في لقاء السحور السياسي الذي جرى مع السيد خلف العليان جرى النقاش حول الرواتب التقاعدية الضخمة التي يتقاضاها النواب المتقاعدون ، وهو من ضمنهم ، والتي حاول تبريرها وإعطاءها صفة قانونية غير موجودة فيها اساساً . لقد أكد السيد العليان اكثر من مرة امام مقدم البرنامج الذي اعتبر ، بحق ، هذه الرواتب إرهاقاً لخزينة الدولة وسرقة للمال العام ، أكد العليان بأن الرواتب التقاعدية عموماً لا علاقة لها بخزينة الدولة وإنها تُصرف من صندق التقاعد الخاص بالمتقاعدين والذي يتكون من مبالغ الإستقطاعات التقاعدية التي يدفعها كل موظف شهرياً والبالغة 7% من الراتب . وبما ان النواب ليسوا موظفي دولة حتى وإن جرى إستقطاع المبلغ التقاعدي منهم حسب النسبة أعلاه طيلة مدة وجودهم في البرلمان ، فإنهم يتقاضون رواتب تقاعدية ضخمة ترهق خزينة الدولة فعلاً ولا صحة لما إدعاه وكرره السيد العليان مبرراً بتلك الحجة الواهية أحقية البرلمانيين بهذا التقاعد الضخم مكرراً صرف هذه المبالغ من صنوق التقاعد وليس من خزينة الدولة . ولكي نثبت للسيد العليان كذب إدعاءاته وبطلان تبريراته نناقش هذه التبريرات بالأرقام لكي يطلع سيادة النائب السابق من اين يستلم رواتبه التقاعدية كنائب سابق وليس كعسكري سابق . الراتب الشهري الذي يتقاضاه النائب العراقي يبلغ حوالي عشرة ملايين دينار عراقي ، عدا المخصصات الإضافية . اما الراتب التقاعدي الشهري للنائب بعد اربع سنوات من عمله في مجلس النواب ، إن كان وجوده هناك يسمى عملاً ، فيبلغ ، عدا المخصصات ايضاً ، سبعة ملايين دينار عراقي . وبعملية حسابية بسيطة نستطيع ان نثبت بأن السبعة ملايين هذه لم تأت جميعها ، بل قسم ضئيل جداً منها ، من صندوق التقاعد . اما ما تبقى من المبلغ فيأتي من خزينة الدولة . هذا إذا إفترضنا ان النائب يعامَل معاملة موظف الدولة ، وهو ليس كذلك، الذي يستحق الراتب التقاعدي بعد إنتهاء مدة الخدمة التي ينص عليها قانون التقاعد العراقي . ولو إنطلقنا من الإستقطاعات التقاعدية التي كانت تشمل السيد النائب او السيدة النائبة والبالغة 7% حسب قانون التقاعد العراقي فإن مبلغ الإستقطاع الشهري من راتب النائب سيكون 700000 (سبعمائة الف دينار عراقي شهرياً) . وفي حالة وجود النائب لمدة اربع سنوات فسيكون مجمل الإستقطاعات التقاعدية لمدة 48 شهراً 33 مليون و600 الف دينار عراقي . ويمكن إضافة مبلخ إجمالي قدره اربعة ملايين و400 دينار كأرباح لهذا المبلغ المُستقطع لمدة اربعة سنوات ( علماً بأن الجماعة يعتبرون مثل هذه الأرباح من نوع الربى الحرام ، إلا ان المثل العراقي يقول : عند البطون تعمى العيون ) فبذلك يكون المبلغ المُستقطع مع الأرباح لمدة اربع سنوات 38 مليون دينار عراقي ، هذا كل ما دفعه السيد النائب الذي إنتهت مدة جلوسه صاموط لاموط في مجلس النواب الموقر جداً . فكم يتقاضى السيد او السيدة شهرياً كراتب تقاعدي ولِما تبقى من عمره او عمرها الطويل . الراتب الشهري التقاعدي يبلغ سبعة ملايين دينار عراقي عدا المخصصات الإضافية . فلو قسمنا المبلغ المستقطع على سبعة ملايين شهرياً لوجدنا ان المبلغ المُستقطع لصندوق التقاعد مع ارباحه والبالغ 38 مليون دينار عراقي سينتهي في خمسة اشهر ويتبقى ثلاثة ملايين اخرى . فمن اين سيصرف إلى هذا النائب مبلغ سبعة ملايين دينار شهرياً مدى الحياة يا سيد العليان ، إن لم يكن من خزينة الدولة؟ السيد العليان ضابط سابق في الجيش العراقي ويستحق راتبه التقاعدي حسب قانون التقاعد العراقي إنطلاقاً من مدة الخدمة والدرجة الوظيفية التي بلغها والتي تؤهله لإستلام راتب تقاعدي يٌحسب بمعادلة خاصة تجعله في حدود 80% من آخر راتب تقاضاه الموظف . وللوصول إلى مبلغ 80% هذا يجب ان يضاف إلى الإستقطاعات التقاعدية مبالغ إضافية من قِبَل خزينة الدولة . إذ ان الإستقطاعات التقاعدية لوحدها ، حتى إذا إنطلقنا من مبدأ الربح التراكمي الذي يجنيه صندوق التقاعد في حال عمله بهذا المبدأ ، لا تكفي لتوفير راتب تقاعدي لا يقل عن 80% من آخر راتب . فالرواتب التقاعدية للنواب ، يا سيد العليان ، لا تستطيع ان تستغني عن خزينة الدولة حتى وإن جرى صرفها من صندوق التقاعد الخاص الذي لا تكفي المبالغ المتجمعة فيه لصرف الراتب التقاعدي للموظف حسب ما ينص عليه قانون التقاعد وبالنسبة التي ذكرناها اعلاه . ولحل هذه الإشكالية ولإسكات الأصوات التي تجعل من المطالبة بإلغاء الرواتب التقاعدية للنواب السابقين إنتهاكاً للقانون وأمراً به من القساوة على النائب وعائلته بحرمانهم من التقاعد ، يجب ان يصار إلى التعامل مع هذه القضية ضمن ما تقدمه لنا القوانين السائدة من حلول يتم بموجبها إحتساب مدة الخدمة في البرلمان مع جميع إستحقاقاتها التقاعدية كمدة خدمة في مؤسسة من مؤسسات الدولة تضاف إلى خدمة النائب المتقاعد في مؤسسات الدولة الأخرى ، إن كان له خدمة حقاً لدى الدولة . وبعكسه فإما ان تُصرف للنائب المتقاعد إستحقاقاته التقاعدية من المبالغ المُستقطعة من راتبه كنائب صرفاً فورياً ويستلم هذا المبلغ ( وعوافي)،أو ان ينتظر حتى يبلغ السن التقاعدي ويصرف له هذا المبلغ كتقاعد إلا ان هذا التقاعد سيكون ضمن الحد الأدنى للتقاعد والبالغ 150000 ( مائة وخمسين الف دينار فقط) أما سلوك اي طريق آخر فلا يمكن تسميته إلا سرقة لأموال الدولة . إذ ان مَن يستلم مثل هذه الرواتب التقاعدية ولفترة لم يقم بها بعمل يستحق عليه مثل هذه الأموال الطائلة لا يمكن تسميته إلا لصاً . ومَن يعترض على ذلك فليعطني تعريفاً آخر للصوصية .
|