فكرة في ذكرى استشهاد امير المؤمنين عليه السلام

 

 

 

 

 

 

في ذكرى استشهاد الامام امير المؤمنين عليه السلام، لا يكفي ان نتبادل التعازي ونقيم المآتم، فالامام نهج قبل ان يكون شخصا، ومدرسة قبل ان يكون حاكما، وانموذج يحتذى قبل ان يكون تاريخ مضى، وحاضر ومستقبل قبل ان يكون ماض.
عزاؤنا بالامام ان نتبع نهجه في الحياة، اليوم، فلا نقف عند الماضي ونكتفي بالبكاء عليه، فاذا تعاملنا مع الامام كتاريخ مضى ظلمنا انفسنا قبل ان نظلم الامام.
تعالوا نتعلم من الامام في يوم استشهاده في (21) رمضان المبارك على الاقل واحدة مما يلي:
اولا: لا نطلب السلطة، اية سلطة، لذاتها، وانما من اجل الاصلاح واقامة العدل، فالله تعالى يامر بالعدل والاحسان، كما في قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ}.
يقول الامام (ع): {اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنِ الَّذِي كَانَ مِنَّا مُنَافَسَةً فِي سُلْطَانٍ وَ لَا الْتِمَاسَ شَيْءٍ مِنْ فُضُولِ الْحُطَامِ وَ لَكِنْ لِنَرِدَ الْمَعَالمَ مِنْ دِينِكَ وَ نُظْهِرَ الْإِصْلَاحَ فِي بِلَادِكَ فَيَأْمَنَ الْمَظْلُومُونَ مِنْ عِبَادِكَ وَ تُقَامَ الْمُعَطَّلَةُ مِنْ حُدُودِكَ}.
ثانيا: لينشغل احدنا بعيوبه عن عيوب الناس.
يقول الامام (ع): {أَكْبَرُ الْعَيْبِ أَنْ تَعِيبَ مَا فِيكَ مِثْلُهُ}.
وقال (ع): {مَنْ أَسْرَعَ إِلَى النَّاسِ بِمَا يَكْرَهُونَ قَالُوا فِيهِ بِمَا لا يَعْلَمُونَ}.
ثالثا: ليكن معيار تقييمنا لانفسنا وللاخرين هو الانجاز دون اي شئ آخر.
يقول الامام: { قِيمَةُ كُلِّ امْرِئٍ مَا يُحْسِنُهُ}.
ويقول (ع): { مَنْ أَبْطَأَ بِهِ عَمَلُهُ؛ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ}.
رابعا: لندع الثرثرة جانبا، ونهتم بالعمل والانجاز والتنفيذ.
يقول الامام (ع): { لِسَانُ الْعَاقِلِ وَرَاءَ قَلْبِهِ، وَقَلْبُ الْأَحْمَقِ وَرَاءَ لِسَانِهِ}.
في قول آخر: { قَلبُ الأَحمَقِ فِي فِيهِ وَلِسَانُ العَاقِلِ فِي قَلبِهِ}.
ويقول عليه السلام: { اذا تمّ العقل نَقصَ الكلام}.
خامسا: حذار حذار من الثرثرة، خاصة في الاسرار، فانها تفسد الراي والخطة.
يقول الامام (ع): { الظَّفَرُ بالْحَزْمِ، وَالْحَزْمُ بِإِجَالَةِ الرَّأْيِ، وَالرَّأْيُ بِتَحْصِينِ الاْسْرَارِ}.
وقال (ع): {الِّلسَانُ سَبُعٌ، إِنْ خُلِّيَ عَنْهُ عَقَرَ}.
ويقول عليه السلام: { بِكَثْرَةِ اَلصَّمْتِ تَكُونُ اَلْهَيْبَةُ}.
وعنه عليه السلام: {لاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ، بَلْ لاَ تَقُلْ كُلَّ مَا تَعْلَمُ }.
سادسا: علينا بالوسطية في كل شئ، ونبذ التطرف بكل اشكاله.
يقول الامام (ع): { لاَتَرَى الْجَاهِلَ إِلاَّ مُفْرِطاً أَوْ مُفَرِّطاً}.
سابعا: لنبدا من انفسنا اولا، ولنعلم الاخرين بسيرتنا وليس بلساننا.
يقول الامام (ع): { مَنْ نَصَبَ نَفْسَهُ لِلنَّاسِ إِمَاماً فَعَلَيْهِ أَنْ يَبْدَأَ بِتَعْلِيمِ نَفْسِهِ قَبْلَ تَعْلِيمِ غَيْرِهِ، وَلْيَكُنْ تَأْدِيبُهُ بِسِيرَتِهِ قَبْلَ تَأْدِيبِهِ بِلِسَانِهِ، وَمُعَلِّمُ نَفْسِهِ وَمُؤَدِّبُهَا أَحَقُّ بِالاْجْلاَلِ مِنْ مُعَلِّمِ النَّاسِ وَمُؤَدِّبِهِمْ}.
