ملاحظات مهمة في رؤية الهلال... بقلم خضير العواد |
يعتمد الشهر القمري في معرفة أيامه ولياليه على القمر ومنازله ، أي كانت بداية الشهر تثبت مع رؤية العرب للهلال في الليلة الأولى وعلى هذه الرؤية يعتمد الحساب التاريخي أو اليومي قال الله سبحانه وتعالى ( يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس ....)...(1)، ومن الأشهر التي يعطيها الناس الإهتمام الأكبر في معرفة بدايتها ونهايتها هو شهر رمضان بالإضافة الى ذي الحجة ، لأرتباط عبادات هذه الأشهر وهما الصوم والحج برؤية الهلال ومن ثم يتم تحديد الأيام والليالي، أي لهلال هذه الأشهر أهمية أكبر من بقية الأشهر القمرية الإخرى بسبب ذلك . ومن العوامل المهمة في رؤية الهلال أو تحديد بداية الشهر القمري هما معرفة مواقع البلدان بالنسبة لخطوط الطول والعرض والأقتراب والبعد من خط الأستواء ومتى يبدأ الشهر القمري . 1 -إن إختلاف مشارق ومغارب البلدان إنما يكون بسبب إختلاف خطوط الطول والعرض الواقعة عليها تلك البلدان ، ويطلق على البلدان التي تتفق مشارقها ومغاربها أو تكون متقاربة (بلدان المتحدة الأفق) ويطلق على البلدان التي تختلف مشارقها ومغاربها (البلدان المختلفة في الأفق) 2 -أن بداية الشهر القمري إنما تتحقق عند خروج القمر من المحاق وإنتهاءه يكون بأنتهاء حالة المحاق ثانية (أي بخروج القمر من المحاق). ولكن رؤية الهلال في بلد ما هل تكفي لإثبات الشهر في سائر البلدان أولا ، وقد بحث الفقهاء هذه المسألة ولهم فيها ثلاث أقوال : الأول: لزوم إتحاد الأفاق في الحكم بالهلال ، بمعنى أنه لو شوهد الهلال في بلد ما يترتب الحكم على أهالي ذلك البلد والبلدان المتقاربة معه في الأفق ولا يصح ترتيب آثار رؤية الهلال في البلدان المتباعدة في الأفاق ، ويتبنى هذا القول مجموعة من العلماء (الشيخ الطوسي ، المحقق الحلي ، العلامة الحلي ، السيد اليزدي ،السيد الخميني ، الشيخ بهجت ، السيد السستاني ) الثاني: عدم لزوم أتحاد الأفاق بل يثبت الهلال في جميع أقطار العالم ويترتب عليه أحكام رؤية الشيخ بشير النجفي ، وأما السيد الخوئي قيد الحكم بالمناطق المشتركة في الليل وأما التي فيها نهار والأخرى ليل فلا يحكم بأتحادهما بالحكم ويؤيده في الرأي السيد محمد الروحاني والشيخ التبريزي والشيخ وحيد الخراساني ) الثالث : التفصيل بين البلدان الواقعة في شرق البلد الذي رئي الهلال فيه فلا يثبت الهلال فيها ،وبين البلدان الواقعة في غربه فيثبت (أي حجيّة الشرق على الغرب وليس العكس) ويتبنى هذا القول كلاً من العلماء ( الشهيد الأول ، الشهيد الثاني ، السيد محسن الحكيم ، السيد محمد الشيرازي ، الشيخ المنتظري ، السيد صادق الشيرازي ، السيد محمد سعيد الحكيم ، السيد الخامنئي ) ولمساعدة الناس في تحديد البداية و النهاية الصحيحة للشهر إعتماداً على القواعد الشرعية ينبغي من المتصدين توضيح هذين العاملين للناس حتى يبتعدوا عن الإختلاف ويصبح عندهم طمأنينة في إثبات بداية ونهاية الشهر ، عندما كانت عملية تعين بداية الشهر على الرؤية إعتماداً على الشياع العام من قبل فقهاء المسلمين قاطبةً سنة وشيعة ، عندها يجب تشجيع الناس على الأستهلال ومساعدتهم في تحديد الزوايا أو الإتجاهات التي سيظهر فيها الهلال ، ويمكن الأخذ بنصائح الفلكيين في مسألة تحديد يوم الولادة وساعتها ومن ثم معرفة إمكانية الرؤية من عدمها وبعدها تحديد الإتجاهات والوقت الذي سيظهر فيه الهلال ، بعد هذا التنسيق ما بين نصائح الفلكيين و المهتمين بمشاهدة الهلال سوف تسهل عملية رؤية الهلال كثيراً ومن ثم يتوحد الرأي في تحديد اليوم الأول من الشهر ، العامل