سراب الحكومة في العراق !!

 

تكشف الخروقات الأمنية في العراق عن فشل تام في خطط الحكومة ، و غياب المسؤولية عن المشرفين على الخطط العسكرية و التعبوية، فما يجري صراع ارادت غير متكافيء، وغياب استراتيجيات يقترب من بيع الأدوية على أرصفة الطريق أو العيادات الوهمية، فلا يوجد عمل متخصص و لا قيادات مهنية، بل مجاميع من التعقيدات و المزاجيات الشخصية و الخوف من الماضي و التستر على الحقائق، ليتحول العراق من خلالها الى " دولة تائهة بلا ربان"، يتناحر فيها قدة الأمن و ينتظر فيها صانع القرار المعجزة، حيث تشكل استقالة قائد الفرقة 17 في اللواء الركن ناصر الغنام، دلالة واضحة على انفراط عرى العمل من أجل استقرار البلاد، الذي لا يقل في خطورته عن التلويح باقالة الشهرستاني بسبب تعمد الخطأ و سوء التقدير في قطاع الكهرباءوالنفط وربما غير ذلك ايضا، ما يكشف عن مستوى الخلل في الأداء.

ونحن لانتجني بوصف الدولة التائهة، لأن أكثر من نصف الموازنة العامة مخصص للأمن و العمليات العسكرية بكل حشودها المليونية في الشوارع و الأزقة ، ومع ذلك يقع المحظور في كل ساعة ولا يستحون من اختلاق التبريرات"القاعدة الصداميون التكفيريون" هذه الثلاثية التي يعلقون الفشل عليها بلا تردد، و كأنهم يجهلون أن كل أمكانياتهم فرضتها معادلة التصدي لهذه الثلاثية، و مع ذلك لم يتحقق أي شيء، و الأنكى يبررون الهزيمة بتصريحات مخجلة للغاية، بهدف المحافظة على كرسي "القرار المفقود".
الاف يستشهدون ويجرحون في ماركة مسجلة عراقية بأمتياز، سجون تهاجم في وضح النهار من قبل مسلحين يتباهون في تحقيق أهدافهم، و تحويل الحكومة الى  خط الدفاع، واالتلويح  بالأخطر من العمليات، على أعتبار أن اختراق " حصون" التاجي و ابو غريب يعني التقدم خطوة كبيرة باتجاه المنطقة الخضراء، و الكارثة أن الحكومة سربت معلومات عن هذا المخطط وغطست حتى الركبتين في وحله، و مع ذلك يتبجح اصحاب القرار الأمني بحماياتهم و مكاسبهم التي لا يقابلها عطاء يذكر، فالوزير يحظى بافواج من الحماية تفوق 4 أضعاف حماية الرئيسين الأمريكي و الروسي معا.
ليس هناك من تبرر لما يجري غير غياب المهنية والأختيار غير السليم لقادة المؤسسة الأمنية والعسكرية، الذين يشككون في ولاء قادة الميدان باعتبارهم من خريجي مدارس النظام السابق، و النتيجة معروفة عندما تغيب الثقة و يتقدم عنصر الشك و المؤامرة، فيما الصحيح الخروج من هوس التخوين الى فضاء التسامح والبناء الصحيح للخيارات، ولأن هذا الأخير لم يتحقق ولن يكون من أولويات صناع القرار فأن التحديات ستكبر و المواجهات ليست في صالح الحكومة لأنها فشلت في بناء مؤسسة عسكرية عراقية غير متحزبة الا للوطن و شعبه،.
العراق ليس بحاجة الى حكومة تناقضات اضافية، و ليس معنيا باشكالية التناحر والتقزيم والتخويف، فهو دولة لا يمكن أن تدار بعقلية الدكاكين الحزبية و الانغلاق المذهبي و القلق الشخصي، سيقول قائل بل النظام السابق كان هكذا، والجواب لا، فهناك ظلم سياسي و أمني واقتصادي لكن في المقابل هناك مؤسسات تعمل لحماية العراق، بغض النظر عن محدوية الفهم للمتغيرات الدولية، فيما اليوم يتقدم بعضهم الصفوف لايذاء العراق من خلال منصبه السيادي، وهذا ما لم يحصل حتى في جمهورية " عليوي".
نسمع منهم كل مفردات التقوى والخوف من الله، لكنهم يرفضون الأعتراف بالخطا رغم أنه من الفضائل، و يصرون على ركوب موجة العناد و في قلوبهم رجفة، يراهنون على الفوز و النتيجة محسومة عند حكم المباراة الرابع، و " الجماعة" يعرفون و يغلسون، لكن في المقابل فان البلدن لا تداربعقلية المناكفة و ملامح الغضب و التلويح بالعقاب الصارم، فهناك مواصفات للقيادة تبدأ في القدرة على  الأقناع و التاثيرالنفسي من خلال تحقيق بعض النتائج المطمئنة،  التي لا علاقة لها بمفاهيم تزكية الحزب و الجماعة و المصفقين، خاصة وأن العيوب أصبحت مادة أعلامية مطلوبة، عكس سنوات مضت يوم كان الأعلام مقيدا بقرار سياسي.
هناك مشكلة مركبة في العراق،  قيادات غير منسجمة مع بعضها على كل المستويات، و خطط حكومية غير موجودة اصلا لمواجهة الطواريء، مقابل تناحر واضح بين القادة الأمنيين، يقود الى التشفي و توريط المنافس، اضافة الى مشكلة حشر البلاد والعباد في الملف الأمني فقط، مقابل مشاريع خدمية أكلها الأهمال مع ملياراتها، ولأن الأمن لم يتحقق و الأعمار ليس من الأولويات وطي صفحة الماضي من المحرمات و تحميل الأخرين سر الأخفاقات، فأنا من المتشائيمن جدا بقدرة الحكومة العراقية على تحقيق الاستقرارو تخفيف الضغط عن المواطن، لأن مؤسسات الدولة صارت طاردة للكفاءات والخبرات ، فتحكمت بمفاصلها وجهات نظر لا فلسفة حكم و ادارة ، لذلك تعمل بأقل من 10 % من طاقتها الأجمالية، ليدور دولاب الخطأ بالأتجاه غير الصحيح و معه كل الاسرار التي تتفنن بتأجيل الحلول!!