تعاون حزب الدعوة وتنظيم القاعدة |
تأسس حزب الدعوة الاسلامية في اواخر الخمسينيات من القرن الماضي في العراق على يد ثلة من رجال الدين الشيعة وفي طليعتهم العلامة المرحوم مرتضى العسكري والمرجع الراحل السيد محمد باقر الصدر والعلامة الراحل السيد مهدي الحكيم نجل المرجع الديني الراحل السيد محسن الحكيم الذي بارك هذا المشروع في بدايات تأسيسه.وقد كان الهدف الاساسي من تأسيسه وحسب أدبيات الحزب هو تغيير الأمة تمهيدا لإستلام الحكم واقامة دولة اسلامية. ووضع الحزب لتحقيق ذلك خطة تتألف من أربع مراحل ،أولها مرحلة تكوين الحزب وبنائه وتثقيف الأمة والثانية مرحلة العمل السياسي والثالثة مرحلة استلام الحكم واما المرحلة الرابعة فهي مرحلة رعاية مصالح الاسلام والأمة بعد إستلام الحكم.ولذا فقد عمل الحزب جاهدا وطوال تلك العقود التي خلت عمل على محاربة المنظومات القيمية الغربية سواء الرأسمالية منها أم الماركسية رافعا شعار أسلمة المجتمع. وقد تميز نشاط حزب الدعوة في بدايات تأسيسه بمعاداة حكم الزعيم عبدالكريم قاسم ومحاربته للفكر الشيوعي معتبرين اياه كفرا والحادا.فكان الحزب في تلك المرحلة يخوض معركة ثقافية مع الشيوعيين .وبعد سقوط حكم قاسم وتولي البعثيين للحكم كان هناك تقارب بين البعثيين وحزب الدعوة نظرا لاشتراكهما في العداء لقاسم وللشيوعيين.ولذا فلم يسجل لنا التأريخ شيئا يذكر عن صدام بين الحزبين أو تضييق من قبل البعث على عناصر حزب الدعوة فكانت تلك المرحلة بداية أول تفاهم بين الحزبين ووحدة في الموقف. ويبدو من تسلسل المراحل المذكورة أعلاه،ان المرحلة السياسية هي التي تسبق مرحلة استلام الحكم وقد أثير نقاش طويل حول طبيعتها فهل ستقتصر على توعية الامة والعمل على كسب تأييدها للحزب وبالتالي الوصول للسلطة عبر صناديق الاقتراع ان امكن ذلك ،ام عبر الانقلاب العسكري أم عبر الكفاح المسلح؟ إلا أنه وفي مثل تلك الأجواء التي سادت العراق والمنطقة حينها حيث يتم التغيير السياسي واستلام السلطة عبر الانقلاب العسكري ،فقد تخلى الحزب عن فكرة استلام الحكم عبر صناديق الاقتراع وقرر حينها العمل على القيام بانقلاب عسكري وخاصة بعد أن استلم حزب البعث السلطة مرة اخرى في العام 1968 . فحزب الدعوة كان يعول على قيام حكم مدني في العراق وخاصة بعد تسلم البزاز لرئاسة الوزراء في زمن عبدالرحمن عارف وهو شخصية مدنية معتدلة .ولذا فقد تبنى حزب الدعوة خيار القيام بانقلاب عسكري على نظام البعث .وبالفعل جرى الاعداد للقيام باول انقلاب عسكري ضد نظام البعث قاده العميد الركن محمد رشيد محسن الجنابي.الا ان الانقلاب فشل وتم اعدام كافة المشاركين فيه في اواخر شهر كانون الثاني من العام 1970. وكان السبب الاساسي في فشل الانقلاب هو شاه ايران الراحل.حيث كانت تعتقد بعض قيادات الحزب حينها بأنه سيؤيد الانقلاب باعتباره حاكما شيعيا! ولذا فقد اطلعه الحزب على خطة الانقلاب العسكري غير أن شاه ايران غدر بهم وأطلع الرئيس العراقي الراحل احمد حسن البكر بالخطة وقبل وقوعها بساعات فتم اعتقال جميع المشاركين فيها وأحبطت أول عملية انقلابية خطط لها حزب الدعوة . فكانت تلك العملية الانقلابية الفاشلة بداية للفراق بين حزب الدعوة وحزب البعث اللذين جمعهما العداء لقاسم وللشيوعيين.