المقطع أدناه منقول مما كتبه الأستاذ شمخي جبر على الفيسبوك بتاريخ 29.07.2013
(تجاوزت رواتب النواب والوزراء واعضاء الحكومات المحلية (117) مليار دينار سنوياً، ,ان ما صرف خلال السنوات الثماني الماضية لأعضاء المجالس التشريعية الاتحادية والمحلية هو اكثر من (654.290) مليار دينار كرواتب تقاعدية) نائب رئيس الجمهورية السابق عادل عبد المهدي
يبدو ان الحملة التي تدعو إلى إلغاء تقاعد البرلمانيين وأهل الثراء الفاحش السريع للأثرياء الجدد أخذت تؤرق بعض مَن يهمهم الأمر إذ اخذوا يتسابقون على إطلاق التصريحات التي توحي بتنازلهم او تنازل كتلهم البرلمانية عن مثل هذه الأموال التي ظلوا يتقاضونها ويتقاضون إلى جانبها كل ما يدر عليهم المنصب الذي هم فيه منذ أكثر من عشر سنوات بكل ما سهل للكثير منهم جمع الثروات الطائلة التي تدر ارباحاً سنوية هائلة عبر العقارات والمقاولات والحسابات المصرفية داخل وخارج العراق . وامام هذه الحقائق التي لا تقبل الشك او الجدل في حالات كثير منهم لابد للمرء وان يتساءل هل سينتهي الأمر مع هؤلاء بإعلانهم عن تنازلهم عن هذه الرواتب التقاعدية ؟ ام ان هناك ما يمكن القيام به ليظل مرتبطاً مع هذه الحملة ولكن بشعارات أخرى . فماذا يجب ان يكون بعد ان يتحقق الهدف الأول من هذه الحملة ؟ قبل التطرق إلى الخطوات الأخرى نجد أهمية بالغة للتطرق إلى موقف المرجعيات الدينية المختلفة التي صدرت من بعض رموزها تصريحات واضحة تحرم إستلام مثل هذه الرواتب باعتبارها من المال الحرام . وهنا يتبادر إلى الذهن سؤالان يتعلقان بهذا الأمر . أولهما هو هل هناك ما يمنع من صدور بيان صريح وواضح من كل المرجعيات الدينية على إختلاف توجهاتها تؤكد فيه هذا الرفض مرة أخرى وتدعوا في نفس الوقت تابعيها للإلتزام به من الناحية الشرعية وما تفرضه أخلاقيات الإلتزام بالتعاليم الدينية التي لا نجد بين الكثير الكثير من نائباتنا ونوابنا ممن لا يدعون الإلتزام بها وجعلها في مقدمة اولوياتهم؟ وهنا سيبين المعدن الصدئ لأدعياء الدين الذين يضعون هذا الإلتزام الشرعي موضع الشك والريبة وموضع التساؤل ايضاً ومن ثم الإهمال . فالمرجعية الدينية مسؤولة عن رعاياها ، الذين يكررون الإلتزام بتعاليمها ، في الإجابة على إشكاليات كهذه ، بالرغم من سكوتها عن هذا الحرام طيلة السنين العشر الماضية . إلا ان الحكم الذي صرحت به الأن بحرمة إستلام الرواتب التقاعدية لطبقة النواب واشباههم من الأثرياء الجدد يشكل تقييماً إيجابياً لدور المرجعية الدينية ، حتى وإن جاء متأخراً . وثانيهما يتعلق بمصير الأموال المأخوذة عبر هذا الطريق خلال السنين العشر الماضية او الأقل . فهي اموال حرام ، كما يقول الشرع .فكيف يجب التخلص من عواقب هذا الحرام ؟ هل بإعطاء كفارة عن هذه الأموال الطائلة ؟ ومن يحدد مبلغ هذه الكفارة ؟ وكيف يجري التصرف بها ومَن يتصرف بها هل المرجعية او المؤسسات الحكومية التي أُخذت من خزينتها هذه المبالغ الطائلة ؟ والمعروف عن الكفارة الدينية هو ان مردودها يجب ان يكون للصالح العام ، أي للفقراء والمحتاجين فكيف سيتم تحقيق ذلك ؟ هذه الأسئلة وغيرها التي تعالج موضوع تبرئة الذمة دينياً من خطأ تم إرتكابه مِن قبل أناس يدَّعون إلتزامهم بثوابت الدين . ويجب التأكيد هنا على ان هذه المسألة يجري طرحها بهذا الشكل قدر تعلقها بالحق الديني . أما ما يتعلق بالحق المدني لهذه القضية فذلك يدخل في المساءلة التي يجب ان تنص عليها قوانين مدنية سنتطرق إليها لاحقاً . لم يبق عراقي لا يعلم بما تملكه هذه الطبقات من الأثرياء الجدد بحيث يصبح الراتب التقاعدي بالنسبة لأكثرهم لا قيمة تُذكر له أزاء هذا الكم الهائل من الثروات . لذلك ولتفاهة هذا المبلغ بالنسبة للكثيرين منهم نراهم يتسابقون على التنازل عنه وكأن لسان حالهم يقول: كما يأكل العصفور من بيدر الدخن . لذلك نرى ضرورة اللجوء إلى الإجراء الآخر الذي يجب ان يتبع إجراء وقف دفع الراتب التقاعدي لهم وهو سن قانون ليس بالضرورة خاصاً بهؤلاء ، بل وبفئة واسعة من المرتشين وسارقي المال العام والمتجاوزين على اموال وعقارات الدولة ألا وهو قانون من أين لك هذا؟ إن إعتماد مبدأ مساءلة هؤلاء عما يملكونه الآن ومقارنة وضعهم المادي قبل ان يدخلوا مجلس البرلمان او يتبوأوا هذا المنصب الحكومي او ذاك أمر في غاية الضرورة لإتقاذ وطننا من لصوص قوت الأطفال والأرامل ومخربي البلد ، إضافة إلى ان تطبيق هذا القانون سهل جداً إذا ما إنطلقنا من الحقيقة القائلة بأن جميع هؤلاء كانوا معروفي الهوية والحال الذي هم عليه قبل سقوط البعثفاشية عام 2003 وبعدها وحتى يومنا هذا . المسألة الثانية التي يجب أخذها بنظر الإعتبار تتعلق بالمبالغ المصروفة لهؤلاء والتي ثبت بأنها صُرفت على غير وجه حق. فهل يُصار إلى إستردادها منهم ، أو إسترداد اي جزء منها بنسبة مئوية مثلاً تتناسب وما يملكون من أموال وعقارات داخل وخارج الوطن ؟ إن حل هذه الإشكالية يمكن ان يدرس من قبل لجنة مختصة محايدة بعد القيام بجرد كل ما يملكه هؤلاء إستناداً إلى قانون من اين لك هذا . إلا ان المسألة الأهم هي اين ستذهب المبالغ التي ستعود إلى خزينة الدولة سواءً من عدم دفع الرواتب التقاعدية في المستقبل او من المبالغ المسترجعة . إن الإهتمام بهذا الأمر يستند إلى المعطيات السائدة الآن في نهب اموال الدولة من قبل عصابات مافيوزية لها نشاطاتها المحمومة في مؤسسات الدولة المختلفة سواءً عبر المقاولات او المشاريع والصفقات الوهمية أو عبر اي طريق آخريتم فيه الإستحواذ على المال العام من قبل هذه العصابات .وهذا الأمر يقودني إلى ما علق به البعض مشيراً إلى خروج العراق من الفصل السابع بقوله " والله عمي لو إتظل فليساتنا عد ذولاك أحسن إلنه ، تره بس يستلموها الجماعة ما يخلونها ليلة وحده تبات بخزينة الدولة ". أما النقطة الأخيرة التي أرغب بالتطرق إليها في هذا المجال فإنها تتعلق بما ذكره البعض من قساوة هذا الطلب الذي تطالب به الجماهير العراقية الواسعة والمرجعيات الدينية والقاضي بقطع الرواتب التقاعدية