استهداف الإعراس وقتل فرح الناس |
إن ليلة العرس أو الزفة أو الفرح في اللغة العربية الفصحى هي حلم أنساني جميل لكل الناس وقد اعتاد العراقيين عندما يقدم احدهم خدمة لهم يردون ويقولون له إنشاء الله نخدمك يوم عرسك . إي نرد لك الفضل في ليلة زفافك لأنها تشكل حلم وفرحة يحب العريس والعروسة ان تحتفل كل الدنيا معهم وحتى الشمس والقمر. لذلك قيل في المثل الشعبي (إذا ضامك الضيم تذكر أيام عرسك) لأنه يمثل مرحلة العطاء والاكتمال للإنسان وفيه اللحظات الجميلة من فرح الناس والأهل والجيران وحتى المارة الذين يشاهدون موكب العرسان. ويحتفي العراقيين غالبا في يوم الخميس دائما بإعراسهم لان تعقبه عطلة الجمعة وهي ليلة مباركة تعم فيها المودة والرحمة. ولأهمية العرس في التواصل الإنساني كانت في ملحمة كربلاء يوم مخصص لزفة القاسم ابن الحسن الشهيد الذي تخضب بالدم بدل الحناء وهي دلالة رمزية ورسالة إنسانية من سيدنا الحسين عليه السلام إن الحياة يجب إن تستمر رغم إرادة الشر والظلم بإشاعة الخوف والاضطهاد. وهكذا كانت إعراس العراقيين فرصة للفرح الوقتي في زمن الحروب والاقتتال على مدى أربعة عقود مضن فكان فرحة العرس في بعض الأحيان يتحول إلى الم وغصة لان اغلب الأصدقاء والإخوان في جبهات القتال أو السجون. وفي يوم العرس يتذكر الأهل الأحبة الغائبون ليكملوا فرحتهم الناقصة الغير مكتملة بغياب الأحبة الذين غيبهم الموت أو الغربة أو السجون ولكن أرواح الغائبين تسكن الطيور والبلابل التي ترافق موكب العرس لتضفي نوعا من التعويض النفسي لغصة الإباء والأمهات اللواتي يخلعن السواد مؤقتا من اجل فرحة يدعون الله رب العزة ان تدوم. بعد الاحتلال والتغيير وسقوط الصنم شهدت إعراس العراق مجازر وقصص الم تشيب رأس الصبيان عندما تروى في التاريخ القريب. في محافظة صلاح الدين كان موكبا للعرسان يحتفي به في شوارع المدينة في لحظة تحول العرس إلى غصة وألم بعد إن أطلق جندي أمريكي النار على سيارة العرسان لأنها اقتربت من موكبه فحول دمائهم إلى بركة ترسم الحزن وأرواحهم طيور في سماء الله تحتفل في عرسهم الدموي بمباركة ملائكة السماء وأجسادهم تلاصقت بالدم المجنون على الأرض. في بغداد في سنة 2004 وصل عدد العروسات التي اختطفن من زفات العرس إلى سبع وهي كانت حالة انتقامية للعروس العراقية لثار مبيت مسبقا لإشباع رغبة الانتقام المريض ويبقى العريس يعيش صدمة عروسه المختطفة والأهل الم المصيبة وبعد أيام ترمى العروس بثيابها البيضاء وهي مضرجة بدمائها في مزابل بغداد لتحجز لها مكان في ثلاجات الطب العدلي مع الجثث المجهولة التي تحتفي بالعروس في كهنوت الأرواح التائهة التي تحوم بالمكان. وابتدع الارهابين إن ينقلوا أسلحتهم عبر زفات العرس الوهمية لكي يخلطوا الأوراق على القوات الأمنية لتبقى في دوامة الشك بعد إن اعتقلت أكثر من إرهابي يتقمص دور العروس وهو مرتدي زى العروس مع زفة وهمية وهم ينقلون الأسلحة والمتفجرات او المختطفين. وهذا الإشكال أوقع القوات الأمنية في دوامة تفتيش مواكب العرسان وليس يخفى عليكم ما حدث في ما يسمى عروس الفلوجة التي قتلت في ليلة زفتها من قبل احد جنود السيطرة ولولا الخيرين ورجال العقل لتحولت الحادثة الى مجزرة أخرى وفتنة طائفية لا تحمد عقباها. ومجزرة أخرى تندى لها الإنسانية في خطف عروس التاجي مع المحتفين بها والذين أعدمتهم قوى الإرهاب التكفيري وإما العروس تناوب عليها عتاة البشر في حيوانية بهيمية سبعة أيام على اغتصابها وهي تصرخ في سماء الله وبيته على ظلم الانسان عندما يتحول إلى شيطان ليحكم عليها مفتي دولتهم بقتلها عن طريق قطع أثدائها ورميها في دجلة لتصبح حورية غير مكتملة تبكي عليها النوارس في الليالي المقمرة. وبعد التحسن الأمني الوقتي خلال عامي 2008-2011 اتخذت إعراس العراقيين شكلا اخر وفرحا لكسر الطائفية رغم الأصوات المتلبسة بالدين التي تريد قتل الفرحة في عيون العراقيين وترى مواكب العرسان تتوقف على جسر الجادرية والعروسين يرسلون بأمنياتهم مع زهور النرجس التي يلقونها في النهر من اجل دوامة الفرحة والسعادة. خلال الشهريين الماضيين تعرضت ثلاث إعراس إلى تفجير إرهابي في حي الجهاد والعامرية والمقدادية راح ضحيتها شباب في عمر الورد وبنات بعمر الزهور حولوا العرس إلى مأتم حقيقي وكسروا نفسية العروس التي في المأثور الشعبي لها عتبة خير او مقدم فرح ليلصق بها هي نذير شؤم ولينسوا الفاعل الحقيقي الذي لا يريد للعراقيين إن يفرحوا أو تنتشر البسمة . ولكن هي رسالة أخرى لو تفحصنا في أهدافها بعد تفجير المقاهي والملاعب هي مؤشر على إن أهداف القاعدة في التفجيرات هي مؤشر لقلة المتطوعين من الشباب في الفترة الأخيرة وهي (لا أفراح لكم ولا إعراس لكم حتى نحقق أهدافنا ) هذا المؤشر يلقى على كاهل الأمن مسؤولية كبيرة في حماية المساجد وقاعات الإعراس والأفراح وحتى الزفة تصير مثل مواكب المسؤؤلين ويمكن تفكر شركات السيارات ان تصمم سيارات مدرعة لزفات العرس العراقي . فكم من موكب عرس فجر وتحول العرس الى مأتم وغصة الم تضاف إلى ماسي العراقيين. أنهم غربان الشر يتبادلون الأدوار في منع الفرح العراقي بكل صوره في استهداف أماكن الفرح ومباهج الفرحة أنهم يريدون إعادتنا إلى قرون الظلام في وسط أيام الشمس التي لا تغيب. وحول حالتنا مع الإعراس الدامية هنالك مثل عراقي يقول وصلت الزفة والعريس ما وصل ......... فمتى يصل عريسنا المنتظر ليحقق لنا الأمن والرخاء والازدهار. |