واقتصر نشاط الحزب في السنوات التي تلتها على النشاطات الثقافية المتمثلة في تسيير مواكب الطلبة في المناسبات الدينية وخاصة في عاشواء والاربعين وركز الحزب نشاطه عاى طلبة الجامعات العراقية فيما انحسر نشاطه وفعاليته في الحوزات العلمية بعد إنسحاب المرجع الشهيد محمد باقر الصدر منه وإفتائه بحرمة الإنتماء اليه على طلبة العلوم الدينية. وقد تعرض الحزب الى ضربة في العام 1974 على يد نظام البعث حيث اعدم اربعة من قادة الحزب حينها . وبعدها انزوى الحزب ولم يظهر اسمه الا بعد انتصار الثورة الايرانية في العام 1979. حيث اثار انتصارها موجة من التعاطف الشعبي في المناطق الشيعية في العراق التي احتفلت العديد منها بذلك الانتصار وهو الامر الذي دق ناقوس الخطر لدى النظام السابق . وقد حاول حزب الدعوة حينها والذي كانت معظم قياداته تعيش في الخارج وخاصة في الكويت والامارات وايران حاول الحزب استثمار تلك الاجواء فبدا بتعبئة الجماهير ضد النظام .سواء عبر ملإ المساجد بالمناصرين او عبر تسيير ماعرف بوفود البيعة للشهيد الصدر او عبر المشاركة الفاعلة في المسيرات التي انطلقت في رجب وغيرها من المناسبات الدينية .وبعد ان شن النظام حملة ضد المعارضين، دخل الحزب في معركة مسلحة مع النظام. اصدر النظام اثرها قرارا باعدام كافة المنتمين للحزب وبأثر رجعي.وحينها دخل الحزب في مرحلة حساسة تميزت بالصدام المسلح مع النظام، حيث قام بتنفيذ اول عملية انتحارية استهدفت السفارة العراقية في بيروت.كانت تلك العملية مصدر الهام لباقي الحركات الاسلامية المسلحة في المنطقة.وكانت تلك العملية اول عملية ارهابية في المنطقة فقد استهدفت سفارة مدنية يعمل فيها مئات الموظفين ممن لاناقة لهم ولا جمل في ممارسات النظام السابق الاجرامية .فيما حاول الحزب تفجير مبنى القنصلية العراقية في تركيا وقد باءت تلك العملية بالفشل.ثم برز إسم الحزب مع موجة التفجيرات التي إجتاحت دولة الكويت مطلع الثمانينات .وقد إستمر الحزب في عمله العسكري طوال سنين الحرب العراقية الايرانية متخذا من ايران مقرا لمعسكراته. لقد أطلقت عملية تفجير السفارة العراقية ببيروت شرارة العمليات الانتحارية في المنطقة حيث اصبحت مصدر الهام للجماعات الارهابية و حتى ظهور تنظيم القاعدة.حيث تأسس هذا التنظيم في أواخر الثمانينات من القرن الماضي وهو يحمل ذات أهداف حزب الدعوة وفي طليعتها إقامة دولة الخلافة الاسلامية بنسختها السنية. وقد جمعت كلا التنظيمين العديد من المشتركات على صعيد الهياكل التنظيمية و الاهداف والاساليب . واولها هي محاربتهما للقيم الغربية في المجتمعات الاسلامية ،والسعي لإقامة دولة إسلامية ،وبكونهما تنظيمين متعددي الجنسيات .فحزب الدعوة لديه قيادة عامة تقود التنظيم في العديد من الدول العربية والاسلامية كالعراق وايران والكويت والبحرين والامارات ولبنان وباكستان وأفغانستان.