(الاستقالة شبع اخلاقي، عدم الاقتراب من السلطة شبع ديني)الكاتب
نشرت مجلة الف باء مقابلة مع زوجة الرئيس قالت فيها ان خمسة ملايين عراقي يحبون الرئيس فيهم الكفاية اي مامعناه ليذهب ثلاثة ارباع سكان البلاد الى الجحيم والوجه الاخر يجوز القضاء على الذين لايحبون الرئيس. كلما اخطأ الرئيس خطأ كارثيا كان المطلوب هو ان يستقيل الشعب. ايا كان الرئيس، اسمه شكله قوميته دينه مذهبه منطقته عشيرته حزبه عقيدته افكاره زوجته طبيعة رئاسته لن يستقيل حتى لو بقي حاكما على فرد واحد على متر مربع واحد وضاع الشعب والوطن. لماذا؟ لنفرغ اولا من وجع الراس. يردد الشعب العراقي منذ ازمنة طويلة قصصا قياسية حول اخلاق المجتمعات الغربية ( هنا اسلام بدون مسلمين هناك... الخ) و ( وزير النقل البريطاني استقال لان قطة...الخ) و ( رئيس الحكومة الهولندية ياتي على دراجة...الخ) و ( وزير الدفاع الالماني استقال لان سطرا من شهادة الدكتوراه التي يحملها ...الخ) قصص تكملها ايضا ( خو مثلنا...) و ( هناك...). الكتاب العراقيون يمطرون الناس بدعوات استقالة هذا او ذاك. منذ كارثة الحرب الاهلية، كارثة جسر الائمة، كوارث التفجيرات المتسلسلة، كارثة ضياع البحر العراقي بالصفقة التي لن نتحدث عنها ولن نتحدث، كارثة نهب الخزينة العامة، كارثة الطفولة، كارثة الامية، كارثة الارامل ، كارثة حرق المؤسسات، كارثة الصحة، كارثة تدمير الارض، الكارثة البيئية، ومنذ كوارث تلد كوارث وهناك من يصيح استقيلوا استقيلوا ولم يستقل سوى شخص واحد هو عادل عبد المهدي فما هي القصة؟ تعال اقول لك مالايقوله احد غيري لان الجميع يتربص باستقالة الجميع فلايقول احد الحقيقة. القصة... يلعب الاطفال العراقيون في الشوارع بحكم عدم وجود ملاعب وضيق المساكن وغياب التخطيط العائلي، من العابهم طرق باب الجيران والهروب، بعض الجيران غير متسامحين ، يخرجون للركض خلف الاطفال، اخر طفل يريد ان يسبق الذي امامه باي ثمن حتى يتم القبض على الذي خلفه. كبر...جبار...وصار رجلا... جبار عندما يريد الذهاب من الشطرة للناصرية يظل يدور حول السيارة حتى يحصل على افضل كرسي او يتجنب الشمس او يجعل الاخرين هم الذين يجلسون بوسط المقاعد او قرب الباب او النوافذ المكسورة. تخرج جبار...صار معلما... حلم المعلم ان يصير مدير مدرسة، صار جبار مدير مدرسة وظل يحلم بان يصير مفتش تربوي. ربح اليانصيب وصار وزير تربية. طفار شقيق جبار دفع عشرة اوراق ليصير شرطي وقد اكتشف احد الضباط موهبته فرشحه ليصير ضابطا وفعلا ترقى حتى وصل الى درجة لواء. اغلب الصور التي يلتقطها عراقيون يظهر فيها اشخاص غير مدعوين يعملون حركات تلفت النظر، تلاميذ المدارس لايتم تصوير ذكرياتهم والصورة الوحيدة لهم هي الصورة الشمسية عندما يدخلون المدرسة، هؤلاء كبروا وصاروا في الاذاعة والتلفزيون. حلم المراة العراقية ان ياتيها ابن حلال واذا بها امام مالك الحلال والحرام يرشحها لتصير نائبة برلمانية. انسان كان في القاع وصار في القمة. مجتمع بدون تدرج ولا درجات. اما ان تكون مديرا عاما او صباغا للاحذية وزير او صاحب دكان جنرال او بائع دهين استاذ جامعة بشهادة مزورة او فراش مدرسة بشهادة حقيقية. شعب كامل يتوسل بالموظفين كي يعدلوا له وضع النقطة في بطاقة الجنسية من فوق الى تحت او من تحت الى فوق خليل لو جليل جليل لو خليل ثم يجد خليل لو جليل نفسه مديرا للجنسية