العراقي استحق وبجدارة لقب " المنكوب" ، لاحتفاظه بعلامته الفارقة بين شعوب المنطقة ، بانه صاحب خيبة كبيرة، حملها على ظهره "قمبورة" حزن ونكد وفقر ، وفوق كل هذا وذاك تعرضه لملاحقة و مطاردة من رجال السلطة ، لمنعه من إظهار "قمبورته" أمام الرأي العام للتعريف بالمحنة والخيبة ، او للحصول على تعاطف وتأييد دوليين ورعاية من منظمات إنسانية ، لكنها خذلته هي الأخرى ، عندما اقتنعت بان الشعب اختار بمحض إرادته العيش في "الوطن" التابوت ، ففضل الاذعان والخضوع والاستسلام للقدر ، والتهديد المستمر لأمنه الشخصي بإرهاب اعمى وسوء اداء حكومي وسياسي ، وهو متمسك بالصبر والمصابرة ، بعد ان صدق أكذوبة الزعماء والقادة والمسؤولين ، بان موازنة العام المقبل ستشهد القضاء نهائيا على" قنبورة" العراقي بإزاحة همه ومعالجة خيبته بقرارات ثورية رصينة تحقق المزيد من المكتسبات للشعب المنكوب . القمبورة" لا يشترك فيها جميع العراقيين، والبركة بالشباب والأجيال المقبلة ، وعلى هؤلاء تقع مسؤولية تصحيح حماقات الأسلاف ممن دفعوا ثمن الإذعان ، واصبحوا وقود حروب خاسرة ومن حافظ على حياته منهم ، يعاني اليوم الأمراض المزمنة ، والشعور بالذنب ، لأنه فضل الذهاب الى دائرة التجنيد في يوم إعلان سحب المواليد لخدمة الاحتياط ، ولم يؤجل الالتحاق لخوفه من كبسة "الانضباطية" والحاقه مخفورا بوحدته العسكرية وبانتظاره عقوبة زيان صفر ، والتعرض لمثل هذا الموقف ، يعني بان "القمبورة" تتضخم ، وتعطل النشاط الجسدي والعقلي وعلاجها لدى الآخرين خارج" وطن التابوت" باتباع خطوات تبدأ اولا برفض الصمت ، ثم الهمس فالكلام بصوت عال والصراخ ومن بعده الاحتجاج ، والاعتصام والتظاهر ، وهذا العلاج السحري مجرب في إزالة "القنبورات" على اختلاف أوزانها وأحجامها. "الوطن تابوت والشعب قنبورة " قد تصلح هذه الجملة مطلعا لقصيدة شعبية ، احيلها الى الزميل هاشم العقابي ليضعها في محترفه الشعري ، ويخضعها للتفكيك كما يجب، وليس كما ينبغي، لغرض التوصل الى معرفة الأسباب النفسية التي تجعل أصحاب القنبورات يتحملون عبء الأثقال ، ويرفضون تناول العلاج المجرب ، ولعل ما يثير الاستغراب ووجع الرأس ، ويؤدي الى ارتفاع ضغط الدم والسكر ان "ابا قنبورة" ، لطالما روج له الاعلام الرسمي السابق والحالي، بانه قائد الفتوحات وحارس البوابة الشرقية ، وقاهر العدوان الثلاثيني ، وصاحب مأثرة الصمود والتصدي في مواجهة الامبريالية والصهيونية ، ورافع راية اعلان الولاء الدائم للقيادة الحكيمة والضامن الوحيد لتحقيق شعار السلطة للحزب الحاكم . نهاية العام الفين قررت دائرة تابعة لديوان رئاسة الجمهورية بيع كميات كبيرة من الأغنام ، عرفت بين المتعاملين في تلك الأسواق وقتذاك باسم "الطليان الرئاسية " ، ومن مواصفاتها انها كبيرة الحجم وعلفها من نوع خاص ، و"الطلي الرئاسي" اصبح مصطلحا متداولا، وشاع استخدامه في "الجوبة" سوق الغنم ، لغرض السخرية ، فقررت الدائرة منع بيع "الطليان الرئاسية" لكي لا توفر الفرصة لصاحب " القنبورة "بان يوجه ضربات تحت الحزام لمن كان السبب في محنته .
|