الغاء تقاعد النواب مطلب شعبي قانوني ليس له ما يربطه بالشأن السياسي ولا بالصراع المحتدم بين الاحزاب والكتل والزعامات على السلطة، وليس له اي علاقة مع شخصيات سياسية او دينية من اولئك الذين اوصلوا البلد الى شفا حفرة من النار ثم القوه فيها ليحترق كل شيء الناس والثروات والارض. هذا المطلب الشعبي يستند على اسس قانونية واخرى دستورية وحقوقية، فالنواب ليس موظفين في الدولة كي يحالون على التقاعد بعد انقضاء فترة زمنية ملزمة وبلوغ عمر معين يؤهلهما للحصول على راتب تقاعدي في مرحلة العجز والشيخوخة، فهم ليس إلا مكلفين من الشعب لاربع سنوات عليهم فيها اظهار كفائتهم وجداراتهم وتحمل مسئوليات عملهم، فمن لم يحسن عملا ولا صنعا، يجب ان لا يكافئ على سوء تدبيره ولا على كسله ونومه فوق الكراسي او احتساءه القهوة والشاي في كافتيريا المجلس، وسوف لن يعاد انتخابه مرة اخرى انما يعود الى وظيفته الاصلية او الى الجامع او الحسينية ليشغل وقته بالدعاء الى الله عله يغفر له ذنوبه التي اقترفها بحق الشعب، وما اظن الله فاعلا. لكن، وكما كان متوقعا، دست بعض الاحزاب السياسية انفها واستخدمت حيلا تشبه حيل الفقهاء الاسلاميين لافراغ المطلب من محتواه القانوني وحشته باحاسيس العواطف المبنية على الشفقة والرحمة الملفقة. سارعت هذه الاحزاب والشخصيات بخطاباتها الناعمة الملساء كجلود الافاعي ان تجعل منه دعاية انتخابية ووسيلة سياسية للظهور بمظهر المحسن والمشفق الرحيم. ان اعضاء حزبنا يتنازلون عن رواتبهم التقاعدية، يقول معمم املس مرقط، فيسارع رهط من فصيل منافس اخر ليسجل ابتكارا دعائيا جديدا في النفاق الاستعراضي بالذهاب الى كاتب العدل لتسجيل تنازل غير ملزم عن الرواتب التقاعدية. لكنهم يتناسون مئات النواب السابقين الذين لا زالوا يتمتعون برواتب تقاعدية وحراسات شخصية هي ليست من حقهم، ويتغافلون عن اولئك الذين اوكل اليهم الامريكيون مناصبا عليا للدولة مثل غازي عجيل الياور رئيس الصدفة القبيحة والفأل السيء او اعضاء مجلس الحكم واعضاء الجمعية الوطنية؟ كذك يتجالهون الحديث عن القادمين من النواب الجدد للفترة التشريعية المقبلة، الذين يذكرونا بـ بافلوف ونظرية الانعكاس الشرطي، اذ يسيل لعابهم حالما يتم ذكر مجلس النواب، اولئك الذين يقبلون يد السيد او الشيخ وجها وقفا، ويكنسون الطرق امامه بالسنتهم كي ينالوا رضاه، فيضمنهم قائمته البرلمانية القادمة التي تبذل الجهود لتكون مغلقة حتى لا يعرف الشعب اسما لحرامي او دجال، فهل سيكتب القادمون تنازلهم ايضا قبل الانتخابات ام بعد الانتخابات.؟ لا احد من هؤلاء المرقطين ينبس ببنت شفة، اذ ان تصريحاتهم وخطبهم الغثيثة لا تحمل سلامة الطوية ولا صدق الشعور، هي ليست سوى شعارات سياسية ودعايات انتخابية يتم التخلي عنها حال انتهاء الغرض الانتخابي، مثلما تختلت الاحزاب والكتل عن وعودها وتعهداتها السابقة. ان كان هؤلاء صادقون، فلماذا لا يطالبون علنا بالغاء الرواتب، بل لماذا لم يقدموا اي طلب للبرلمان لكي يدرج على جدول اعمال برلمان النجيفي؟ ومع كل هذا الصخب عن التنازل وعن الشفقة ولاحسان والرأفة بالشعب والخطب الناعمة الملساء، صرح السيد محمد الخالدي مقرر البرلمان بانه لحد الآن لم يستلم اي طلب او مقترح للالغاء تقاعد النواب. الاغنية العراقية تقول حجيك مطر صيف ما بلل اليمشون .
|