شبعاد على شفير الهاوية !

 

كنا نعتقد أن تشكل هذا الشعب  جاء كمحصلة لتراكم عمليات العبور على متن قوس قزح الانتماء التراثيّ الحضاريّ المشترك، وضننا أن هذا ما يبلور معنى المواطنيّة للقاطنين على هذه الأرض القديمة، وأن العراقيين مملوءة قلوبهم بفيض المحبّة المتأصّلة الجيّاشة المجيرة لإستمرار كينونة شعب ووطن بعد صيرورتها السومرية الأولى..

لكنّ وبعد كل هذا التاريخ، فإن هذه الهويّة الروحيّة والفكريّة والثقافيّة والعاطفيّة بحاجة الى تأكيد مجدد، وبحاجة ماسّة  للانغراز في أرض شبعاد..

إذ أن كل المؤشرات تدل على أن العراق يتوجه نحو المجهول، فموجة التقتيل أخذت تتوسع رقعتها، ولا يبدو أن في الأفق تراجع في خضم المراوحة السياسية التي تشهدها الساحة السياسية العراقية، فمعادلة العيش المشترك فقدت أحد أهم مرتكزاتها المتمثلة بالرغبة بذلك..فثمة طرف وربما أطراف متعددة غير راغبة بالمضي قدما، في وجود دولة أسمها العراق يقطنها شعب متنوع الثقافات أسمه الشعب العراقي..فمعادلة العيش المشترك المقوضة قد وضعت هذا الإسم موضع التساؤل والشك، بالرغم من إدعائنا الممل بأن هذا الشعب أقدم شعب بالتاريخ....

وفي ظل هذه المعادلة المقوَضَة، فإن الذين يسقطون مضرجين ببقايا أشلائهم ودمائهم، وهم أبناء الشعب القديم المنقوض القِدَم، إذ لم تترك الأحداث الأمنية الأخيرة فرصة لوجود تصور غير أن هدفها ليس السلطة القائمة، ولا تدمير العملية السياسية والتخلص من أطرافها، بل يتضح أن الهدف المباشر هو تقويض وجود الشعب العراقي بما هو عراقي، وشرذمته الى شعوب بوضعه على أبواب حرب يستعمل فيها الشعب ضد بعضه البعض..

أن ما يحصل اليوم بسبب الانقسام العمودي في الحالة السياسية العراقية، وما تبعه من إستقطابات حادة في المجتمع، هو حرب معلنة ومفتوحة، بين أطراف لا تعترف بوجود حرب قائمة فعلا!! ،مما ينذر بأننا مقبلون على حالة من الفوضى السياسية في مختلف القطاعات، وأن خطرا كبيرا يحدق بنا، ويؤدي إلى مزيد من الإضعاف لمفاهيم ""الدولة " و"الأمة" و" الوطن"، تلك المفاهيم التي كانت رأسمالنا التأريخي لأكثر من عشرة آلاف سنة..

..من المؤكد أن لا احد غيرنا بإمكانه أن يفعل شيئاً لإخراجنا من مأزقنا، لأننا عاجزون عن إيجاد أدنى مستوى من التوافق، ولذلك فإن الأوضاع إذا استمرت على هذا الحال فإن الأكيد هو أن شفير الهاوية وشرارتها لن تتوقف عند حد معلوم.

كلام قبل السلام: ما نعرفه أقل بكثير مما لا نعرفه، وهذا يقوض فرصة أن نعرف أنفسنا على الأقل..!

سلام.