الثاني وهو أراء الفقهاء من ناحية المباني الفقهية التي يعتمدون عليها في حجية الرؤية في منطقة معينة للمنطقة الأخرى( كوحدة الأفق أو حجية الشرق على الغرب أو تعدد الأفاق) ، وهذه النقطة مهمة جداً وقد بيناها أعلاه ، ولكن يحتاج الناس توضيح أكثر لهذه النقطة من ناحية رأي مرجعهم في هذا الأمر ، وبعد فهم الناس لهذه النقطة بشكل وافي ودقيق عندها يصبح الأمر أكثر وضوحاً وسهلاً لأكثر الناس ، عندها لا يحدث أي إشكال أو إختلاف في مسألة تحديد بداية الشهر لأنهم سوف يطمأنون من ناحية الرؤية التي تساعدها نصائح الفلكيين وفي نفس الوقت الرأي الفقهي عندهم واضح من ناحية حجية المناطق التي شاهدوا فيها الهلال ، وبذلك سوف يتوحد الجميع في تحديد بداية الشهر من الناحية الشرعية التي تعتمد على الأدلة التي حددها الشارع المقدس ، أما أعتماد طريقة معينة في تحديد اليوم الأول للشهر وهذه الطريقة توحد جميع المسلمين وتجعلهم يصومون في يوم واحد ويفطرون في يوم واحد وعندهم يوم واحد لعرفة بالإضافة لعيدهم يصبح موحد هذا شئ جميل ويتمناه الجميع ولكن يجب أن يعتمد على الدليل الشرعي الصحيح ، لأن الغاية ليس التوحد بل الغاية هي الإقتداء بأوامر الله سبحانه وتعالى لأننا عباد والعبد يجب أن يتبع ويطيع أوامر مولاه إذ يقول الله سبحانه وتعالى ( وما خلقت الجن والأنس إلا ليعبدون )...(2) ، لهذا يجب أن نتبع الشارع المقدس في تسهيل أمر عباداتنا من خلال ما ثبت عند علمائنا الأعلام من أدلة شرعية إعتماداً على أيات القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وكليهما يؤكدان على مسألة الرؤية في تحديد اليوم الأول من الشهرقال الله سبحانه وتعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه)...... (3) ، قال رسول الله (ص) (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته )..... (4) ، ويسهل أمر تعين رؤية الهلال الإهتمام بالرؤية ونصائح الفلكيين وبذلك سيتم توحدنا وإمتلاك الطمأنينة في أعمالنا ونكون من الذين جمعهم ووحدهم الدليل الشرعي والإعتصام بحبل الله المتين ، إذ الوحدة الإسلامية الحقيقية هي التمسك بهذا الحبل إذ يقول الله سبحانه وتعالى ( وأعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) .....(5) وحبل الله هو الدليل الشرعي الذي يمثل الكتاب وسنة المعصوم (عليهم السلام) إذ يقول رسول الله (ص) (إني قد تركت فيكم الثقلين أحدهما اكبر من ألأخر كتاب إلله تعالى وعترتي فأنظروا كيف تخلفوني فيهما فأنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض )... ( 6) ، قال رسول ألله (ص) (إني تركت ما أن أخذتم به لن تضلوا كتاب إلله وأهل بيتي )... (7) فألتمسك بهذا الحبل المتين هو الطريق الصحيح للوحدة الأسلامية التي أرادها ألله لنا ، أما إكتشاف طرق جديدة للوحدة بدون دليل من ألله ورسوله فهذا يبعدنا عن دين ألله القويم ومن ثم يدخلنا في الضلال المبين . (1) سورة البقرة أية 189(2) سورة الذاريات آية 56(3) 189سورة البقرة أية 185 (4) وهذا الحديث رواه أغلب علماء الحديث من جميع الفرق الإسلامية كألعلامة الحلي في منتهى الطلب ج2ص ومحي الدين النوري في المجموع ج6ص276 وقد رواه بن حجر في تلخيص الحبير ج6ص250 وعبد ألله بن قدامة ج3ص10 والإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج1ص226 ومسلم في صحيحه ج3ص124والبيهقي في سننه ج4ص205 وغيرهم أمثال البخاري في صحيحه وابو داود سننه، (5) سورة آل عمران 103 , (6)- الحاكم النيسابوري –المستدرك ج3ص109 , (7) – البلاذري – أنساب الأشراف ص111 ,أبن عساكر – تاريخ دمشق الحديث 527-538 ج38ص29 |