حكومة من ورق |
الهجمات الارهابية ستقود العراق أعوام من الظلمة والفوضى والتخلف والفساد مع موقف لافت من اللامبالاة وعدم أتخاذ اي اجراء او مبادرة يبديها جميع السياسيون في الحكومة او البرلمان او الجهات التنفيذية الاخرى وعدم اكتراثهم بالواجبات الدستورية الحكومية الملقاة على عاتقهم تجاه الشعب . ان هشاشة النظام السياسي في العراق وضعف المرجعيات القانونية قادت البلاد الى هذه الفوضى السياسية والتي انعكست الى فوضى امنية وتنصل جميع الوزارات وفي مقدمتها وزارتي الدفاع والداخلية من القيام بواجبهما الوطني .. والمفروض ان يكونا بعيداً عن التجاذبات السياسية والتناحرات الطائفية ، فقد شهدت الاشهر الماضية ارتفاعاً في وتيرة العنف وازدياد اعداد الضحايا لتأتي فضيحة هروب السجناء من سجني التاجي وأبوغريب لتعم على جميع الفضائح والفضائع التي تحصل في العراق .. والجميع يتفرج ، وبما ان السياسيون وجميع الكتل قد اصبحوا في حكم انعدام الشرعية نتيجة انتهاك القوانين وتجاوز الحكومة على الدستور وعدم انعقاد مجلس النواب بشكل منتظم وفاعل تجاه وظيفته الاساسية بعد التشريع الا وهي ( المسائلة) وكان الاولى بالمحكمة الاتحادية ان تبادر الى البت في هذه القضية واعلان فشل مجلس النواب في اداء دوره وفشله في محاسبة القيادات الامنية او رأس الحكومة وبيان أعذاره تجاه هذا الانحدار في الوضع الامني وأنتشار العديد من المليشيات المسلحة على مرآى ومسمع من الحكومة وتزايد الهجمات التي تحمل نفساً طائفياً وعودة التقتيل على الهوية والتهجير العرقي او الطائفي ، لكن الشعب يبقى قابعاً خلف اسوار الحكومة وخارج حساباتها في مواجهة الاخطار التي تحدق به ومتحملاً النقص الهائل في الخدمات وتوقف المشاريع العمرانية مع توافر الميزانيات الانفجارية التي ترصد كل عام وضياع جلها وسط السرقات والاختلاسات والعقود الوهمية والوسطاء فالمحصلة بلدٌ غني وشعب فقير ، وعلى الرغم من اعتبار سكان العراق قليلون قياساً الى مساحة الارض فان العراق يشهد ازمة سكن حادة وكذا الحال بالنسبة للموارد الطبيعية فيعد العراق من اغنى الدول في هذا الجانب وخصوصاً النفط لكنه يعاني ازمة كبيرة في توفير وقود السيارات والتدفئة . والامر ينطبق على حال الكهرباء التي تعد الازمة الأزلية التي تتوارثها جميع الحكومات المتعاقبة وتحرص على ابقاءها لتورثها لمن خلفها.. فان ابسط الناس يدرك تماماً ان بامكان الوزارة المعنية ان تحل هذه المشكلة خلال اسابيع قليلة بوجود المال اللازم لشراء محطات عملاقة وتاهيل محطات التوليد المعتمدة على المياه ، ولكن ماذا سيتبقى لكي يسرقه الفاسدون ... نقول الكثير والكثير .. فلو تنفق الحكومة ربع الواردات على المشاريع الحيوية والعمران وتوفير مستلزمات العيش اللائق (وتسرق ثلاثة ارباعها)لاصبح العراق مكاناً يطمح ان يعيش فيه القاصي والداني ولتسابقت الشركات الاستثمارية في الحصول على موطأ قدم فيه ولرأيت البنيان يعلو والطرقات معبدة والخدمات الصحية والاجتماعية متيسرة للجميع ،والنظام التعليمي يكون مشابهاً للنظم التعليمية المتحضرة ،ففي اعتقادنا انه " لو صلحت الحكومة لصلح الشعب " وليس العكس كما يتداول المتفيهقون المستكينون عندما يقولون " كيفما تكونوا يُوَل عليكم " ، كما ان وجود قناعة لدى السياسيون الذين يصلون الى السلطة ان فرصة عودتهم الى السلطة بعد انقضاء ولايتها قد لاتعود ابداً فما من بد الا بتحصيل اكبر قدر من الاموال وبجميع الطرق الملتوية ولا يهمهم ماذا يقول الشعب عليهم بعد ذلك . فهم يحمّلون الشعب وزر خطاه بالتصويت لهم وليبحث الشعب لاحقاً عن "سارق جديد " ينخدعون به فيصوتوا له فيسقيهم من نفس الكأس الذي اذاقهم منه سلفه . ولو القينا نظرة عن كثب في واقع حال محافظة نينوى التي تعاني من اشد حالات الاهمال وتوقف عجلة التطور وتأجيل المشاريع الخدمية وبناء الوحدات السكنية الى اجل غير مسمى ، في تجسيد غاية في السوء لمبدأ الادارة اللامركزية التي ندعو الى تفعيلها وتعميمها لياخذ الشعب دوره المنوط به في ادارة شؤونه بنفسه عبر اشخاص يثق بهم فيصوت لهم ويكونوا تحت أمرة الشعب فان فشلوا في مهمتهم كان حقاً على الشعب ان يطلب منهم الرحيل ، وليت ذلك جزءاً يسيراً من الواقع الذي يتنافى مع ابسط قواعد الديمقراطية واحترام ارادة الشعب الذي ماانفك مخدوعاً من جميع من تسلط عليه . |