العامة. من لاجئ الى وزير هجرة ومهجرين من فقير معدم الى صاحب حسابات بنكية من شخص لم تدخل روضة اطفال ولا مدرسة ابتدائية ولا متوسطة ولا اعدادية الى زعيم تحرك باصبعك او ريشتك الملايين. لنكن واقعيين. الاستقالة في المجتمع الجائع تحدث من اسفل الى اعلى. الناس تتقاتل من اجل وظيفة كناس او معلم او شرطي او جندي، تدفع الاموال وتوسط الواسطات وتجند اقصى طاقاتها لتحشر نفسها وسط الجموع. عادل عبد المهدي استقال لانه ببساطة ابن وزير وابن عائلة كانت في بيوتها كراسي ولانه درس ولانه ملا جوفه بالكتب ولانه عاش في محيط يهتم بالافكار والامور المعنوية ولانه ركب الطائرة عدة مرات وعرف جواز السفر وراى الشكر والشاي متوافرا في السوبر ماركت ولانه عرف الكبار ودخل في مشاريع كبيرة وهو في الشباب. لو بقي المطلوب للاستقالة وحيدا فوق الكرسي والناس جثثا من حولة لما استقال الا ان يوجد الانسان اولا وياتونه بالكرسي وليس ياتونبالانسان الى الكرسي. اكان هذا رئيس وحدة تنظيف او رئيس وحدة بلدية او رئيس مركز شرطة او رئيس عرفاء او رئيس حزب او رئيس عصابة. كفوا يرحمكم الله واذهبوا الى بيوتكم فلعل امرؤ يصيب من اهله نكاحا خيرا له من صياح الاستقالة. بقي امر...كيف بمن لم يجد بحياته نكاحا وصارت نساء البلاد تحت كرسيه، هل يستقيل؟ ايها السادة ليس العراق هو مكان تربية ادوارد الثامن. ابنة زوجة الرئيس يعني ايضا ابنة الرئيس تقول عن ماثر ابيها وفضله على اعمامها الذين انتشلهم من( العوجة )الى (حي التشريع) كان اقصى طموح احدهم ان يصبح معلما. لايفوتك ايها القارئ البخيل ان تنتبه الى ان مجتمعك يضرب مثل السوء بالمعلم وبالمدرسة الابتدائية. شخص مجهول ياتي من وراء الحدود كل همه ان يجد مكانا يؤي اليه فيدخل مدرسة دينية ثم يصير مفتيا للامة هل يستقيل؟ ولماذا يستقيل؟ انت وانا لماذا لانستقيل مما نحن فيه ؟ الا نريد الظهور واثبات وجودنا مع فشلنا في ايصال فكرة ذات قيمة للناس اذا لماذا لايستقيل الكتاب اولا ثم بعدها يتبعهم الخطاب. طفل منعوه طيلة طفولته من الكلام لانه الثغ وبدل تقويم اسنانه ولسانه ظلوا يضحكون عليه وصار خطيبا للجمعة هل يستقيل. في بلد اهله يعتبرون الصعود في كرسي السيارة الامامي ميزة اجتماعية في بلد الانسان يجمع حوله اكبر عدد من الاعمام ليحصل على الهيبة ثم يصير وزيرا تتراكض خلفه وامامه وبين يديه وحتى فوقه رجال مشوربة هل يستقيل ولماذا وكيف وباي منطق نفسي او حسابات عقلية ان يستقيل. الجميع الجميع يريدون اخذها...لماذا اذا هو ينطيها؟
ستقولون اننا نراهن في دعوتنا لاستقالة هذا وذاك على تدين الاشخاص انفسهم. ايها السادة الذين يقتربون من دراسة الدين يصلون الى نقطة حرجة بين الايمان والكفر هذه منطقة اسميها ( نقرة الشيطان) الاغلبية يقعون فيها ولانهم مشوا مشوارا في مظاهر الدين يعز عليهم الرجوع وقتها فيقررون اتخاذ الدين وسيلة لصيد الدنيا. لايمكن ان يستقيل لانهلايقدر ان يستقيل. انصحوهم سددوهم وفروا لهم خيارات افضل توسلوا بهم قعوا تحت احذيتهم هذا يمكن ان يغير اما الدعوة للاستقالة فهي عدم فهم لسايكولوجية الناس التي وصفها علي العظيم بقوله ( اتقوا بطونا...مابها؟...جاعت ...ثم...ماذا؟؟ صارت في قمة السلطة) مجتمع جائع لكل شيء تطالبون افراده الذين تاتيهم الدنيا بضربة حظ او الحق ضربة تعاسة بان يستقيلوا مما هم فيه. هل هذا فيه احترام لعقول الناس؟ |