إلى أين تسير مصر ؟!

 

 

 

 

 

 

مازال الشعب المصري يواصل احتجاجاته ومظاهراته الثورية دون كلل او ملل منذ اكثر من سنتين، ليس له شغل ولا مشغلة إلا الدخول في مظاهرات والخروج منها، ترك كل شيء وراءه وانتشر في ميادين القاهرة ليحتج ويثور ويرفع شعارات مناوئة لنظام الحكم القائم، الطالب ترك مدرسته وجامعته، والطبيب أغلق عيادته ومشفاه، ومدير المعمل أقفل معمله «بالضبة والمفتاح» وذهب مع عماله ليندد ويحتج، والمحامون تركوا المحاكم وقاعات المرافعة وراحوا يدافعون عن حقوق الشعب في ميدان التحرير. الكل توجه نحو قلب القاهرة ليعلن عن موقفه الرافض للحكومة ولشخص الرئيس بالذات، وبعضهم جلب معه أغطية وحاجات النوم لـ «يبلط» هناك، ويمارس «ثوريته» بحرية.. منذ اكثر من سنتين ودوائر الدولة في مصر معطلة، والمشاريع والاستثمارات الاجنبية معدومة وانخفض احتياطي الدولة من العملات الاجنبية بنسبة 60% وتراجع النمو بنسبة 3% وهبطت قيمة الجنيه المصري هبوطا حادا، بحسب بعض خبراء الاقتصاد، والشعب مازال هائما بوجهه في الميادين والشوارع كالمجنون، يصرخ وينادي بسقوط هذا الرئيس وذاك، رافعا شعارا واحدا لا غير وهو «ارحل»، ولا يوجد لديه اي مجال للحوار والتفاهم والجلوس الى طاولة المفاوضات، فقط «ارحل».. وعندما رضخ الرئيس القديم لمطالب الجماهير وترك الحكم للرئيس الجديد الذي جاء عبر صناديق الاقتراع وبآليات ديمقراطية، وحاز اغلبية الاصوات، عاد ثانية يتململ ويتحرك نحو ميدان التحرير، ليطالبه بإجراء انتخابات مبكرة بغية إسقاطه «ديمقراطيا» ولما رفض الرئيس ذلك بشدة ودافع عن الشرعية الدستورية، أثار ضده القوات المسلحة وأسقطه «عسكريا» بالضربة «الانقلابية» القاضية انتصارا لـ «الشرعية الثورية» كما ادعى وزعم ذلك. وبعد ان استولت القوى المعارضة لسياسة الرئيس الجديد «محمد مرسي» على الحكومة ووزعت الأدوار فيما بينها، بمساعدة الجيش طبعا، عاد الشعب مرة اخرى الى الشوارع والميادين للاحتجاج والتظاهر، رافعا نفس الشعار السابق «ارحل» ولكن هذه المرة لحكم العسكر والانقلابيين.. ويبدو انه تعود على الاحتجاج، فلا يمر يوم دون ان يخرج في مظاهرة او يعود من مظاهرة، حتى اصبحت حياته مظاهرة في مظاهرة.. أراد من الرئيس الجديد ان يحقق له بلمسة واحدة من عصاه السحرية كل ما حرم منه طوال 60 سنة من حكم العسكر، طلب منه ان ينهي الفقر والبطالة في البلاد وينهض باقتصادها المتهالك ويسدد ديونها البالغة «تريليون وثلاثمائة جنيه!» ويحولها الى جنة الله في الأرض.. فإذا كان العراق بـ «جلالة قدره» وهو أحد البلدان النفطية الغنية، مازالت نسبة الفقر فيه 23% رغم مرور أكثر من عشر سنوات على الحكم «الديمقراطي» الجديد، ولا يستطيع ان يحل مشكلة البطالة لحد الآن، فكيف يطالب المصريون رئيسهم بأن يعالج قضية الفقر والبطالة في دولة تعيش على القروض والمساعدات الخارجية في يوم وليلة!! والمطالبات لم تقتصر على المصريين فقط بل تعدتها الى دول العالم اجمع، كل دولة تطلب شيئا من الرئيس الجديد لينفذه؛ إسرائيل تريد ان يحافظ على العلاقة معها ولا يخرج من بنود اتفاقية «كامب ديفيد» للسلام، وقد اشتكى منه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو مرة أنه لم يذكر اسم إسرائيل منذ توليه الحكم ولو لمرة واحدة، والدول الغربية طالبته بـ «تقديم تنازلات ضد الدستور..» و(الامارات العربية المتحدة) رفضت مشروع قناة السويس الذي يتبناه «مرسي» بقوة وطالبته بإلغائه «لأنه سيجلب أكبر كارثة لاقتصاد دبي»،، نظير مبالغ مالية طائلة.. وكذلك الدول الغربية، والأمم المتحدة ووكالة صندوق النقد الأوروبي كلها كانت لها مطالب محددة وعلى الرئيس تنفيذها، وإلا فإنها ستقطع عن مصر الديون والمساعدات السنوية وتفرض عليها عقوبات لا قبل لها بها.. وأخيرا لما عجز الرجل من تحقيق هذه المطالب تآمروا عليه وأسقطوه.