وكذلك كان تنظيم القاعدة حيث ضم اعضاءا من مختلف الدول الاسلاميةوأما من حيث الاساليب فقد تشابهت اساليب كلا التنظيمين في سعيهما لتحقيق أهدافهما الا وهي العمليات ارهابية.كعملية تفجير السفارة العراقية في بيروت في العام 1981.وكان القاسم المشترك الآخر الذي جمع بين التنظيمين هو في عدائهما لسياسات الحكومات الغربية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية.إلا أن الفارق بينهما هو في كون عداء حزب الدعوة هو عداء ظاهري وليس مبدئي كما سأثبت ذلك لاحقا وأما عداء تنظيم القاعدة فينطلق من دوافع عقائدية وآيديولوجية. ولربما يستغرب البعض كيف أن تنظيمين ينتميان لمدرستين اسلاميتين متعارضتين كيف تجمعهما مثل هذه القواسم المشتركة؟ الا ان خلفية تأسيس هذين التنظيمين تزيح النقاب عن سر هذا التلاقي والالتقاء.فكلا التنظيمين قد تأثرا كثيرا بتيار الأخوان المسلمين حتى أن بعض قيادات الدعوة كانوا اعضاء في هذه الحركة او الحركات الاسلامية السنية الاخرى كحزب التحرير .فعبدالهادي السبيتي وهو احد منظري حزب الدعوة كان عضوا في حزب التحرير.لقد لعب عبدالهادي السبيتي دورا كبيرا في رسم الهيكلية التنظيمية للحزب والمستوحاة من تنظيمات الاخوان المسلمين. وقد عرف حزب الدعوة بإزدواجية مواقفه وبأنه يبطن عكس ما سظهر.فحزب الدعوة وعند هجرة معظم قياداته لايران رفع شعار ولاية الفقيه علما بأن الحزب لا يؤمن بهذه النظرية لقيادة الأمة.فهو يؤمن بنظرية ولا ية الحزب على الأمة. الا انه رفع شعار ولاية الفقيه في ايران خوفا من الايرانيين الذين رفعوا شعار الموت لأعداء ولاية الفقيه في مطلع الثمانينات من القرن الماضي.الا ان المصالح الحزبية والدعم المالي واللوجستي الذي قدمته ايران للحزب قد دعا الحزب الى الاندماج في ولاية الفقيه ودعوة اعضائه الى الذوبان في الولي الفقيه. وأما الموقف الازدواجي الآخر للحزب فقد تجلى في علاقته مع حزب البعث .فبرغم حالة العداء المستحكم الظاهري بين حزب الدعوة وحزب البعث الحاكم في العراق حينها وبرغم الصراع بين الطرفين الا ان الوثائق التي تم العثور عليها بعد السقوط أظهرت وجود إتصالات بين الحزبين وعلى مستويات قيادية وهو الأمر الذي إعترف به المالكي مؤخرا حيث صرح بأن الحزب عرض على حكومة البعث التعاون لمواجهة المحاولات الأمريكية لغزو العراق وهو ما يثبت وجود قنوات اتصال بين الطرفين برغم حالة العداء الظاهري بينهما،وقد تعمقت العلاقات بين الحزبين بعد سيطرة حزب الدعوة الحكم الذي اعاد معظم القيادات البعثية الى مواقعها الحساسة وخاصة في الأجهزة الامنية والعسكرية.فيما بقيت علاقة الحزب قوية بجناح البعث في سوريا. وأما عن علاقة الحزب بتنظيم القاعدة فقد ظهرت بوادر تقارب بين التنظيمين مع سعي أمريكا لإسقاط نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين.فقد عارض كلا التنظيمين عملية الاجتياح العسكري للعراق ،وقد رفض حزب الدعوة المشاركة في كافة مؤتمرات المعارضة العراقية التي عقدت قبل الغزو الامريكي وبرعاية أمريكية.فيما أعلن تنظيم القادة معارضته للغزو الأمريكي للعراق معتبرا اياه إحتلالا لبلاد المسلمين.