حفلة تنكرية

 

عشائر الكرادة قدمت شكرها، في يومين فقط، لرئيس الحكومة نوري المالكي، وقائد عمليات بغداد، وهيئة شعبية في المنطقة، ومحافظ بغداد، خادمها الصدري، علي التميمي، لأنهم جميعاً أغلقوا مقاهي الكرادة.

عشائر الكرادة ذيّلت شكرها "العميق" بـ"عهد أن يكونوا جنوداً اوفياء، وعيناً ساهرة لحفظ الامن، ولحماية نجف بغداد".

ونجف بغداد، بحسب العشائر، هي الكرادة الشرقية.

هؤلاء المدرجون في لافتات الشكر، جميعاً، أغلقوا المقاهي.

كلهم حطموا أثاثها وطردوا زبائنها، وشعروا بالإهانة من شغل "قاصرات" فيها.

كلهم فعلوا ذلك، واسألوا العشائر.

رياض العضاض لم يشكره أحد، وهو رئيس مجلس المحافظة الذي يُذكّر المُغلقين، شركاءً وخصوما، أن الحكومة – المحلية طبعاً، ولا يقصد مطلقاً حكومة المالكي – هي من تتولى أمر المقاهي وفحصها في ما إذا تشهد خرقاً للآداب العامة.

العضاض يريد لافتة شكر، هو الآخر.

(1)

الشكر، ونصه الذي تضمن عهداً بحفظ الأمن بذراع عشائرية، جاء في لافتات نشرت على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي.

كان الأمر يشبه انتشار صور المحافظين ببذل زرقاء. دعاية سريعة، وجمل قصيرة للتعبئة.

وقصة اللافتات تغطي على الحفلة التنكرية لحرب الحريات المدنية. وتبدو قوى المجتمع المدني أول ضحايا تصديق اللعبة.

مع كل لافتة تتعالى أصوات المدنيين، المعارضين للإسلام السياسي: أها... واخيراً عرفنا من يضيق على الحريات في الكرادة.

وفي الكواليس تبدأ حفلة تنكرية أخرى.

(2)

ويقول سيناريو الكواليس إن متطرفين، من التيار الصدري، حطموا مقاهي الكرادة، لأنها خرقت تقاليد الإسلام في شهر رمضان. فتقدمت عشائر الكرادة بشكر محافظ بغداد على تنفيذه مطالب جمهور المدينة "المسلمة".

ثم انزعج المجلس الأعلى، لأن سياسته المرنة في ملف الحريات تعرضت إلى التشوه، في ظل تحالف مع الصدريين، وخرج المالكي ليقبض على فريسة بين فكي المجتمع المدني، فغضب الرجل، وقال إنه لا يريد ميليشيات تعمل بالنيابة عن سلطاته. هو وليس غيره من يغلق أو يفتح المقاهي. فأمر باعتقال من أغلقها من دون وجه حق.

لكن الحفلة تصبح أكثر إثارة، حين تعود العشائر إلى المشهد، وتكتب لافتات طويلة عريضة تشكر المالكي على اعتقاله الخارجين على القانون.

لا .. لم تشكره على ذلك، بل على إغلاقه هو مقاهي الكرادة.

يا للإحراج

(3)

حزب الدعوة لا يريد ان يخسر جمهوره الشيعي المحافظ، ويريد ان يربح في سوق الكرادة ببضاعة المقاهي، ويتحدث بطريقة مدنية.

التيار الصدري وصل إلى السلطة، ولم يزل جمهوره يفكر بطريقة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويقول: تعالوا للحوار.

المجلس الأعلى مع كل الحرج الذي أصابه في معقله، الكرادة، خاصة مع محاولته تحضير عادل عبد المهدي للمستقبل القريب، يحاول ان يكون متفرجاً، وحسب، في حفلة المقاهي التنكرية.

المدنيون والعلمانيون.. "مسطولون".