ويقول عليه السلام: {أَوْضَعُ الْعِلْمِ مَا وُقِفَ عَلَى اللِّسَانِ، وَأَرْفَعُهُ مَا ظَهَرَ فِي الْجَوَارِحِ وَالاْرْكَانِ}.
وعنه عليه السلام: {احْصُدِ الشَّرَّ مِنْ صَدْرِ غَيْرِكَ بِقَلْعِهِ مِنْ صَدْرِكَ}.
ويقول عليه السلام: {مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ، وَمَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ}.
وقوله عليه السلام: {طُوبى لمنْ شَغَلَهُ عَيبُه عن عُيُوبِ النّاسِ}.
وقوله عليه السلام: {زِنُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، وَحَاسِبُوَها قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا}.
ثامنا: لنبحث عن الحكمة انى كانت، فالعلماء كثيرون، والعاملون كثيرون، والزعماء كثيرون، الا ان الحكماء قليلون وقليلون جدا، ولم يصف الله عزوجل خصلة في القران الكريم بانها خيرا كثيرا الا الحكمة، فقال تعالى {وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا}.
يقول الامام (ع): {خُذِ الْحِكْمَةَ أَنَّى كَانَتْ، فَإِنَّ الْحِكْمَةَ تَكُونُ في صَدْرِ الْمُنَافِقِ فَتَتَلَجْلَجُ(1) فِي صَدْرِهِ حَتَّى تَخْرُجَ فَتَسْكُنَ إِلَى صَوَاحِبِهَا فِي صَدْرِ الْمُؤْمِنِ}.
ويقول عليه السلام: {الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ، فَخُذِ الْحِكْمَةَ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ}.
تاسعا: لا نقل الا ما نعلم، وليس العيب في ان تصمت اذا عييت، ولكن العيب كل العيب اذا تكلمت من غير علم ومعرفة.
يقول الامام (ع): {مَنْ تَرَكَ قَوْلَ: لاَ أَدْري، أُصِيبَتْ مَقَاتِلُهُ}.
ويقول عليه السلام في وصيته للامام الحسن المجتبى عليه السلام: {وَلاَ تَقُلْ مَا لاَ تَعْلَمُ وَإِنْ قَلَّ مَا تعْلَمُ، وَلاَ تَقُلْ مَا لاَ تُحِبُّ أَنْ يُقَالَ لَكَ}.
عاشرا: الله الله في الانصاف، فمن لا انصاف له لا دين له، وهو مطلوب في كل شئ.
يقول الامام يوصي ابنه الحسن عليه السلام: {يَا بُنَيَّ، اجْعَلْ نَفْسَكَ مِيزَاناً فِيَما بَيْنَكَ وَبَيْنَ غَيْرِكَ، فَأَحْبِبْ لِغَيْرِكَ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ، وَاكْرَهْ لَهُ مَا تَكْرَهُ لَهَا، وَلاَ تَظْلِمْ كَمَا لاَ تُحِبُّ أَنْ تُظْلَمَ، وَأَحْسِنْ كَمَا تُحِبُّ أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْكَ، وَاسْتَقْبِحْ مِنْ نَفْسِكَ مَا تَسْتَقْبِحُ مِنْ غَيْرِكَ، وَارْضَ مِنَ النَّاسِ بِمَا تَرْضَاهُ لَهُمْ مِنْ نَفْسِكَ}.
حادي عشر: حذار ان نكون مصداق قوله عليه السلام:
{يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُقَرَّبُ فِيهِ إِلاَّ الْمَاحِلُ، وَلاَ يُظَرَّفُ فِيهِ إِلاَّ الْفَاجِرُ، وَلاَ يُضَعَّفُ فِيهِ إِلاَّ الْمُنْصِفُ}.
اثني عشر: حذار ان يكون احدنا من الغوغاءالذين وصفهم الامام عليه السلام بقوله: {هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا غَلَبُوا، وَإِذَا تَفَرَّقُوا لَمْ يُعْرَفُوا} او قوله {هُمُ الَّذِينَ إِذَا اجْتَمَعُوا ضَرُّوا، وَإِذَا تَفَرَّقُوا نَفَعُوا}.
وقال عليه السلام، واتى بجان ومعه غوغاء، فقال {لا مَرْحَبًا بِوُجُوهٍ لا تُرَى إِلا عِنْدَ سُوءٍ}.
عظم الله اجوركم واجورنا باستشهاد الامام امير المؤمنين عليه السلام.