للبرلمانيين واشباههم ، حيث تُبرَر هذه القساوة بحرمان هؤلاء وعوائلهم من مصدر مالي للحياة. إن مناقشة هذه النقطة له عدة جوانب ينبغي مراعاتها : الجانب الأول هو ان المطالبة بإلغاء هذه الرواتب التقاعدية إنطلقت بسبب المبالغة في المبالغ المدفوعة كتقاعد ومخصصات وامتيازات دبلوماسية في الوقت الذي لا علاقة للبرلماني بالعمل الدبلوماسي ومبالغ إضافية كثيرة جعلت الراتب التقاعدي لهؤلاء لا مثيل له في دول العالم أجمع من حيث ضخامته . الجانب الثاني المنطلق من الثراء الفاحش الذي يتمتع به أكثر هؤلاء والذي يجعلهم في غنى عن مبلغ الراتب التقاعدي مهما بلغت ضخامته . وكما اشرنا أعلاه فإن حل هذه الإشكالية يتعلق بتطبيق قانون من أين لك هذا . أما الجانب الثالث وهو ما جاء صراحة على لسان البعثي القيادي بالأمس وعضو مجلس النواب اليوم ( لا علم لي بمن إنتخبه وكم من الأصوات التي حصل عليها ، وأين ؟ ) السيد حسن العلوي حينما قال بالنص " المطالبة بالغاء الراتب التقاعدي للبرلماني هو مزايدات سياسية ولا توجد قوة تستطيع سرقة راتبي التقاعدي من ابنائي " أيهما السارق ايها النائب المحترم : مَن يقبض اموال الشعب دون وجه حق ام المُطالب بعودة هذه الأموال إلى اهلها . لو قدم لنا السيد النائب إنجازاً واحداً انجزه للشعب يعادل الألأموال المصروفة عليه لكان لنا في هذا الأمر رأياً آخر . نعود إلى هذا الجانب فنقول ان لا احد يدعو في هذا النداء لتجريد البرلمانيين مما يستحقونه كمصدر لحياتهم وحياة عوائلهم . أنهم يستحقون راتباً تقاعدياً فعلاً ولكن حسب الشروط القانوية المعمول بها في كل دول العالم ولا أعتقد بوجود مبرر يتيح للعراق الإبتعاد عن هذا النهج : أولاً : ان يصل الفرد المشمول بالتقاعد السن القانونية التي ينص عليها قانون الدولة ،أو الذي لديه اسباب صحية. ثانياً : ان يكون الشخص قد خدم في دوائر ومؤسسات الدولة وقتاً كافياً لتسديد الإلتزامات المالية التي نص عليها قانون تقاعد الدولة والتي تؤهله لبلوغ درجة وظيفية معينة يتقرر بموجبها راتبه التقاعدي . ثالثاً : إن مدة الخدمة في البرلمان بكل ما يترتب عليها من توقيفات تقاعدية يجب ان تضاف إلى خدمة الشخص لدى الدولة بغية وصوله إلى الدرجة الوظيفية اعلاه وحساب راتبه التقاعدي إستناداً إلى ذلك وحسب الدرجات الوظيفية التي تنص عليها قوانين الدولة. رابعاً : إذا لم يكن الشخص قد عمل في دوائر الدولة مسبقاً ويجب عليه العودة إلى عمله السابق قبل دخوله البرلمان ، فإن مدة خدمته في البرلمان تُحسب له خدمة في مؤسسات الدولة يتقاضى عليها راتباً تقاعدياً حسب قانون التقاعد المعمول به . وهنا نعود ونقول أن تطبيق كل هذه الإلتزامات يجب ان يخضع لتطبيق قانون من اين لك هذا . علماً بأن الجميع يعلم بأن السيدة النائبة او السيد النائب سبق وإن إختاروا هذا العمل ورشحوا انفسهم له طوعاً وبلا اي إكراه حيث برروا ذلك بأنهم يريدون خدمة الشعب من خلال ممارستهم لعملهم هذا في البرلمان كممثلين للشعب ... مسكين هذا الشعب .
|