كرسي تمليك

 

بمجرد أن يصل المسؤول الى هرم السلطة ويضع أقدامه في القصر ويجلس على الكرسي فأن ذلك يعني أن البلد اصبح ملكا" له ولأبنائه وحاشيته ( يعني ورث اهله), ونسي المقول المأثور (لودامت لغيرك ما وصلت اليك), فيصبح هاجسه الوحيد ( شلون يلزك بصمغ) قدر الامكان بالكرسي , ويخرج للناس في كل يوم على القنوات يتحدث عن بطولاته وحرصه على مصالح الشعب العراقي ومعاناته في سبيل تحقيق الرفاهية والامان للناس ,مع ان هيئته لاتدل أبدا " على التعب او الجهد فبدلاته الرسمية غاية في الاناقة وكرشه الممتلئ بأموال السحت يتدلى امامه وان اصابه نوع من التعب فهو بسبب امواله المتكدسة في بنوك سويسرا , ولايختلف وضع الحاشية كثيرا عن وضعه حتى انهم اصبحوا كورس انشاد كامل لكنه ليس موسيقيا وانما مجموعة غربان تنعق على الخراب في كل وقت وحين ,فأصبحت الناس تتشاءم من شخصياتهم القميئة وادعائتهم وسماجتهم , ولا يضهرو بمظهر البسطاء الا قبيل الانتخابات فتبدأ القنوات تسرد قصصا" عن حياتهم ومعاناتهم خارج البلاد ايام النظام, ولابأس في ذكر أيام البؤس والحرمان ليكسبوا مزيدا" من التعاطف, ليشعر المواطن لوهلة أنهم من أبناء الشعب ولتكتمل القصة يحرصون على أرتداء بدلات بسيطة خالية من الفخامة ليبنوا للناس أنهم لن ينسوا أيام العناء, وان العيشة في القصور لم تغيرهم لكنهم نسوا أن يكملوا تفاصيل القصة فالتحفيات والكراسي المذهبة والخواتم التي يحرصون على ارتدائها ثمنها أكثر بمئات المرات من ثمن البدلات الانيقة التي ظهروا بها في اللقاءات السابقة, ولم يكتمل دور التواضع الذي ارادو ان يظهروا به بسبب خطأ المخرج الذي كان من الواجب عليه أن ينتبه لهذه التفاصيل الصغيرة, وسرعان ما يبدئ الحديث عن استراتيجيات أ لانتقال للمراحل المقبلة والآليات والقفزات السريعة التي سيتحول اليها البلد وكأنهم يتحدثون عن( كنغر) وليس عن وضع بلد بأكمله وفي ختام احاديثهم التي لا تفهم منها شئيا سوى أستراتيجيات وآليات, يكتشف الناس انهم ليسوا اكثر من مجموعة من المحتالين البارعين في السرقة , وبمجرد ان يشعروا ان هناك من ينافسهم وان الناس قد سئمت منهم ومن اكاذيبهم ,يبدئ التهديد والوعيد وان العراق مقبل على حرب اهلية وان الوضع لن يستتب الا بوجودهم , وتتحول لهجة الحوار الى مبدأ انا ومابعدي الطوفان , وكأن عدوى الاخوان المسلمين وما يحدث في مصر انتقلت للعراق ألا أن الاخوان لم يستمر حكمهم لأكثر من سنة اما في العراق فمضت اكثر من ثمان سنوات على الفساد والسرقات والأنفلات الامني ومازالوا يحلمون بولاية ثالثة لأن البلد اصبح بأسمهم رسميا" والكرسي حكرا" عليهم ولن يكون لغيرهم.