هبّ الريح ! |
(لا حياة بلا شمس، ولا كرامة بلا صدام حسين!) (عزل مرسي يفوق هدم الكعبة!) هذه الشعارات القومجية والاسلاموية البائتة نفسها تتكرر الآن في العراق، في الوقت الذي تلفظ الولاية الثانية لرئيس الوزراء أنفاسها ببطء، مخلفة المزيد من الخسائر الفادحة. تتكرر هذه الشعارات على نحوٍ وجدت لها موطأ قدمٍ وأنصارا تلهج ألسنتهم بها، وما ينضح منها لا يتلافاه في النهاية حتى الشاك بحماقة أن السيد نوري المالكي هو ضرورة المرحلة الحالية والمخلص الوحيد! المالكي جهبذ السياسة العظيم، الورع الذي يميز بين جيدها ورديئها، المتضلع بالمعارف، الخبير والناقد العارف بغوامض الأمور، السيد الشجاع والمقدام و"هبّ الريح" الذي يحفظ للمذهب ماء وجهه وللإسلام بيضته! أو هكذا يروج البلاط للسلطان بين باحث عن الأمان وباحث عما يسد حاجته من مفردات البطاقة التموينية. وهكذا يروج السلطان لنفسه أيضا من خلال تلميحاته بشأن الأفق المظلم والدامي الذي يخلو من كل صنديد شديد غيره يمتلك القدرة والحنكة لإخراج العراق من بؤسه وهلامه الظلامي. وكأن السنوات الثماني الماضية كانت خارج الزمن، وكأن الممسك بدفتها نحو الخراب عفريت بغي! عندما لا يملك السياسي القيادي ذرة من الخجل أو حتى الشعور بالتقصير، ولا يستقيل أو على الأقل يعترف بعجزه ويفسح المجال لغيره من ذوي الاختصاص، فإنه بالتالي لا يجد عيباً في تعويله على المثل القائل (الشين اللي تعرفه أحسن من الزين اللي ما تعرفه!) وهو ما يردده العراقي دائما كلما ظهر رئيس الوزراء على شاشة التلفاز ويبدأ بالحديث عن الخيانات والمؤامرات والانقلابات التي تحاك ضده في الخفاء، من أجل أن يعم الشر ويتم محو البلد واعادته إلى الدكتاتورية. يعرض نفسه دائما على أنه (الشين) الذي نعرفه ويستمتع بالشتيمة ما دام أنها أقل خطرا ووطأة من الرصاص والعبوات الناسفة، ولا تحتاج إلى مصدات وحرس وسيارات مصفحة تدرأ عنه نافورات السباب والبصاق، كلما انقطع التيار الكهربائي، وتذكر أحدهم أنه لا يملك خمسين مترا يجمع فيها أطفاله تحت سقف متهرئ! يجد في إيمان الكثير بآية (عسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم) مطهرا يفي بالغرض من أجل تنظيف عقول العامة من المطالبة بالتغيير، ويغسل أمخاخهم ويرسم لهم جحيما على أنه الوطن في حال تبلد حكمه وبارت تجارته. نعم، ربما يقف السيد المالكي حاليا موقف (الشين) الذي يعرفه الناس، لكنه وبعد ولايتين من الخيبة والخسارة لن يكون أفضل من (الزين) الذي لا يعرفه الناس، كما لا يبدو أنه ذلك الخير الذي سيصيبنا في النهاية، بعد طول تذمر وكراهية امتدت منذ أن لوح بقبضته وأطلق عبارته التي صارت أشهر من نار على علم: "بعد ما ننطيها!". |