الحنين الى الغربة

 

الاوطان لم تعد ملاذا امنا للشعوب ولم تعد الشعوب تعشق الارض التي تولد فيها ،واستبدلنا حب الاوطان ببغضها والحقد عليها وسبها باعتى الشتائم ،والدعاء عليها ليل نهار، فكل مافي وطني يبعث على القسوة، فمشاهد الدم لا تبارح عيني، وجثث اخوتي ما تزال تتوسط ارجلكم يبصق عليها الف فم منكم ، ويتامى يستجدون عطف اعينكم الهاربة من خطايكم، فكل ما في وطني ماسأة، وضحايا ، وشلال دم،  وجراح لم تشفى ،ومقابر اغتصبت كل شبر في ارض بلدي ، وسارقين يبتسمون في وجوهنا كانها تقول ستبقون عبيدا لنا!

حتى الطبيعة انزلت علينا قسوتها، فاجواءنا تنم عن الحزن ودرجات الحرارة عند الخمسين وهواءنا مثقل لا يبارحه الغبار.

وفي بلدي هناك اصنام ما زالت تعبد، فهبل واللات والعزى، ما تزال تستوطن ارواح شعبي، فالف قاتل تهوون وانفسكم تعشق شياطينه التي تستبيح كل دم، فذاك القاتل عنه تدافعون وتلك التي تدق طبول الحرب لها تهلهلون .. والف فم يصرخ بانكم قادمون كي تزفون ارواح واجساد للمقابر !!

كل هذه الاوصاف اتسمت بها بلدان الدول العربية اي مجتمعاتنا التي تربت على ايدي دكتوريات ظالمة، حتى ان بعضنا  اخذ بالنفور خارج الاوطان عسى ان يجد ظالته التي افتقدها في بلده، من عدل وحرية وضمان للحقوق، ومن لم يهاجر منا لا يبارح الحنين الى الغربة افكاره.

فالدكتاتوريات في بلدانننا العربية انتجت طبقات اقطاعية تنهب الثروات وتعمل على استغلال المواطنين وجعلهم عبيدا وجسورا للوصول الى غاياتهم..، ونحن ما زلنا تائهين نستجدي حقوقنا المسلوبة بارادتنا التي ترهبها بعض مخاوفنا الوسواسة، فمتى نثور على انفسنا على حالنا.

مات الوطن بموت (مصطلح الوطنية) فمن يدافع عن القيم والمبادئ سترموه جثة هامدة في حاوية النفايات، فلغة الرصاص هي السائدة في هذا البلد، ومن يملك اكثر من عصابات القتل وكواتم الصوت هو من سيرجح صوته ! ،ومن يستبيح المال العام ويسرق حتى رغيف الخبز من الجياع سينصب (اله) لكم! ، اما من يعف نفسه عن اموالكم واراضيكم فبتلك الزاوية ستضعونه.

لم يخيل لي يوما اني سأمقت بلدي واكره ارض ولدت فيها ، أبصق على شوارعها، اشتم احجارها، وادعوا عليها وعلى شعبها.. لا تستحقون سوى (دكتاتور) كي يملئ بكم الحفر..

فشوارعها عبوسة مقفرة واناسها ذو وجوه سارقة اختفت منها الرحمة، لا اسمع سوى صدى صوت صرخات طفلة يتيمة يصيح بوجهها الف منكم يأكل لحمها افواهكم الشرسة!!.