نيوتن يسلم على أهالي بغداد! |
تم بعون الله تعالى علاج أهالي بغداد من مرض الهلع المطري الفيضاني المزمن، حيث اكتشف العراقيون المختصون أنجع لقاح له، وهو توزيع القوارب لسكان بغداد ضمن الحصة التموينية، ما دامت الميزانية العراقية دائما انفجارية فوق رؤوس الشعب، فتوافد السكان على أبواب وكيل الحصة لتسلم قواربهم للتنقل بين الأرصفة البغدادية حين يهجم عليهم الفيروس المطري من السماء، كما تسلّم سكان بغداد أقلاما من الحبر غير القابل للذوبان في الماء، لتساعدهم في ترقيم الحفر والـ"طسات" والمنهولات في الشوارع، فلن يجد المواطن أي عناء في البحث عن المفقودين من أحبته!. بنفس الوقت قام المعنيون بالأمر بتوزيع حصص من الشقق السكنية في أحدث ناطحات سحاب بالعالم، في العراق، على الأرامل وسكان بيوت الصفيح، مع حجز حصص مستقبلية بأسماء الأيتام لحفظ كرامتهم، خصوصا وان هؤلاء الأيتام حصاد ربيع التفخيخ العراقي المتميز بالخلافات الأخوية المعوية بين أعضاء الفسيفساء العراقي المخملي، والمعارك العنترية التاريخية، حتى أن أصوات أرواح شهداء العراق صارت تسمع في شوارع بغداد فرحا وتهليلا بالانجازات العظيمة. وحلت قضية عدم استجابة الأزرار الكهربائية للإطفاء لغرض الصيانة، بعد اختراع أحد المختصين العراقيين القماش السحري، الذي ما إن يتم وضعه على الزر الكهربائي حتى ينقطع التيار عند الحاجة، خصوصا في المستشفيات لينام المرضى بهدوء، بعيدا عن إزعاج الأضواء الساطعة والأيام البيضاء العراقية التي سئم منها أهالي بغداد، فيما يصر عليها كرم أصحاب المولدات. كما أرسلت سويسرا وفدا عظيما من موظفيها لتلقي دورات في تعلم النزاهة، وكيفية القبض على غيلان الفساد العالمي من عصابات المافيا الدولية، بعد أن قام العراق بأعظم منجز تاريخي في قطع رؤوس التنين المخطط باللون الأحمر والأسود، ورقص البند السابع في مخيلة أصحاب الأحلام الوردية، ولم تعد تنبت في أرض الهلال الخصيب إلا نخلات من ذوات الرأس البلاستيكي المعاد تصنيعه، لأن مياه دجلة تشتكي من الغزارة، وقلة إنشاء السدود عند الجيران الأحبة! واتفق قادة الوطن السعيد المنكوب تاريخيا بتبادل القبلات دائما خدمة لأبناء الوطن، ومنعا لاستفزاز الأموات بأجهزة السونار المزيفة، ورُفعت قضية دولية للمطالبة بالقبض على المُصنّع الأصلي، رغم الإصرار البريطاني على جدوى فعالية هكذا أجهزة، لذا قررت الحكومة البريطانية أن تقوم بحماية الرجل الصانع لهكذا أجهزة، وما زالت الدولة العراقية تتوعد هذا الرجل بالمحاكم الدولية لدفع ثمن الدم العراقي المقدس محليا. وامتلك كل شاب عراقي ريشة ذهبية سحرية تشبه البوصلة، يرسم بها مستقبله وتدله على اتجاه العمل ما إن يتخرج، ويتسلم منحة اجتماعية تساعده على تكوين حياته العائلية في كوكب الكوابيس والإحباطات اللوزية، أما العامل العراقي فهو يُفاخر الدنيا بأطرافه المقطعة وهو يقف عند إشارات المرور يتسول أو يبيع الحلويات والسجائر، لأن المصانع العراقية تعمل ليلا نهارا، هذا بعد انجاز قانون الضمان والحماية للعمال! حدث كل هذا بسبب وضع إستراتيجية بعيدة المدى للإعمار العراقي، سهر عليها المختصون الذين يعملون بالمجان من دافع الوطنية وحب الوطن السعيد، وقالت الأمم المتحدة إن قانون الأحزاب العراقي وقانون الانتخابات وتشريعات الحريات من أفضل القوانين في الدول التخلفوقراطية، كما أفادت منظمة الصحة العالمية باختفاء مرض السرطان عند الأطفال في العراق وانعدام نسبة الوفيات في الولادات تماما، وصار مرض ارتفاع ضغط الدم والسكر عملة نادرة في الوطن العراقي السعيد، ولا يفوتنا الكشف بأن مكتبة الكونغرس الأميركي صارت تدفع مليارات الدولارات لاستعارة الكتب من الجامعات والمدارس العراقية. ورغم كل هذه الانجازات، فإن أهالي بغداد ما زالوا يطمعون بالمزيد ويشتكون ويخطون اللافتات، فبعض المقاهي تؤرق أفكارهم وهم يطالبون بإغلاقها لأن الفتيات القاصرات يعملن فيها، والقانون الدولي يمنع عمل القاصرين فقط، لذا يرى أهالي بغداد ضرورة رمي هؤلاء الفتيات إلى الشوارع ليفتشن في النفايات عن قوتهن، أو ليقفن عند إشارات المرور لعل مشتريا يمر عليهن ويشتريهن بسعر المتعة! ونيوتن الذي لا يفقه شيئا في علم الطبيعة والفيزياء يصر على قانونه الثالث: "لكل فعل رد فعل يساويه بالمقدار ويضاده في الاتجاه"! |