العراق.. أما آن الأوان لتخطئة الأعتصامات أيضاً؟

 

 

 

 

 

 

اختلفت التعريفات حول: الثورة والانقلاب والتمرد والعصيان.. الخ من أساليب الكفاح التقليدية , لكن الآراء بعد استخلاص الدروس منها ولو متأخراً اجمعت على تخطئة معظمها, والصواب منها استثناء. واللافت ان تخطئة (الربيع العربي) تمت بسرعة قياسية مقارنة بتخطئة تلك الأساليب اشرت اليها وفوق هذا فان اعتصامات العرب السنة في العراق محاكاة لها وحلقة من حلقاتها وان تجنب اصحابها اطلاق الربيع العربي عليها بل فضلوا, تسمية مقاومتهم للنظام الحالي بـ(الاعتصامات) وساحاته بـ(العزة والكرامة) أو (الحق).. الخ من التسميات وبعد ولوج الاعتصامات شهرها الثامن من غير ان تحقق اي هدف نجد الباحثين في علوم السياسة يتحاشون الحكم عليها بالخطأ, وكأن (8) اشهر من انطلاقها غير كاف لأصدار الحكم بحقها, بالرغم من تقلص ساحاتها وتراجع اعداد المشاركين فيها اذ الغيت بعض منها في الموصل والحويجة وسليمان بيك والشرقاط, ما يعني انها حملت بذور فشلها معها منذ البداية ومع هذا ما زال بعضهم يتواجد في تلك الساحات, غير آخذ بالبال عقم الاعتصامات فتضاؤل الاهتمام بها الى حد نسيان بعضهم لها. فضلا من معاناتها لعزلة مريرة لأقتصارها على جزء من العرب السنة واخفاقها من جر المكونين الاخرين الكبرين الشيعة والكرد اليها (الاعتصامات) ناهيكم عن نفور المكونات الاجتماعية الصغيرة كالتركمان والمسيحيين والازيديين الخ.. من المكونات الصغيرة منها.
كان الفيلسوف الفرنسي (ديدرو) يرنو بمرارة واسف إلى جموع الثوار في (كومونة باريس ) لأن المعامل والمصانع والانشطة الاقتصادية توقفت بسببها والتي (الكومونة) لم تدم سوى 72 يوماً, والوجه الآخر لأسفه هو تخطئة الكومونة طبعاً ودعوة رجالها للعودة إلى أعمالهم.
ثمانية أشهر مضت على اعتصامات السنة, وما زال المعتصمون في (المربع الأول) واذا دامت 8 اشهر او سنوات اخرة فسيبقون في المربع نفسه.. فلا الحكومة تلتفت اليهم, ولا هم تمكنوا من الأرتقاء باعتصاماتهم ولا الأرهاب يستهدفهم، الأمر الذين يزين للمرء بأن يضع علامة استفهام على هذه الاعتصامات, سيما اذا علمنا , ان الأرهاب ضرب تجمعات أصغر منها حجماً بكثير، فعلى امتداد الأيام الماضية، فجر العديد من المقاهي والمطاعم ومجالس العزاء والمساجد وظلت الاعتصامات بمنأى عن تفجيراته! وكأنها مسألة لا تستحق الالتفات والذكر. ورغم الفشل المبكر (للربيع العربي) في ليبيا وتونس ومصر وحتى اليمن فان هذا الربيع يبدو متقدما على الاعتصامات السنية العراقية اذ كان زاخرا بالتقدم والتطور على صعيدي الكم والنوع وكسب العطف الدولي ومن ثم نجاحه في الاطاحة بالنظم الحاكمة في تلك البلدان. في وقت تعاني فيه الاعتصامات السنية في العراق من الركود والمراوحة في مكانها في حين كان التقدم ملازما لذلك الربيع مثل استقالة وزراء والنواب وانضمام قطاعاة من الجيش اليه الامر الذي تفتقر اليه الاعتصامات موضوع البحث .
اذا كان علم السياسة قد فرغ من نفي وتخطئة الأساليب المكورة رغم حصول ثورات وانقلايات نجحت على ضيقها، في تأدية رسالتها. فلا بد وأن يعرج هذا العلم الى تخطئة الأعتصامات كذلك كونها الاشد خطأ، اذ عزلت الالوف من الأيدي العاملة عن بناء الوطن والتوقف عن الانتاج، ثم ان قياداتها أبعد من أن تقدر على تحقيق الحرية والديمقراطية لجماهيرها، وعلى امتداد الشهور الفائتة سبق وان قلت ما نصه: هيهات ان تخرج الحرية والديمقراطية من عمامة رجل الدين أو عباءة رئيس العشيرة أو من فوهة بندقية الملثم الأرهابي الشقي. ومع إحترامي الشديد لرجال الدين، حبذا لو ابتعدوا عن السياسة لأنها صناعة لا تليق بهم وبالأخص في هذا العصر، وثمة عيوب اخرى في الاعتصامات تعجل من انهيارها وتخطئتها ، من حيث رفعها لمطالب تنادي باطلاق سراح الأرهابيين وتعديل الدستور لأجل إلغاء الفيدرالية والمادة 140 منه..الخ. وغيرها من الدعوات الضارة بالقضية السنية العادلة في العراق يكفي ان نعلم ان الاعتصامات بدلا من ان تثني الحكومة والميليشيات المذهبية عن مواصلة تهجير السنة واعتقال افرادهم وتعذيبهم او تكسب عطف العالمين العربي والاسلامي والمجتمع الدولي ايضاً فان الخروقات ازدادت بشكل ملحوظ في الايام والاسابيع الاخيرة بحق السنة وكان الاعتصامات في واد والاحداث والتطورات في واد اخر. هنا بودي الاشارة إلى قول لهيلاري كلينتون التي وصفت تعطش الاخوان المسلمين الى السلطة: (دعوهم يحكمون ليثبت فشلهم ويرحلون) وفعلا حكموا وفشلوا ومنهم من غادر الحكم ( اخوان مصر) ومنهم من ينتظر. ان المعتصمين سيواجهون الفشل عينه ليس في الحكم والذي لن يصلوه بل في ساحات الاعتصام.
ان على العرب السنة البحث عن وسائل نضالية اخرى وهي متاحة لتحقيق العادل من مطاليبهم، وكيف ان اعتصاماتهم لم تزد خصومهم إلا عنفا وشراسة ضدهم، وهاهي الحملات الطائفية على اشدها بحقهم، وعلى وجه الخصوص في ديالى وبغداد وغيرها من المناطق التي يتواجد فيها السنة بكثافة.