في جلسة عشاء افطار لم يدفع تكاليفها من جيبه الخاص، استضاف السيد رئيس الوزراء نوري المالكي مسئولي القوات الامنية العراقية ليلقي على مسامعهم نصائح ومواعظ وليتنصل من تحمل عواقب اي مسئولية للفشل الذريع الذي رافق جميع الخطط الامنية. ورغم كل الخسائر التي شهدها العراق، ليس الماديةـ فهذه ومهما بلغت ارقامها لا تفوق خسائر الثروات الهائلة التي ينهبها شركاء المحاصصة، انما الخسائر في الارواح التي تعدت، وفي شهر واحد فقط الـ 3325 قتيل وجريح حسب الاحصائات الرسمية، ورغم خوف دول كثيرة ومن ضمنها الولايات المتحدة الامريكية من العواقب الوخيمة لهروب 1000 محكوم من سجن ابو غريب اكثرهم من الخطرين المحكومين بالاعدام، ورغم تفجير اساطيل من السيارات المفخخة اخرها كان تفجير21 سيارة مفخخة في يوم واحد، راح ضحيتها 60 قتيلا ومئات الجرحى ، يتجاهل المالكي هذه الحقائق المرة ليقول لكبار رؤساء قواته الامنية بان الامن مستتب ولا انهيار في المنظومة الامنية. الاغرب ان السيد المالكي يتحدث عن انتصارات يقول انها اثارت اعجاب العالم كله، في الوقت الذي يبدي العالم استغرابه ودهشته للفشل الذريع الذي تحصده الحكومة العراقية والخيبة بعد الخيبة التي يحرزها السيد المالكي رغم كل مناصبه والتي لم يسبق لدكتاتور ان احتلها قبله، فهو رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة ووزير الدفاع ووزير الداخلية ووزير الاستخبارات، له اتخاذ اي قرار يشاء وتحت تصرفه ميزانية هائلة من الاموال والثروات، ولا احد يسائله او يحاسبه او حتى ينتقده دون ان يثير غضبه وامتعاضه، ومع كل هذه الامتيازات لم يحقق اي نجاح يذكر. ان السيد نوري المالكي يشبه حكاية ذلك القروي الذي سألوه عن احوال القبيلة فاجاب ان شمر بخير وامان ما ناقصها الا الخام والطعام، على الاقل ان شمر تتمتع بالامان، اما العراق في عهد المالكي فينقصه كل شيء فلا طعام ولا خام ولا امن ولا امان. ان تصريحات السيد المالكي تعكس صورة واضحة عن اولياته ، فهو لا يهتم كثيرا لهذا العدد الكبير من الضحايا ويتجاهل النشاطات الارهابية ما دامت خارج المنطقة الخضراء ولا يكترث اطلاقا للهبوط السريع لشرائح اجتماعية واسعة الى ما دون خط الفقر ولا يتحدث عن انعدام الخدمات واهمها الكهرباء في هذا القيض الساخن. سلامة الناس والحفاظ على حياتهم وتوفير الخدمات العامة تقع في اخر سلم اولياته. انه صورة نمطية للحكام الشمولين الذين لا يهتمون الا بانفسهم، اولئك الذين ثارت عليهم شعوبهم وارجعتهم الى الحضيض. ان اهم ما يشغل القابع في الخضراء هو الحفاظ على سلامته وسلامة عائلته وضمان الجلوس على كرسي السلطة محاط تحميه الدبابات والمدرعات والصواريخ وازدحام مفارز التفتيش والسيطرات والكامرات. ليس هناك انهيار امني يقول السيد المالكي، فما دامت المنطقة الخضراء امنة والتفجيرات والقتل اليومي خارج اسوارها، وما دامت عصافير الجوع لا تعزف ببطنه وما دام حر القيض لا يصلي صلعته، فان الامن لم ينهار. انه بالطبع يتحدث عن امنه الشخصي، وعن دولته الخاصة التي لا يراها هو نفسه في اضغاث احلامه، فهو يعتقد كما اعتقد لويس الرابع عشر.. , L'État, c'est moi! الدولة هي انا، ربما اوحى له المتملقون، وهم صحفيون وكتاب وفنانون وطائفيون منتفعون وهو النرجسي حد اللعنة، بانه الدولة والدولة هو، خاطبوه بلقب لم يكن يوما من اصول المخاطبة في الادب الحكومي او السياسي في العراق، دولة رئيس الوزراء يخاطبونه اوعندما يرد اسمه في احاديثهم او كتاباتهم، انها ذهنية لا تختلف عن ذهنية حفظه الله ورعاه!! لقد صدق هذا الرجل نفسه واوهمها بانه سيستمر جالسا على الكرسي، صنم لا يتجرا احد على مسك الفاس وتكسيره قطعة بعد اخرى، متناسيا ان اصناما ارسخ منه قدما وبناء واقوى منه شكيمة وعزما كان مصيرها ان تصبح هشيما. انه يتبع نفس الاساليب الرعناء لاشباهه من الحكام الشمولين، الذين اهملوا شعوبهم واهتموا بالمتملقين، واعتمدوا على غوايات القوة وتوهمات الثقة باجهزة القمع. العالم قد اختلف، وولى عصر البطش والقمع والتعتيم واتباع اساليب الكذب والدجل والتضليل الرخيص. فمن يريد البقاء في المنصب عليه ان يوفِ المنصب حقه وشروطه واولها شجاعة المصارحة والجراة على المواجهه وليس الاختباء في مناطق لا يمر فوقها الطير. لقد قال الامام علي بن ابي طالب الذي كان يحارب بنفسه ودون ان يرتدي لامة حرب ولا طاسة راس تقيه ضربات السيوف والله ما أبالي ان أقع على الموت أم يقع الموت عليَّ اما سكان المنطقة الخضراء الذين يدعون انهم من من شيعة علي ، وعلي منهم ومن اعمالهم ومن فسادهم براء، فهم قابعون كالفئرانفي الجحور لا يغادرونها خشية وخوفا وجبنا حتى من صفير الطائر.
|