسير رغبة أوصلته إلى قتل أخيه وازاحته عن طريقه كمنافس، وهذا رجل مبدأ لم يفكر في ذلك ابداً . أن هذا المثل يعكس طبيعة أولئك الذين تنحصر نظرتهم للأمور بمقاييس الربح والخسارة وتحقيق الرغبات وأن أختلف الاسلوب، فمظلوم الأمس قد يتحول إلى جلاداً، يسلك سلوك المستبدين الذين كان ينتقدهم ويقارعهم تحت شعار تطبيق العدالة، فأذا به يتنصل ويحارب كل من يرفع هذا الشعار، ويبدا بكيل التهم التي كان يرفعها بوجه من سبقوه في طريق الفرعنة والأقصاء، وهو الذي كان لها معيباً لهفوات الآخرين وزللهم . أن التنكر للمبادئ والشعارات العريضة التي تطرح تحت عنوان مفهوم العدالة ليس حدثاً طارئاً في التاريخ الأنساني، بل أن الطارئ هو أن يستمر المظلوم ساكناً من دون أن تهزة عاصفة التغيير، ويعود للرضوخ من جديد تحت رحمة نوع جديد من الاكاذيب والشعارات من المستفيدين الجدد، واغلبهم نفعيين أو انتهازين، أو تحولوا إلى ذلك بعد أن ذاقوا طعم السلطة، فأصبحوا بين يوم وليلة طائفيين ومن المروجين العاملين، للمناطقية، والعرقية، وتخلوا عما كانوا يرفعون من شعارات تضع الشعب في المقدمة، ليصبح في ذيل القائمة من جديد، لتبدأ دوامة أخرى من دوامات الصراع، ليتكبد الشعب مزيداً من الخسائر في ظل صراعاً محموماً على السلطة في ثوبها الجديد . أن العامل الزمني يلعب دوراً في تحديد مفهوم، الصراع فأذا ما طال الوقت أصبح نضالاً يهدف للتخلص من الضرر الناتج عن هيمنة طرف أو مجموعة مناطقية على مقاليد الأمور وتسخيرها لصالحه، حيث تحتاج هذه المجموعة إلى وكلاء عنها، يروجون لها في مناطق نائية مقابل منافع ودعم متنوع . لذا فليس من العجب أن نشاهد أصطفافاً بشرياً بجانب المعتدي الغاصب ما دام يدفع مما ليس له، ضمن معادلة تبادل المنافع . أن ما يجري اليوم في كثير من البلدان العربية هو صراع يقع ضمن المفهوم الذي تحدنا عنه، لأن هناك غاصب معتدي ومغصوب معتدى عليه، بغض النظر عن الشعارات الزائفة، واللافتات، واللحى الطويلة أو القصيرة، أو تلك الألسن التي تتمشدق بالدين، والحقيقة أن لا دين لها لأن كل ما تفعله حرام ومخالف للشرع .
|