بعدما قتلوا الوعي الوطني العراقي وها هم يشيعونه بكل براءة ونواح و أسى

 

 

 

 

 

 

إلى جانب الجرائم السياسية والمالية الأخرى ، فقد ارتكبت أحزاب الإسلام السياسي ـــ سواء منها الشيعي أو السني على حد سواء ـــ أشنع و أفظع جريمة إلا وهي تشويه الوعي الوطني العراقي ومن ثم تدميره و تركه أنقاضا و شظايا عند الشارع العراقي وإعلاء أو إحلال محله جرثومة العقلية الطائفية و طغيانها الساحق ، من خلال ترويج وممارسات ، طبعا إضافة إلى تخندقات و اصطففات طائفية ، بحيث انكفأ و انزاح الوعي الوطني بعيدا مستغرقا في دهاليز و أروقة الغيبوبة التاريخية .
و قد أدى غياب الوعي الوطني إلى الانحياز الطائفي تارة و التآمر على المصلحة الوطنية العامة تارة أخرى ، زائدا عدم الاكتراث و التفرج السلبي على بلد لا زال ينزف دما ومالا و خرابا و أرواحا و حضارة وتمدنا و سمعة ، في أكبر مأزق تاريخي الذي جرت من خلاله عملية تخريب روحي منظمة ومتواصلة للإنسان العراقي ، و ذلك قبل تحطيمه الجسدي و تحويله إلى هدف دائم لقتل يومي مريع و رهيب ، مصحوبا كل ذلك بعملية إذلال و قهر و حرمان بسبب غياب الخدمات و ضراوة الفقر ، و انعدام الأمان و وسائل الترفيه و التسلية ، و من ثم إكراهه على العيش في إقامة شبه جبرية و دائمة ، مع منغصات و إزعاجات و توترات نفسية يومية و مستمرة ..
و قد كانت عملية التواطؤ المتعمد مع الإرهاب و عدم مواجهته مواجهة جذرية و جدية و قاطعة ، و تركه على هواه معربدا ومتجولا و منتشرا بعملياته الإجرامية اليومية و المدوية بتفجيراتها المهلكة و المدمرة للأرواح و الأموال ، نقول لقد لقد جاءت عملية التواطؤ المقصود مع الإرهاب هي الأخرى لصالح انتشار جرثومة االطائفية على حساب إضعاف الوعي الوطني من خلال تحويل العراقيين إلى خصوم و أعداء طائفيين ومذهبيين فيما بينهم ، كعملية توظيف خبيثة و وضيعة لتقوية النفوذ السياسي لفرسان المحاصصة بهدف التصويت الطائفي للأمراءالطائفيين منهم " المجاهدين " أو " المقدسين " .أو بين بين من طفيليات الطوفان العراقي الجاري!..
بعد كل هذا يأتي أحدهم ـــ الذي كان أحد المساهمين في عملية التخريب للوعي الوطني العراقي من خلال تكريس الفئوية الطائفية المسلحة قائلا (

(( لكن ما الفائدة اذا كان الشعب لا يطالب، فلا يوجد احتجاجات ضد سلب الأمن ونقصه، ولا احتجاجات ضد سلب الحقوق ))
و لكن قبل أي شيء أخر عن أي شعب نتكلم ؟ ، فأين هو هذا الشعب الموحد و متين الأواصر الوطنية و الاجتماعية ،الواعي لمصالحه الفردية و الوطنية وتفضليها على الانحياز الطائفي ؟..
حقا أين هو هذا الشعب المتماسك و المتحد بوحدته الوطنية ؟! ...
أليس أنتم من مزق أو مزقتم النسيج الوطني لهذا الشعب من خلال محاصصات و تخندقات و اصطفافات و صراعات و صدامات طائفية على سلطوية ، فتحول إلى بقايا و حطام شعب مفتت أقواما و مللا وأعراق متناحرة ..
بل و متصارعة حتى داخل طائفة واحدة ، التي تحولت هي الأخرى إلى فرق و فئات متنازعة إحداها تعادي الأخرى : خذ مثلا الكراهية و العداوة المزمنتين و المتبادلتين بين الصدريين و الدعويين و المجلسيين على سبيل المثال و ليس الحصر..
و هكذا ففي السابق إذا كان يوجد خصم واحد أو عدو واحد فقط عند غالبية العراقيين إلا وهو النظام الديكتاتوري السابق ، فالآن ثمة عشرات فرق و فئات من أعداء و خصوم ، أحدها تتربص بالأخرى بغية سحقها و تدميرها أو إخضاعها للهيمنة و الطغيان ..ا
هذا ما فعلتموه بالشعب كأحزاب طائفية و إسلامية ، ومزقتم نسيجه الاجتماعي وأواصره الوطنية شر.تمزيق و تفتيت ..
والآن لم يبق منه غير الاسم فحسب ..
ور بما لهذا السبب سوف لن ينتفض الشعب العراقي بشقيه الشيعي و السني هبة واحدة و موحدة على غرار ما حدث و يحدث في مصر مثلا ..
لكون فرسان المنطقة الخضراء قد أفلحوا في حصر المشكلة العراقية على أساس أنها باتت مشكلة هذا شيعي و ذاك سني فحسب ، و أنهم منقذون وحماة طوائفهم ،و ذلك في أكبر عملية احتيال تاريخية .
بينهم هم ليسوا في واقع الأمر سوى زعماء عصابات سياسية و مجموعة لصوص جشعين ، لا يعنيهم غير أمر السلطة و تكديس الأموال من السحت الحر ام ..