إلا ان الفارق بين الموقفين هو أن موقف الحزب كان تكتيكيا مصلحيا فقد تبين فيما بعد بان تلك المعارضة لم تكن سوى معارضة شكلية ،إذ إندك الحزب بعد سقوط النظام بالمشروع الامريكي وأصبح حجر الزاوية فيه. ولقد كان ذلك الأمر معروف للخواص حينها وهو ان المعارضة الحزبية لم تكن سوى شكلية .فقد كنت حاضرا في جلسة لعدد من قيادات الدعوة قبل السقوط ببضعة أسابيع ومنهم الشيخ المرحوم مهدي العطار وعضو مجلس النواب الحالي جبر حسون (ابو احمد البصري) واشخاص اخرين.حيث جرى الحديث عن موقف حزب الدعوة المعارض للغزو الأمريكي. وحينها تساءلت عن السبب الكامن وراء ذلك الموقف فقال البصري بأن هناك اختلاف داخل قيادة الحزب حول هذا الموقف. وحينها قال الآخر وهو مسؤول لجنة الانضباط الحزبي قال بأن التيار المتشدد المعارض للغزو يقوده الحاج أبو إسراء وهو نوري المالكي رئيس الوزراء الحالي.فقلت له ياحاج وهل يظن المالكي بأنه قادر على إسقاط نظام صدام دون التدخل الأمريكي؟ فأجابني قائلا (لقد تكلمت مع المالكي حول موقفه هذا الذي اصبح موقف الحزب الرسمي فأجاب المالكي إعلم يا حاج بأني أعارض الغزو ولكني أؤيده من أعماق قلبي فإني أصاب بإنقباض شديد كلما ورد خبر يفيد بأن أمريكا تخلت عن فكرة غزو العراق)!وهكذا كان موقف حزب الدعوة معارضا ظاهريا ومؤيدا باطنيا للغزو الأمريكي للعراق. وقد تجلت إزدواجية الحزب مرة أخرى وكما أسلفت في معارضته الظاهرية للغزو الامريكي للعراق .فبعداسقاط نظام صدام إندك الحزب بالمشروع الأمريكي ومنذ ذلك اليوم وهو يلعب دورا محوريا في قيادة البلاد .فلقد وثَّق الحزب علاقاته بالإدارة الأمريكية وبالسفارة الامريكية في بغداد في محاولة للإستحواذ على السلطة وقد نجح في ذلك .الا ان الحزب كان ينظر في ذات الوقت للولايات المتحدة الامريكية التي كانت تمتلك حضورا عسكريا قويا حينها كان ينظر لها لى أنها عائق أمام هيمنة الحزب المطلقة على السلطة. وأما بالنسبة للادارة الامريكية فقد كانت ترى في الحزب فريسة سهلة تسقط في حبائلها.فحزب الدعوة الذي ولد من رحم الحوزة العلمية يمثل العمود الفقري للتيار الاسلامي في العراق .ولذا فإن إحتواء هذا الحزب المعروف سابقا بشعاراته المتشددة يمثل إنتصارا كبيرا لأمريكا التي عجزت عن إحتواء العديد من الحركات الاسلامية في المنطقة كحركة الاخوان المسلمين وحزب العدالة والتنمية التركي والجمهورية الاسلامية في ايران. ولذا فقد حرصت الادارة الامريكية على تلبية مطالب حزب الدعوة وبلا قيد أو شرط.وأذكر حادثة وقعت في العام 2006 وعندما كنت اعمل خبيرا في وزارة الاعمار العراقية ببغداد.حيث ذهب المالكي لزيارة مدينة البصرة مصطحبا السفير الامريكي معه وحينها اعرب للسفير عن حاجة العراق لجسر يربط مدينة البصرة بالتنومة عبر شط العرب .وبعد عودة السفير الامريكي الى مقر عمله أمر الخبراء والمهندسين الامريكيين العاملين في السفارة والجيش الامريكي حينها باعداد التصاميم اللازمة لمشروع الجسر. ولم تمض سوى ايام معدودة الا والمشروع بين يدي جاء به المستشار الامريكي لشؤون النقل في السفارة طالبا مني ايصاله الى رئاسة الوزراء ومعربا عن استعداد الولايات المتحدة الامريكية للمساهمة بثمانين بالمئة من كلفة الجسر.