الشهيد علي هاشم مختار أوغلو كان ظاهرة قومية تركمانية يصعب تكرارها

 

 

 

 

 

 

في هذه المناسبة الحزينة وألاليمة على قلوب كافة تركمان العراق لايسعني هنا الا أن أستذكر جانبا من صفات شهيدنا الخالد علي هاشم مختار أوغلو الذي نذر حياته من أجل قضية شعبه ونال شرف الشهادة على هذا الدرب, وماكان يميز الشهيد مختار أوغلو هو اتصافه بعقلية منفتحة وعملية كانت تتيح له أن يوجد الحلول السريعة والعملية لأية قضية شائكة كانت تصادف طريقه, والشهيد مختار أوغلو كان رجلا مؤمنا بمبادئ ألأخوة الحقيقية, وكان من الداعمين دوما لوحدة وتلاحم وتكاتف تركمان العراق,ولعل اتصاف الشهيد مختار أوغلو بهذه الصفات النبيلة جعله هدفا لتلك القوى التي تسعى الى خلق الفتن والبلبلة داخل المجتمع التركماني في العراق من أجل إضعافه, وأشير هنا إلى اللقاء الذي كان قد أجري مع الشهيد مختار أوغلو من جانب فضائية توركمن ايلي في الليلة التي سبقت يوم استشهاده, والتي وجه فيها ندائه إلى أبناء الشعب التركماني في العراق داعيا إياهم إلى الوحدة والتلاحم والتكاتف من أجل تجاوز الظروف الصعبة التي تحيط بهم اليوم في العراق.

إن الشهيد مختار أوغلو كان ظاهرة قومية تركمانية يصعب تكرارها, الا أن الحركة التركمانية العراقية ستواصل مسيرتها رغم ذلك, وسنشهد في المستقبل المنظور بروز أكثر من ظاهرة قومية تركمانية شبيهة بظاهرة الشهيد علي هاشم مختار أوغلو.

وأود أن الفت النظر هنا إلى أن الشهيد مختار أوغلو تعرض وفي غضون عام واحد فقط قبل تاريخ استشهاده إلى العشرات من عمليات ألاغتيال المنظمة والتي نجا منها بفضل الله عز وجل , وان الجهات التي تقف وراء هذه العمليات كانت تهدف إلى ضرب الحركة التركمانية العراقية في الصمي,م والسعي إلى تغيير مسار هذه الحركة وتحريفها عن مسارها القومي المعروف, وبموازاة الهجمات المسلحة التي استهدفت شخص الشهيد مختار أوغلو, فانه جرى تنظيم حملة إعلامية مظللة ضد الجبهة التركمانية العراقية تحت غطاء مايسمى بالحفاظ على التوجه القومي للجبهة, وكان الهدف الحقيقي من ورائها دفع وإجبار الجبهة التركمانية العراقية الى التخلي عن ثوابتها الإستراتيجية, وتغيير إستراتيجيتها المتبعة منذ تأسيسها , إلا أن الجبهة التركمانية العراقية تمكنت من تجاوز كل ذلك بفضل حنكة وحكمة البعض من قياداتها.

وما يعز علينا وترك أثرا حزينا في نفوسنا نحن قيادات الجبهة التركمانية أننا لم نتمكن من إحياء ذكرى أربعينية الشهيد مختار أوغلو بمراسيم تأبين ذا طابع شعبي يحضره جموع المواطنين التركمان من مختلف مناطق توركمن ايلي, بسبب ألاوضاع ألامنية المتردية في العراق والتدهور ألامني الحاصل في قضاء طوزخورماتو مسقط رأس شهيدنا الراحل والتي احتضنت تربتها جثمانه الطاهر, والشيء اللافت أن اللجنة التي شكلت للتحقيق في ملابسات حادث استشهاد الشهيدين مختار أو غلو ورفيق دربه أحمد عبد الواحد قوجا لم تتمكن حتى اليوم من التوجه إلى مكان الحادث بسبب التدهور ألامني الحاصل في قضاء طوز خورماتو.

وهنا أود ألإشارة إلى أن الشرعية التي تستند اليها أية دولة من دول العالم, تعتمد على ثلاثة مقومات رئيسية هي: تحقيق ألأمن, وترسيخ العدالة, وتقديم الخدمات لأبناء شعبها, وان أية دولة تفشل في تحقيق مقوم واحد فقط من هذه المقومات الثلاثة فإنها ستفقد مشروعيتها, ومع كل ألأسف فان الدولة العراقية القائمة اليوم تفتقد إلى هذه المقومات الثلاثة بأجمعها.

واليوم فإننا أحوج مانكون إلى تأسيس قوة تركمانية مسلحة تتولى مسؤولية حماية أبناء المكون التركماني ودرء خطر العمليات ألإرهابية عنهم, شرط أن تكون بعيدة كل البعد عن التجاذبات الطائفية والمذهبية ولضمان تحقيق ذلك, يجب أن تناط مهمة ألإشراف المباشر على هذه القوة الى الجبهة التركمانية العراقية, ومن جانب أخر فان تشكيل قوة تركمانية مسلحة قائمة على أساس مذهبي, وتضم في صفوفها طيفا واحدا فقط من المجتمع التركماني في العراق, إنما سيؤدي إلى توتر ألأوضاع بشكل أكثر مماهي عليه ألان, ونحن في الجبهة التركمانية العراقية أعلنا موقفنا بكل وضوح من هذه المسألة, باعتبار أننا نعارض هذه الفكرة من ألأساس, لأننا نعتبر الشعب التركماني في العراق لحمة واحدة, ولن نسمح بأي محاولة لأحداث شرخ في بنية المجتمع التركماني في العراق من خلال ظهور التجاذبات الطائفية داخله.

وحول أسباب عدم دخول التشريعات المتعلقة بحقوق التركمان في العراق والذي يدعي البعض أنه قد جرى إقرارها من جانب مجلس النواب العراقي حيز التنفيذ , فانني أحمل الحكومة العراقية مسؤولية هذا ألأمر, بسبب خلافاتها المزمنة مع كافة ألأطراف في البلاد.

ولا يفوتني هنا ألإشارة إلى أن مفتاح الحل لقضية كركوك إنما يكمن في تطبيق مبدأ ألإدارة المشتركة للمحافظة بمشاركة المكونات الرئيسية الثلاثة ( التركمان والكرد والعرب ) وبشكل متساو, مع حفظ نسبة تمثيل عادلة لأبناء المكون المسيحي وبما يتناسب مع حجمهم السكاني في المحافظة.

وختاما فإنني أود أن أذكر أن الجارة تركيا التي تربطها بتركمان العراق رابطة الدين والدم واللغة, باعتبار أن تركمان العراق يعدون من الشعوب الناطقة بالتركية, وعلى هذا ألأساس تقع على تركيا مسؤولية تاريخية من جانب تقديم الدعم والمساندة المعنوية لهم, وهي لم تدخر جهدا في سبيل الحفاظ على مقومات الوجود التركماني في العراق, فلولا تركيا لكان تركمان العراق اليوم قد وصلوا الى مرحلة أسميها بمرحلة ألاضمحلال إن جاز التعبير , وهم ان تمكنوا حتى اليوم من الحفاظ على وجودهم القومي المميز في العراق فان هذا ألأمر تم بفضل الجارة تركيا, وان كانت قضية تركمان العراق قد أصبحت معروفة اليوم على المستوى الدولي وألاقليمي فان هذا ألأمر تم بفضل الجارة تركيا كذلك.

بقلم : د. هجران قزانجي

 

ممثل الجبهة التركمانية العراقية في تركيا