أحداث الكرادة بين مطرقة الفشل الحكومي في إحتواء الأزمة وسندان أصحاب الأجندة المشبوهة

 

في البداية ولقطع الطريق على رد أصحاب النفوس الضعيفة ومن يصطادون في الماء العكر من الذين يتعكزون على مجريات الاحداث هنا وهناك للكسب المادي تارة والمعنوي تارة اخرى ونقول نعلم علم اليقين بان للحرية وقعاً سحرياً خاصاً على النفس الإنسانية يجعلها تُحلق في خيال التعبير عن كل ماهو مختلج ومكبوت فيها وبالاخص في مجتمعاتنا الشرقية المعاصرة وما عانته هذه المجتمعات من ويلات الحكام المستبدين الذين لم يُعدموا الوسائل الشيطانية الخبيثة للوصول إلى غاياتهم وتحقيق مآربهم المشبوهة مستخدمين كل الوسائل الغير شرعية وسياسة الاقصاء والتهميش ومصادرة الحريات الخاصة والعامة ناهيك عن الملاحقات والاعتقالات و و و كل هذه الاشياء مجتمعة جعلت مجتمعاتنا تحلم في اليقظة للتخلص من هذا الكابوس المرعب،  وهي عوامل نفهمها ونشعر بها لإننا كنا من ضحايا هذا الإرهاب العقدي والمذهبي والثقافي الذي مارسه الطاغية المقبور صدام لعنه الله وحزبه الفاشي ولكن حينما تبدأ أمطار الحرية  بالهطول على شعب أو مجموعة أو فئة ما فإن أول من يحاول إستغلالها هم المحرومون والمستضعفون الذين عانوا ماعانوا من شتى أنواع الظلم والقهروالاستبداد والتعسف بكل أنواعه  والسؤال هو.... ماهي حدود الحرية التي يجب أن يتمتع  بها الفرد أو المجموعة ضمن نطاق المجتمع وفق المنظور والمفهوم الحقيقي لها ؟؟ وهل يجوز الخروج عن سياقها المتعارف عليه أم يجب أن تكون هنالك ضوابط دستورية قد درست بعناية فائقة كل الاحتمالات والعادات والتقاليد الخاصة بهذا الشعب أو ذاك وأخذتها بعين الاعتبار؟ تلك المنظومة القانونية التي لا يمكن تجاوزها بأي حال من الاحوال وتحت اي ظرف كان مهما كانت الاسباب والمبررات كونها الضوابط التي تقطع الطريق على المشبوهين وأصحاب الاجندة ومثيري الفتن وهذا ما لمسناه من أحداث الكرادة الاخيرة والتي كثر حولها اللغط بين تأويل وتهويل فمنهم من ذهب إلى وجود مليشيات إسلامية تريد أسلمة المجتمع ومنهم من عزى الامر إلى مجموعات تابعة لهذا الحزب أو ذلك التيار ووو الخ وكالعادة تحليلات وتفسيرات لم ينزل الله بها من سلطان دون الإشارة إلى الدوافع والاسباب الحقيقية التي أدت إلى حدوثها، فكما هو معروف لدى الجميع بان منطقة الكرادة وهنا أؤكد على (اهالي الكرادة) وليس المحسوبين عليها من المناطق التي قارعت النظام البائد وأزلامه وقدمت خيرة أبنائها قرابين على منحر الحرية للتخلص من كابوس البعث المجرم ناهيك عن جذورها ذات البعد العشائري العريق والذي لا يمكن بأي حال من الاحوال تجاهله أو تهميشه أو تجاوزه تماماً كما هو الحال في بقية مناطق العراق ومحافظاته وبالاخص الجنوبية منها وعليه فان كل ما يجري خارج سياق الاحكام الشرعية والأعراف العشائرية في تلك المناطق يعتبر خط أحمر لا يمكن المساس به البته، وهنا ننوه إلى أمر هام جدا وهو أن لا تذهب بالبعض المذاهب ويعتقد بأننا ندعوا إلى وجوب وجود أوصياء على الناس في هذا المكان أو ذاك بالعكس نحن مع الرأي القائل بوجوب أن تتمتع جميع اطياف شعبنا الكريم بالحرية والمساواة  دون استثناء أو تمييز بين قومية أو دين أو عرق ،أما أن يستغل البعض من المرضى والحاقدين وأصحاب الاجندة المشبوه هذه الحرية والهامش من الديمقراطية ويقوموا بفتح أماكن للدعارة والبغاء والرذيلة وتشغيل القاصرات وبيع الخمور والمخدرات في المناطق المحافظة فهذا الشيء مرفوض ليس من قبلنا فحسب بل من كل ابناء شعبنا الشرفاء واصحاب الغيرة ناهيك عن الاعراف العشائرية والشرع الإسلامي كون أن الدين الاسلامي هو المصدر الرئيسي للتشريع ،  وللاسف الشديد فقد انتشرت هذه الاماكن المشبوهة أو ما يعرف (( بالمقاهي)) منذ سنتين وخصوصا في الكرادة التي طالبت عشائرها وأهلها ووجهائها مراراً وتكرارا الجهات المعنية بإغلاق بؤر الفساد هذه كونها تعد أفة خطرة تهدد نسيج المجتمع المحافظ وترسخ فيه ثقافة دخيلة عليه من قبيل تشغيل فتيات قاصرات لاغراض معينة وتوفير الخمور وتعاطي المخدرات وسط صمت مطبق مريب من قبل الحكومة مما أجبر شيوخ ووجهاء الكرادة وشبابها للاجتماع قبل يوم من الاحداث وقاموا بجولة على أصحاب المقاهي الاربعة المعروفة في الكرادة وتحدثوا معهم حول الموضوع مباشرة وقد أخذوا تعهد شفهي منهم بعدم تشغيل الفتيات وبيع الخمور والمخدرات بعد أن جمعوا في وقت سابق أكثر من 1500 توقيع من الاهالي لإجل غلق هذه الاماكن المشبوهه وسلموها إلى أحد ضباط الشرطة الاتحادية حيث تعهد الاخير بغلقها، عندها أستبشر الاهالي خيراً بهذا الخبر ولكن ما حصل في مساء اليوم الثاني قلب كل الموازين والاتفاقات بين الطرفين حيث لم تلتزم إحدى الكفاتريات ( كلاسكو) بهذا القرار فما كان من شيوخ العشائر ووجهاء الكرادة وشبابها إلا الطلب من أصحاب المقاهي الحضور إلى (مقر العشائر) وبعد سجالات من الكلام خرج أصحاب المقاهي مسرعين وذهبوا إلى الكافيترية وبدأوا وبشكل مفاجىء باطلاق النار على الناس من الطابق الثاني والقسم الاخر بدأ يرمي من باب دخول المقهى فما كان من منتسبي ( مجلس العشائر) إلا الرد بالمثل على مصادر النيران دفاعاً عن أنفسهم وعن الناس المتواجدين في تلك الساعة في منطقة الحدث مما أسفر وللاسف الشديد عن سقوط شاب من أهالي الكرادة يدعى ( موسى) عندها عم الغضب بين أهالي الكرادة بكل اتجاهاتهم وذهبوا إلى مركز الشرطة ليشهدوا على ماحدث ولكنهم للاسف الشديد واجهوا تصرفاً غريباً ومريباً من المسؤولين في المركز حيث لم تفتح الابواب لهم بل على العكس قاموا بطردهم وسط حالة من الذهول من قبل الاهالي واللامسؤولية من قبل ضباط الشرطة الذين بدأوا بمحاصرة وحماية الكافيتريات رغم هروب جميع أصحابها بعد أن اطلقوا النار على المواطنين ولم يٌعتقل منهم أحد..حيث بقي الاهالي متواجدين في الشارع وفي كل مرة تذهب مجموعة منهم إلى مركز الشرطة للشهادة على ما حدث ولكن دون فائدة تٌذكر وبعد أنتصاف الليل وتحديداً في الساعة الواحدة ليلا وصلت سيارة إلى منطقة الحادث فيها أهل الشهيد الشاب وبدأت والدته وذويه بالبكاء والندب على فقيدهم فما كان من حشود الاهالي الغاضبة إلا الهجوم على المقاهي وتكسير زجاجها عندها قامت القوت الامنية بالرمي وطرد الاهالي بعدما وصلت قوات إسناد لهم حيث تم إعتقال 13 عشر شخصاً من أهالي الكرادة ...انتهى..والسؤال هو من يتحمل وزر ما حدث؟؟ وعلى عاتق من تقع مسؤولية إحتواء جذور الازمة وإخماد نار الفتنة كي لا تصل الامور إلى ماوصلت اليه؟؟ هل هم الاهالي ؟ أم المسؤولين الامنيين وتقاعسهم المشبوه؟ أم الحكومة بإعتبارها صاحبة السلطة التنفيذية وهي المعنية بحماية أمن وأمان المواطنين مباشرة؟؟ لا شك بانها مسؤولية الحكومة فهي تعلم جيداً أن منطقة الكرادة منطقة محافظة وملتزمة ولها تقاليدها العشائرية ولا يمكن نشر الرذيلة من خلال المقاهي والكافتيريات المشار اليها بين أزقتها وحاراتها تحت عناوين الحرية والديموقراطية فالحرية لها حدود تٌلزم الجميع بعدم تجاوزها وإن حصل فانه يقع تحت طاولة خرق القانون والاعراف والتقايد المتبعة، ثانياً كان على الحكومة أن تأخذ بعين الاعتبار حساسية هذا الشهر الفضيل ومكانته عند المسلمين وعدم الاعتداء على حرمته من أيِ كان، والمبادرة باحتواء الازمة وعدم ترك الحبل على الغارب ليأتي بعض المشبوهين ويستغلوا هذا الفراغ ويزرعوا الفتن بين المواطنين، نحن مع إقامة أماكن سياحية وترفيهة محترمة للعوائل الكريمة وللشباب المنضبط وفق ترتيبات معينة غير خادشة للحياء أو لاغراض مشبوه

إلا إننا في الوقت نفسه كمجتمع وشعب محافظ لا نسمح بأي شكل كان الاعتداء على مقدساتنا وتقاليدنا والاعراف العشائرية من قبل هذا الطرف أو ذلك مع إحترامنا الشديد لكل باقي مكونات أبناء شعبنا الابي وبكل إتجاهاتهم وأعراقهم وقومياتهم وأديانهم فحرية الجميع مكفولة دستورياً ولكن ننطلق من باب ان ( حريتك تقف عند حرية الاخرين) لقد قلنا سابقاً ونكررها الان لسنا مع وجود مليشيات أومجاميع مسلحة اوماشابه بل نريد من الدولة أن تأخذ زمام المبادرة لا أن تترك الامور جزافاً لتُستغل من قبل جهات خفية لها أجندة مشبوهة تريد من خلالها إفساد المجتمع العراقي من خلال إيجاد اماكن للدعارة والبغي لنشر الرذيلة وإشاعة قيم الانحطاط والسقوط والتفسخ الخلقي والاخلاقي وهو إرهاب لا يقل  خطورة وشراسة عن الإرهاب البعثي التكفيري الوهابي الاسود الذي يحصد يومياً أرواح العشرات من الأبرياء في شوارع وأزقة العراق دون أن يكون هنالك رادع حقيقي لوقف نزيف الدم المراق وسط عجز تام للجهد الاستخباري وعدم كفاءة المسؤولين الامنيين وتخبطهم العشوائي في مواجهة الارهابيين بعد أن فقدوا زمام المبادرة والضربة الإستباقية الاولى لكشف العمليات الارهابية قبيل وقوعها للحيلولة دون وقوع المزيد من الشهداء من ابناء شعبنا المظلومين
وعلى الدولة  كذلك أن لا تضع أبناء الشعب بين خيارين أحلاهما مر تماماً كما حدث في الكرادة والتي نأمل أن لا تتكرر في أماكن أخرى وعليها المسارعة وأخذ  زمام المبادرة لحل المشاكل بنفسها لا أن تترك الاخرين يتحكمون إلى لغة السلاح لحل مشاكلهم وهو ما سيؤدي إلى عسكرة المجتمع وسقوط هيبتها وبالتالي سقوطها ولهذا فهي المسؤولة الاولى والاخيرة عن ما جرى في الكرادة وغيرها وعليها الرجوع إلى أصل المشكلة و محاسبة المقصرين والمتسببين الحقيقيين واطلاق سراح ابناء الكرادة المعتقلين لا أن تسيسها لتصفية الحسابات مع الاخرين على حساب الدم والعرض العراقي وهو ما رأيناه واضحاً وجلياً في موضوع الارهاب والارهابيين وعلى رأسهم المجرم الهارب الهاشمي وغيره من إخوة صابرين الذين خضعت ملفاتهم لحسابات ومصالح سياسية ضيقة ومشبوهة.