وقد أوصلته الى رئاسة الوزراء عبروزير التعليم الحالي علي الأديب.فأمريكا كانت حريصة على تلبية كافة مطالب المالكي وحزبه. الا أن الحزب وبرغم اندكاكه بالمشروع الامريكي وبرغم الدعم الأمريكي المطلق له الا انه كان يرى في أمريكا منافسا له في قيادة العراق والحد من بسط سلطاته المطلقة على البلاد.ولذا فقد كانت سياسة الحزب الظاهرية بعد السقوط قائمة على عدم معارضة امريكا واما في الباطن فكان الحزب يسعى لإخراجها من العراق كي يستفرد بالعراق وبالقوى السياسية الأخرى .وهنا ظهرت ملامح أول تحالف سري بين تنظيم القاعدة الإرهابي وحزب الدعوة الإسلامية. فتنظيم القاعدة أعلن حربا شعواء لا هوادة فيها ضد المصالح الأمريكية في العراق .وكان التنظيم يصدر البيانات المختلفة التي تتبنى المسؤولية عن تنفيذ تلك العمليات.وأما حزب الدعوة فكان يصدر الأوامر لمكاتبه الحزبية المنتشرة في انحاء العراق وخاصة في المحافظات الجنوبية للترويج بين المواطنين بأن الولايات المتحدة هي التي تقف وراء تلك الأعمال الإرهابية. فضلا عن ترويجه لفكرة ان القوات الامريكية صليبية كافرة تسعى للهيمنة على بلاد المسلمين وبأنها سبب مشاكل العراق وبأنها أجهضت الانتفاضة العراقية التي اعقبت الغزو العراقي للكويت وبأنها دعمت نظام صدام حسين. لقد كانت مهمة الحزب حينها هو نشر هذه الثقافة بين العراقيين وتأليبهم على الولايات المتحدة الأمريكية.فكانت هذه الثقافة غطاءا لتنظيم القاعدة ليستمر بتنفيذ عملياته الارهابية ضد العراقيين وضد الأمريكان. فعندما يقع تفجير انتتحاري يشيعون بان طائرة امريكية اطلقت صاروخا !وعندما يحصل انفجار يقولون بان الامريكان قد زرعوا عبوة ناسفة في الليل وهكذا فان الحزب أطلق يد تنظيم القاعدة ليمارس إرهابه بحق العراقيين. وأما عن تسهيل الحزب دخول الارهابيين للعراق فهو أمر واضح كوضوح الشمس.فقيادات الحزب وفي طليعتها رئيس الوزراء الذي قضى ردحا من عمره في بلاد الشام تحتفظ بعلاقات وثيقة مع النظام السوري وخاصة اجهزة المخابرات السورية.ولذا فقد غضت هذه القيادة النظر عن دخول الارهابيين للعراق عبر سوريا وذلك لتحقيق مآربها في إجهاض المشروع الامريكي في العراق وبالتالي اخراج القوات الامريكية والاستفراد بالحكم .ولم تعترض هذه القيادات على سوريا برغم علاقاتها الوثيقة بنظام الأسد. لقد نجح الحزب في سياسته هذه في اطلاق يد تنظيم القاعدة لتنفيذ عملياته الارهابية في العراق وذلك لكي يحقق الحزب هدفه الاسمى الا وهو اجبار القوات الامريكية على الخروج من العراق لكي يحكم الحزب قبضته على السلطة وهو ما حصل لاحقا. ومقابل ذلك فقد تكشفت بوادر الاتفاق السري الذي ابرمه الحزب مع تنظيم القاعدة واهم بنوده هي عدم إستهداف تنظيم القاعدة لحزب الدعوة قيادات وقواعد. ولذا فليس من المستغرب ان تنظيم القاعدة لم يستهدف بعملياته الإرهابية مقرا حزبيا واحدا للحزب من عشرات المقرات المتناثرة في انحاء العراق والتي كانت تعوزها الحماية اللازمة.