ليس أوضح من نتائج الأنتخابات التي جرت في نيسان الماضي والتي أماطت اللثام عن حقيقة من شأنها قلب المعادلة الحالية إذا ما بقيت الأوضاع كما هي , ويبدو أن هذا المؤشر يعد السبب المباشر في ما تبنته كتلة دولة القانون من موقف داعم ومطالبة شديدة بنظام القائمة المغلقة . إلقاء اللوم على قانون الأنتخابات والسعي لتعديله ليس لتغطية الفشل الذي أفرزته تلك النتائج , إنما هي محاولة عملية لتفادي المقبل , سيما أن الهزيمة ولّدت مشاكل كثيرة ,على المستوى الداخلي للكتلة فضلاً عن عزلتها الوطنية , حيث تمر بإرهاصات ولادة واقع يتقاطع تماماً مع أرادة المحور (حزب الدعوة) ولم تعد هناك قيادة مركزية واحدة للكتلة .. بدأ الشرخ بضم مجموعة غير متجانسة لصنع توليفة مؤيدة لأدعاء أُريد له أن يكون واقعاً بنظر الجمهور , ذلك الذي يعطي بعداً بطولياً للسيد المالكي على مستوى الطائفة . لم تنجح عملية الأندماج على مستوى المحافظات , الأمر الذي جعل الكتلة مفتّتة , ولعلها عادت إلى مكوناتها الأساسية وصارت مجموعة من الكتل المتنافسة أو المتصارعة (في بعض المحافظات ). تطورت الأمور إلى أبعد من ذلك , فثمة صراع خفي بين رئيس الحكومة وبعض قيادات حزبه (كالأديب ) , وآخر بين حزب الدعوة بشكل عام وكتلة مستقلون التي يقودها ( الشهرستاني ) الطامح بخلافة المالكي في حال رُفض الأخير كرئيس للحكومة المقبلة , سيما أن قرار تحديد الولايات لم تبت به المحكمة الأتحادية بعد . دولة القانون فقدت بريقها السابق ولم تحظى بشيء يمكن أن تبني عليه أمل الأستمرار وبالتالي فأنها تُدرك جيداً , بعد الهبوط المدوّي , أن الحفاظ على أمتيازاتها لا يمكن أن يحدث بذات الوسائل السابقة (أبرزها الأزمات ) . الرؤية نضجت على ما يبدو لدى السيد المالكي وطاقمه الحزبي .. بادرة خطيرة , لكنها وصفة لحالة الموت السريري لمدمني السلطة .. القائمة المغلقة كفيلة بتأمين عدد موالي للرئيس بعد أن فقد السيطرة على القائمة , فرمز الكتلة وصورته مضاف إليها بعض الأزمات ستكون شعاراً ناجحاً لعبور مرحلة الخطر .. بالرغم من كونها لا تعبر عن أرادة الجماهير , بيد أنها ستُعيد هيكلة (دولة القانون) بما ينسجم مع أهواء الحلقة المقربة من الرئيس . المرجعية الدينية مصرة على إظهار خلافها مع الحكومة , ولعلها وجدت الفرصة سانحة لإبراز هذا الخلاف برفضها القاطع لنظام القائمة المغلقة , لكن دولة القانون سوف لن ترضخ هذه المرة فهو الخيار الأخير للبقاء , وإلا فالقادم سيشهد أنكفاء حزب الدعوة وعزلته وتشظيه , بينما ستكون أجواء الهدوء والتفاهمات سائدة في البلد , في ظل غياب منهج الطامحون برئاسة مزمنة.
|