الغالبية العظمى من أسواق المدينة ، مُغلقة طيلة النهار في الأيام الرمضانية .. وتُفتَح المحلات عادةً بعد صلاة العشاء والتراويح .. أي بعد التاسعة والنصف ليلاً .. وكأنما هنالك منعٌ للتجوال بتواطؤٍ من المُجتمع ! . وتبقى المحلات مفتوحة ، لغاية الفَجر ، والشوارع والأسواق مُزدحِمة بالناس .. بينَ مُتبَضِعٍ وبين مُتفرِج . - في الأعوام السابقة ، أيضاً .. كانتْ ليالي رمضان ، تشهد حركةً أكثر من النهارات .. ولكن ليسَ بالدرجة التي نراها هذه السنة .. أعتقد ان السبب ، يكمن في ان الرمضان الحالي ، تصادفَ في تموز وآب .. أحّر شهرَين في السنة . كذلك هنالك عوامل أخرى مُساعدة .. لبقاء الصائمين في البيوت وعدم مُبارحَتها نهاراً : حيث ان الكهرباء مُتوفرة وتكاد لاتنقطع ، مما يُتيح إمكانية تشغيل المُكيفات والنوم والإسترخاء .. وأيضاً إرتفاع القدرة الشرائية ، لقطاعات واسعة من المجتمع ، بحيث ان غالبية البيوت فيها مُكيفات ووسائل تبريد " في حين انها كانتْ نادرة قبل خمسة عشر سنة ، مثلاً " . - حتى حركة البناء والتشييد ، تشهد ركوداً وتوقفاً بشكلٍ ملحوظ ، ويتأجل العمل الى ما بعد العيد . إذ نستطيع القول ، ان نهارات رمضان اليوم ، هي فترة كَسل وركود . إذ ان [ معظم ] الصائمين ولا سيما غير الموظفين والعاملين في الدوائر الحكومية .. يقضون النهار كله في النوم . وحتى في الدوائر ، فأن الدوام والإنتاج والفعالية ، هي في حدودها الدُنيا . - هذا لايعني ، ان الجميع ، يمتلكون ( تَرَف ) النوم في نهارات رمضان . فلا زال هنالك الكثير من الناس ، يعتاشون من عملهم " اليومي " .. وإذا بقى عاطلاً لعدة أيام ، فأنه يُلاقي صعوبة في توفير الطعام له ولعائلته . ولقد رأيتُ إثنين من هؤلاء ، في الأيام القليلة الماضية ، حين عملوا عندي في المنزل ، حيث قمتُ ببعض الترميمات الضرورية البسيطة .. وكان أحدهما صائماً ولم يفطر " رغم ممازحتي وقولي له : إفطِر وانا أتحملُ ذنبك في الآخرة " ! ، والآخر كان إيزيدياً ، والمُدهِش انه كان يرفض شرب الماء او الشاي ، إحتراماً وتضامُناً مع زميله المسلم الصائم ! . نعم هنالك المئات من هذه النماذج ، الذين يعملون في الشمس والحَر ، في هذا الرمضان اللاهب . - لستُ ضليعاً في الشريعة والدين .. لكنني لاأُصّدِق ، ان الله يُساوي بين الصائم ، النائم .. والذي يقوم فقط لأداء صلاة الظهر والعصر ، ثم يعود للنوم لغاية موعد الإفطار .. وفي الليل يقضي مع أصدقاءه وشلّته ، ساعات طويلة في الكازينوهات والمتنزهات ، لغاية وقت السحور .. وهكذا . لا أصّدِق ان الله ، يُساوي بين هذا ، وبين صائمٍ آخر ، يعمل في النهار لكسب قوت يومه .. او حتى آخر غير صائمٍ أساساً ، مُجبرٍ على العمل الشاق في ظروف مناخية صعبة ! . أرى ان هؤلاء ، الذين يقضون كل نهارات رمضان في النوم .. يبتعدون كثيراً عن " المعاني السامية والنبيلة للصَوم " .. وأن هؤلاء لايشعرون بالتأكيد ، بمُعاناة وجوع وعطش ، الفقراء والمساكين والمُحتاجين .. أنهم يتحايلونَ على الأسباب الحقيقية للصوم ، ويلوونَ عُنق الشريعة ! .
|