كما وان التنظيم لم يستهدف قياديا واحدا من قيادات الحزب في حين استهدف العديد من القيادات الاخرى كالمرحوم محمد باقر الحكيم وعز الدين سليم وآخرين غيرهم.وهكذا وفر الحزب غطاءا للتنظيم مقابل عدم استهدافه. ولقد تأكد وجود مثل هذا التحالف عبر عمليات إطلاق سراح الارهابيين من المعتقلات العراقية.فالجيش الامريكي اعتقل مئات الارهابيين وعند انسحابه من العراق سلمهم لحكومة المالكي التي اودعتهم في القصور الرئاسية في البصرة والتي يشرف عليها اعضاء حزب الدعوة الحاكم وفي عدد آخر من المعتقلات التي يشرف عليها الحزب الذي يهيمن على وزارة الداخلية وتخضع بشكل مطلق لسلطة الحزب. الا ان هؤلاء الارهابيين غالبا ما يعلن عن هروبهم من تلك المعتقلات المحصنة وكان آخر عمليات الهروب هي تلك التي وقعت الاسبوع الماضي في سجني ابو غريب والتاجي .وفي ذلك دلالة واضحة على التعاون السري بين تنظيم القاعدة وحزب الدعوة.فبرغم ان العمليات لم تعد تستهدف الامريكان بل تستهدف المواطنين العراقيين الا انها تخدم اهداف الحزب في ديمومة بقائه في السلطة. فالحزب يستثمر هذه العمليات الارهابية لابقاء المواطنين في حالة من الرعب والاستنفار الطائفي في ظل الأجواء الملبدة بالغيوم التي تعم المنطقة.وليوجه اهتمام الشعب العراقي نحو الارهاب فيما يستمر في احكام قبضته على السلطة والهيمنة على كافة موارد البلاد الاقتصادية. وأما المؤشر الآخر لتحالف الحزب والتنظيم فيتمثل في تقديم الحزب كل العون اللازم لتنفيذ العمليات الارهابية. فالحزب وعبر وزارة الداخلية يمنع استخدام التكنولوجيا الحديثة التي تجهض العمليات الارهابية.فالسيارات المفخخة تمر عبر نقاط التفتيش التي تستخدم أجهزة مزيفة لكشف المتفجرات استوردها قادة الحزب الذين يشرفون على القوى الامنية . فبرغم ان التجربة أثبتت فسادها وبرغم ان الحكومة البريطانية قد اعتقلت عدة اشخاص من احد الشركات البريطانية المسؤولين عن تصديرها للعراق الا ان المالكي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة يرفض سحبها من السيطرات بل يصر على ابقائها رغم اثبات عدم كفائتها ومنذ خمس سنوات ورغم انا تسببت بازهاق ارواح الالاف من العراقيين! وهو ليس بصدد استيراد اجهزة فاعلة ومن مناشئ عالمية رصينة.وهو ما يؤكد وبما لايدع مجالا للشك مدى تعاون حزب الدعوة الذي يقوده المالكي مع تنظيم القاعدة الارهابي . لقد قدم التنظيمان أسوأ نموذج للحركات الإسلامية التي شوهت الإسلام فكلاهما يستخدم اساليب ارهابية لتحقيق غاياته واهدافه. وحزب الدعوة سقط في الامتحان الاول لدى تسلمه للحكم واثبت بان كل تلك الاهداف السابقه التي رفعها الحزب لم تكن سوى شعارات براقة لخداع الجمهور وعند تسلمه لحكم قدم نموذجاهو الاسوأ في تأريخ الحركات الإسلامية. إن خطورة حزب الدعوة تنبع من كونه قد تمكن من بناء امبراطورية مالية وعسكرية ضخمة وسوف يستخدم هذه الامبراطورية لنشر القلاقل والفوضى في العراق وفي دول الجوار حال فقدانه للسلطة ولذا فان هذا الحزب يعتبر السلطة في العراق مسألة حياة أو موت بالنسبة له ولذا فإن خطورته أشد بمراتب من خطورة تنظيم القاعدة المحدود الإمكانيات والذي أصبح ورقة شبه محترقة.
|