وماذا عن زمام الحكومة؟

 

يُفلت زمام لسانه على الآخر، ويُطلق قذائف مدفعيته الثقيلة باتجاه أقرب حلفائه هذه المرة .. هذا دليل على ان المفاعل النووي الداخلي لم يعد قابلاً للسيطرة .. انه ينفجر في وجه التيار الصدري والمجلس الأعلى الإسلامي اللذين مكّناه من تولي رئاسة الحكومة للمرة الثانية بعدما كانت ستكون من استحقاق غريمه اياد علاوي، وقدّراه غير مرة على الافلات من استحقاق المساءلة والمحاسبة أمام مجلس النواب، وبين أيديهما حتى الآن ورقة بقائه في المنصب.
لماذا يركب نوري المالكي هذا المركب غير الهيّن؟
انه يفعل هذا لأن هؤلاء الحلفاء قد طلّقوا أخيراً مبدأ التقية، وبدأوا يُفصحون علناً عما كانوا يحرصون على إبقائه حبيس المجالس مذكّرين جلساءهم دائماً بان "المجالس أمانات".
ولماذا ينتقل الشركاء من مرحلة التقية الى مرحلة التصريح المكشوف؟ لأن الوضع مع السيد المالكي قد بلغ مبلغ الفضائح المجلجلة التي بات التغاضي عنها خيانة سافرة. وهل ثمة خيانة أكبر من السكوت على ما يؤدي الى سفك دماء الناس يومياً بالجملة؟
التيار والمجلس يسعيان لابراء ذمتهما من المسؤولية عن الفشل المركّب المتواصل لحكومة المالكي الثانية التي هي حكومة تحالفهم "الوطني"، وهو (المالكي) في المقابل يجهد لتحميلهما هذه المسؤولية. انه لا يقرّ ولا يعترف بأي فشل يتعلق بالاسلوب الذي يدير به الحكومة والاجهزة العسكرية والأمنية المصرّ على وضعها كلها تحت امرته وباشرافه.
الآخرون هم العلة والسبب، من منظور المالكي .. والآخرون ليسوا علاوي والنجيفي والهاشمي والعيساوي وبارزاني.. انهم أيضاً مقتدى الصدر وعمار الحكيم .. لولاهم ما عجزت موازنة بمئة وعشرين مليار دولار سنوياً عن حل مشكلة الكهرباء أو عن اطلاق الدورة الاقتصادية أو عن النزول بمستوى الفقر والبطالة .. بل ولا عجزت حتى عن توفير حاويات وسيارات لجمع القمامة من شوارع المدن. ولولاهم ما فشل ما يزيد عن مليون جندي وشرطي في الإمساك بمن يفجرون ويقتلون بحرية منفلتة من الموصل الى البصرة، في التوقيت الذي يحددون وفي الأماكن التي يختارون وبالأسلوب الذي يقررون .. بل وصل هذا الفشل الى حدّ عدم القدرة على حماية سجنين يضمّان عتاة الإرهابيين وقياداتهم.
طيب يا سيد المالكي، لنكن كما تريد وتشتهي، ولنقتنع بان الآخرين هم الجحيم وانك مخذول ليس فقط من الحلفاء وإنما أيضاً من الشعب كما صرح أحد مساعديك، لماذا لا تخرج من الجحيم؟ لماذا لا تُلقي بالكرة في ملعبهم؟ لماذا لا تترك الفشل ليكون حصة الصدر والحكيم وعلاوي وبارزاني لا حصتك؟ لماذا لا تُفلت زمام الحكومة، كما فعلت مع زمام لسانك، وتتركه ليتورط به غيرك؟