يشهد العراق تصاعدا غير مسبوق بالعمليات الإرهابية، حيث بلغت حصيلة ضحايا العنف في شهر تموز 630 قتيلا بينما بلغت الحصيلة لهذا الشهر إلى اكثر من 500 قتيل أي بمعدل 25 شخص باليوم الواحد، ومن دون ذكر عدد المصابين الذين يتوفى أغلبهم من جراء أصابته أو يعاني عجزا يلازمه طوال حياته. ومن أهم نتائج هذا التصعيد حادثة هروب السجناء، وبغض النظر عن الأعداد الحقيقة للهاربين 500-1000 إلا أن ما كان يهم القاعدة هو 500 من أبرز قياداتهم، تسببوا في قتل آلاف من الأبرياء وكابدت القوات الأمنية في اعتقالهم الويلات ليجمعوا بمكان واحد بإجراء غريب، ويتم تهريبهم بهجوم مسلح أقل ما يقال عنه أنه تاريخي ولم يحدث في أي دولة أخرى سابقا، هذه الأحداث تؤكد أن البلد تعيش كارثة أمنية لا يمكن السكوت عليها، وفي مثل هذه الظروف كان المتوقع من أعلى سلطة في البلد وهو رئيس الوزراء الخروج الى الناس ومواساتهم وتطمينهم أو حتى تبرير الفشل الأمني الحاصل بصفته المسؤول الأول عن القوات الأمنية. وهذا ما حدث ولكن بصورة مغايرة ففي مقابلة السيد نوري المالكي مع عدد من الصحفيين والمحللين السياسيين والاقتصاديين الذي جرى في قناة آفاق، تفاجئ الجميع بأن المقابلة كانت عن الفشل في عدد من الملفات الخدمية عزى سبب فشلها إلى مستشاريه ونائبه الأول الشهرستاني ونائبه عن الخدمات صالح المطلك، مع التنصل من الفشل في الملف الأمني. فبالنسبة لمشكلة السكن قام بتخصيص 12 قطعة أرض وتقسيمها إلى 150 متر لغرض توزيعها على الأرامل والأيتام مع منحة 5-10 ملايين لبنائها، بدون توضيح الآلية التي سيتم على أساسها الاختيار أو التوزيع، وعزى ذلك أن الدولة ليس لديها أموال لبناء مجمعات سكنية مناسبة !! وعند سؤاله عن تقديم تسهيلات للاستثمار وتقليل الروتين لكي يساهم في حل المشكلة اجاب بالنص "كل محاولاتنا بائت بالفشل واضطررنا للتوجه لهذه الطريقة لعدم وجود تعاون، وان 6 مليارات بإمكانها حل مشكلة السكن في كل العراق"، وأنا كمواطن يحق لي التساؤل من الذي لا يتعاون خاصة أن الموازنة تضعها الأمانة العامة لمجلس الوزراء وليس مجلس النواب؟؟ وأشار أن اكثر الشركات في العراق من الدرجة الرابعة والخامسة بحيث أضطر إلى تغير هوياتهم من (ب) إلى( أ ) لكي يعطيهم الفرصة وفق القانون، وأقر بأنه أخطأ بهذا لأنه تورط بشركات ومقاولين غير مهنيين أخذوا مشاريع ولم يستطيعوا إكمالها وهربوا وتركوا مئات المشاريع المتوقفة!! في الحقيقة لا توجد أي حسن نية في الموضوع فكيف يتم تسليم مشاريع ضخمة لإعادة بناء البلد إلى شركات من الدرجة الرابعة والخامسة؟؟ ولماذا لم يتم الاستعانة بعدد كبير من رجال الأعمال العراقيين المهجرين في الخارج ممن يملكون شركات مقاولات ممتازة، مع العلم أن أكثرهم عاد بعد الـ2003 ولكنهم لم يستطيعوا منافسة الشركات التي ذكرتها ولم تستطع الحكومة حمايتهم لهذه عادوا إلى المهجر مرة أخرى، هذا طبعا إذا أريد فعلا تطوير الشركات المحلية واستبعاد الشركات الأجنبية. وعن وزارة التجارة فقد أقر بأن وزارة التجارة فشلت فشلا ذريعا في البطاقة التموينية فمخصصات البطاقة بلغت أربع مليارات وكسر بينما ما يصل إلى المواطن مليار ونصف فقط ،وقد طالب بفرق الثلاث مليارات ليتم توزيعها على المواطنين!! ألا تستطيع الدولة توزيع حصة تموينية لائقة لمواطنيها، وأن لم تستطع لماذا السكوت طوال الفترة السابقة وعدم أيجاد حلول بديلة من غير التهرب من المشكلة بإبدال البطاقة بمبالغ نقدية تسبب غلاء السوق وتفقد قيمتها مع الوقت،و الأهم أن كان هذا فرق المبلغ لسنة واحدة، فأين فروقات السنوات السابقة؟؟؟ وبالنسبة للكهرباء فقد صرح انه وقع بنفسه مع شركتي جنرال موتورز وسيمنس على محطات توليد، ولكن مشكلة هذه المحطات أنها تعمل بالغاز وهو غير متوفر حاليا بالعراق!! أما عن سبب توقيعه فكونه ليس مهندس كهرباء، ولغباء المسؤولين عن ملف الكهرباء!! كيف يمكن لرئيس وزراء دولة أن يوقع عقود بملايين الدولارات بدون أن يكون ملما بكل التفاصيل؟؟ كما أن موضوع هذه المحطات ليس جديدا بل تم التعاقد عليها منذ 2008 فما الإجراء الذي أتخذه ضد من خدعوه؟؟؟ أما الملف الأمني فقد تغنى بمحاربته للمليشيات في البصرة والقضاء عليها، وأنه لم يكن يتصور حجم انتشارها الحالي حتى أن حراس سجن أبو غريب المتواطئين مع الإرهابيين كانوا من هذه المليشيات!! طبعا القصد هو جيش المهدي، فأن كان يرفض وجود المليشيات كما أسماهم فلماذا اتفق معهم لتشكيل الحكومة الحالية وأعطاهم ست وزارات؟؟ وبالنسبة لحادثة السجن فأغلب السجناء الشيعة لم يهربوا من سجن أبو غريب أما لمبدأ وأما لخوفهم من قتلهم لاحقا بيد إرهابيي القاعدة، كما أن وزير العدل أشار إلى أن حراس السجن لا يملكون غير الهراوات ومع ذلك قاوموا الهجوم وسقط بينهم عدد من الشهداء، وأن حماية السجن من مسؤولية الشرطة الاتحادية فما الداعي لمثل هذا الاتهام غير المعقول؟ ما هكذا تؤكل الكتف يا سيادة رئيس الوزراء، فاتهام نوابك ومستشاريك وأغلب وزاراتك بالفشل لا يخليك من المسؤولية، والوعود بتوزيع الأراضي وفارق الحصة للمواطنين لن يزيد من شعبيتك، والملف الأمني، وحسب ما صرحت به سابقا تحت أشرافك المباشر وأنت من سميت أغلب قياداته الأمنية من غير الرجوع إلى البرلمان، فلا داعي لسياسة قذف الاخرين بالتهم لفشل الملف الأمني خاصة في مثل هذا التوقيت وعمر الحكومة قد أنتهى تقريبا، والانتخابات البرلمانية على الأبواب، وفي الحقيقة فأكثر ما أجدته في مقابلتك التاريخية هو إعلانك عن انتحار سياسي.
|