حاكم لا يملك الخبز

 

ما أن يسمع الأيتام وقع خٌطواته وطرق أنامله على الباب يتجدد لديهم الأمل ويعرفون أن من يحمل الخير لهم قد وقف على الباب , وكأن والدهم مازال يتردد عليهم وأنهُ مازال على قيد الحياة , تسبق أبتسامته سلامه وكلامه ,ويشع وجههُ نورا" وتمتلئ عينيه بالحنو وتغمرهُ السعادة حين يحيط به اليتامى من كل مكان ويشاهد علامات الفرح تعلو محياهم ويعيش معهم تلك اللحظات المفعمة بالرحمة والسعادة التي تعدل لديه الدنيا ومافيها , ويبقى يتنقل من منزل الى آخر ويطرق الابواب فلا يترك فقيرا" ولايتيما" الا وقد ترك له نصيبا" , فلا يبقى في المدينة جائع الاوقد شبع ولاعار الا وقد اكتسى ثم يعود الى محرابه فيبات ليلته قائما راكعا ساجدا" باكيا" فمه رطب بذكر الله وقلبه ينبض بحبه , ويقضي نهارا صائما" لايفطر الاعلى كسرة خبز وقليل من الملح , سرعان ما يبادر بإعطائها لأول سائل يطرق الباب , ويقضي هو وعائلته اليوم بأكمله دون طعام ويكملون صيامهم على جوع اليوم السابق , و لم يختلف حاله كثيرا" عندما حكم دولة مترامية الاطراف تمتد أركانها على خمسة قارات لكن ما تغير هو حال الناس من رعيته فبعد سنتين وعدة اشهر لم يجدوا من يستحق الزكاة او الصدقة من الناس ولكن حال الحاكم لم يتغير فهو لايزال لايملك الخبز في بيته, حتى انه اعجز افلاطون ومدينته الفاضلة وافحم عدل كسرى الذي سيدخله الجنة رغم انه مات على دين غير الاسلام, واناخ الكرم راحلته ببابه فلم يترك شئيا" لحاتم الطائي ولا لكرام العرب ممن ضرب بهم المثل هو للفرسان سيدا" وللشجعان ملكا" وللغر المحجلين قائدا" , وللاعداء مهلكا" , انه انشودة الزمن وترنيمته ألابدية التي أعيت النسيان و بقيت ترددها الايام والسنين في كل لحظة من لحظات الدهر وكلما ذكر للخير موضعا" ,أنه سيد الاوصياء وأبن عم خاتم الانبياء علي ابن طالب( عليه السلام ) , ربيب النبوة وصنيعة الاله جل وعلا , وعاء الانسانية ومنبع من منابع الرحمة , ومن رجال الله الذين قال عنهم الخالق في الحديث القدسي( أن لله رجالا" يستجاب لهم قبل أن يرتد أليهم طرفهم), وصدق الشاعر حين وصف امير المؤمنين يابرق ان جئت الغري فقل له أتراك تعلم من بأرضك مودع فيك ابن عمران الكليـم وبعــدهُ عيسى يقفيه وأحـمد يتبـعُ بل فيك جبريل ميكال واسرا فيل والملأ المقدس اجمع بل فيك نور الله جل جلاله لذوي البصائر يستشف ويلمع فيك الإمام المرتضى فيك الوصي المجتبى فيك البطين الانزع.