علًاوي... مدنياً ! |
التحليل المنطقي لحكم وبناء الدولة ينعكس من خلال مراجعة مجموعة العوامل والاجراءات والسلوكيات لسلطة الحاكم او المفوض بالحكم في البلدان الديمقراطية , وبعد ثلاث تجارب في بناء الدولة العراقية الجديدة بعد اقرار شكل نظامها السياسي الديمقراطي , حقيقة التطبيق لبناء الدولة الديمقراطية محكومة بانسجام تطبيقات المفهوم الديمقراطي للنظام مع شكله , ان ميزات الديمقراطيات الشكلية او حديثة التجربة , تكمن في تقاطع الشكل مع تطبيق المفهوم وغالبا ما تعتمد هذه الديمقراطيات على الامور الاجرائية كالعملية الانتخابية دون النظر الى حجم شفافيتها , او استخدام السلطة لبناء الحزب او اجراءات اخرى خالية من الواعز الحقيقي لبناء الدولة الديمقراطية , اما الديمقراطية المنسجمة الشكل مع تطبيق المفهوم فتلك ديمقراطيات حقيقة حيث تتناسب الاجراءات التطبيقية للديمقراطية كالعمليات الانتخابية وتأسيس المنظمات المدنية واجراءات اخرى مع الغايات والدوافع الحقيقية لها كالشفافية ومنح فرص التنافس السياسي المتكافئة وحرية التعبير عن الارادة والاستقلالية السياسية والمساواة تحت مظلة القانون وبناء دولة المؤسسات على اساس الكفاءة والنزاهة خارج المعايير والهويات الحزبية وغيرها وتلك اجراءات توازي المضمون الحقيقي , ومن خلال تجربة ثلاث انظمة حكم عراقية هي حكومة علاوي والجعفري والمالكي وبالرغم من تفاوت المدة الزمنية عن الاخرى الا اننا نستطيع ان نؤشر بعض الدلالات لكل منها , بغض النظر عن طبيعة التشكيل وعدد الوزارات لكل من هذه المراحل الحكمية وخارج مزايدات هيئات الاجتثاث وطبيعة الامتيازات وحجم الفساد المالي وتفشيه حيث ذلك لايعنيني في تشخيص المحتوى الاساس للموضوع وهو بناء الدولة المدنية اللا ايديولوجية , استطيع ان اضع مرحلة المالكي التي لازالت مستمرة منذ 2006 على انها نواة بناء المؤسسة الحكومية الحزبية , مع اختفاء كامل لمتطلبات الكفاءة الادارية وانتعاش لازمات الثقة وهزاتها وارتداداتها وغياب تام لتقاسم السلطة وشراكة مهلهلة مع غياب تام لارادة سياسية حقيقية , وفقدان المالكي لآليتي الحكم فلم يستطيع ممارسة دور الدكتاتور الناجح والذي يتطلب منه توسيع قاعدته الجماهيرية على حساب خصومة ضمن آليات الاقصاء والابعاد للقوى المنافسه له مع خلق فرص رفاهية اجتماعية كما هي بعض الدكتاتوريات الناجحة كنظام حكم عبدالناصر , كما انه لم يستطيع لعب دور الديمقراطي الناجح , باحتواء خصومه السياسيين وتحميلهم مسؤولية الشراكة الحقيقية للحكم , فكانت ومازالت مرحلة المالكي مليئة بالتصادمات للارادات السياسية والادارية بوزارت اما تحزبية او تدار بوكالات في ظاهرة فريدة لبناء الدولة الديمقراطية كما انها تمثل امتدادا لآليات الحكم الآيديولوجي من خلال اطلاق العنان لممارسات على اساس طبيعة دينية من امثلتها استخدام دور العبادة كمنابر حزبية او استخدام الغطاء الديني كسلطة على حساب القانون , اما حكومة الجعفري فانها سيدة المفاتيح لابواب اسست الفعل التطرفي السياسي الديني فكرا وتطبيقا حيث نشط الفعل الطائفي وردة فعله المقابل لتختفي ملامح المدنية في بناء الدولة وغياب مؤسساتها وعلو كعب الميليشيا الطائفية لكل الاطراف مع توترات مجتمعية مخيفة , وهي المعضلة الرئيسية في بناء الدولة المدنية وتكاد تكون العقدة الاكبر التي تواجهها الديمقراطية التي لايمكن لها التعايش الا في اجواء سلمية شفافة , علاوي والستة اشهر الاصعب في تأسيس الدولة , وعلى الرغم من حظوظه الاقل حيت لم يكن له مظلة شعبية , فلم يكن حاكما منتخبا , وفصر مدة الحكم , وحجم التحديات لبداية بناء مؤسسات الدولة وتحريك عجلتها بعد الانهيار التام الذي اصابها من خلال قرارات بريمر التي اصابت الشلل للكثير منها , بالذات المؤسسات العسكرية والامنية , وعلى الرغم من اختلافي في وجهات النظر مع الكثير من المواقف لطبيعة السلوك السياسي لعلاوي , وبما انني اتناول طبيعة ادارة الدولة بتجرد عن الشكل والمفهوم السياسي للشخوص , وان المراحل الثلاثة لازالت نظرة في حياتنا اليومية , فارى اننا نتفق على ان مرحلة السيد علاوي لم تشهد بناءا ايديولوجيا للدولة , كما انها خالية من عطب اتخام المؤسسة المدنية بتحزبات سياسية , ولم يلعب باوراق الغطاء الديني , والاهم المسافة المتساوية في مواجهة الميليشيا الطائفية بمختلف اشكالها وتابعيتها , وفرض سيادة القانون في ظروف واستحضارات اصعب من المرحلتين اللتين تلتها , بالاضافة الى نمو واضح لمجتمع مدني , وممارسة مميزة لانتخابات برلمانية , اثبتت التجارب التي تلتها عدم استغلال علاوي لسلطته في تغيير مسارها من خلال تناقص عدد اصواته وهو في دفة الحكم عن عدد اصواته وهو خارجها , كما ان تداوله للسلطة كان على درجة كبيرة من السلمية , وتلك من اهم مقومات النظام الديمقراطي. |