يغذي الإرهاب المستشري في جسد الدولة العراقية من ميليشيات ومجاميع مسلحة وتنظيمات جهادية أزمة العنف التي تضرب البلاد منذ سنوات وفي الوقت نفسه فان أزمة التفرد الواضحة في ادارة الدولة والحكومة على وجه التحديد هي الاخرى تغذي العنف بحيث بلغ مستويات خطرة تهدد حياة المواطنين . نزوع التفرد الواضح لدى رئيس الحكومة عمق المشكلات وزاد من حدتها وما يحدث اليوم في البلد ليس أقل من حرب بل انها أسوأ لان طرفي النزاع " الإرهاب والتفرد " يسهمان في زيادة الانقسام الاجتماعي واستمرار نزيف الدم اليومي على حساب المجتمع ، طبيعة الصراع خلق اصطفافات جديدة داخل المجتمع ،اصطفافات بلا ملامح وغير واضحة الاهداف سوى النهب والكسب من الارهاب والسلطة . عمليات التغذية المتقابلة بين الارهاب ونزوع التفرد حول ادارة الدولة من حكومة الى سلطة لديها هدف محدد هو حماية مصالح طبقة معينة من المستفيدين والمقربين وتوفير الامن لهم وزحف نفوذ هذه السلطة الى بقية المؤسسات بحيث سيطر على المؤسسة التشريعية والتي تخلت عن دورها عبر اداء هزيل لايرتقي الى مستوى الازمات وحاجات الناس ، واستمر الزحف ليصل الى المؤسسة القضائية واصبحت هي الاخرى بيد السلطة التنفيذية . منذ سنوات والملف الامني يدار من قبل القائد العام للقوات المسلحة ورفض بعد العام 2010 منح الحقائب الامنية في وزارتي الدفاع والداخلية الى المرشحين من قبل الكتل السياسية وانتهى الامر بتسليم الوزارتين للوكيل الاقدم عدنان الاسدي ووزير الثقافة سعدون الدليمي وزيرا للدفاع بالوكالة ، لذلك فان التدهور الامني الحاصل هو نتاج سياسات التفرد والهيمنة على المؤسسات اضافة الى الارهاب . على الارض كانت النتائج وخيمة موت يومي ومجاني وفساد مالي واداري ، جميع الصفقات التي ابرمتها الداخلية والدفاع صفقات مشبوهة من أجهزة السونار وصفقة الاسلحة الروسية التي أسقطت الناطق الحكومي علي الدباغ الى ملف تعداد الاجهزة الامنية المثير للجدل وغير الكثير من ملفات الفساد لذا فان سجل المؤسسة الامنية يعاني مشكلات بنيوية فساد مالي وادارة فاشلة تزوقها دعاية مخجلة للانجازات من على القناة شبه الرسمية " العراقية " لوكيل وزير الداخلية ووزير الدفاع . بين يوم وآخر تنفذ جهات سياسية وبالتعاون مع المجاميع الارهابية والمسلحة هجمات نوعية قبل أيام تم اقتحام سجني التاجي وأبو غريب وتم تهريب عدد كبير من النزلاء المحكومين بجرائم كبيرة وبعدها بيومين يتم تفجير 17 سيارة ملغمة في بغداد وعدد من المحافظات وفي كل يوم هناك جريمة كبيرة تضرب البلاد . هذا المستوى من العنف لايمكن حصره بجماعة لديها نزوع اجرامي أو ميليشيات أو تنظيم مثل القاعدة صحيح أن لهذا التنظيمات دور كبير في العنف لكن للعنف مصدر آخر وهو المؤسسات وبشكل خاص الحكومة ، لماذا لايستشري الارهاب وثروات البلد لاتوزع بشكل عادل بين أبناء المجتمع ؟ لماذا لايستشري الارهاب وعدد كبير من الطائفيين يسيطرون على الكثير من المواقع والمناصب في الدولة ؟ لماذا لا يستشري العنف والفساد وهدر المال العام ينخر بالكثير من المؤسسات ؟ المشكلة الكبيرة أن الحكومة تستمر في عملها على الرغم من الاخفاقات في كافة الميادين ، لم تتمكن الحكومة وعلى الرغم من المليارات التي انفقت من زيادة انتاج الطاقة بما ينسجم مع الحاجة الفعلية للبلد لم تتمكن تحقيق استقرار امني ولم تتمكن من تقديم الخدمات والقائمة طويلة ، لماذا وعلى الرغم من الفشل لاتستقيل الحكومة من أجل حفظ ماء الوجه على الاقل ؟ المبررات وتحميل الاخر المسؤولية قد تكون في بعض النواحي صحيحة جراء التأثير الخارجي ووجود قوى غير ديمقراطية ولا تلتزم بالدستور والقانون لكنها ليست اسباب موضوعية لبقاء حكومة عجزت عن توفير الامن وليست اسباب موضوعية للسكوت عن أكثر من 396 ضحية في يوم واحد ، الواجبات الاساسية الاعتيادية لاية حكومة كانت توفير الامن والاستفادة من الثروات لتحسين أوضاع الناس المعيشية والخدمية وتحقيق السلم الاهلي . اما اذا كانت الحجج حجم المؤامرات الكبير على البلد فهذا أمر طبيعي تواجهه اية حكومة في العالم على الصعد الاقتصادية والعسكرية والثقافية ، وصدام حسين ليس ببعيد هو الاخر كان يتذرع بالمؤامرات ويتهم الاخرين بالخيانة ومحاولات تدمير العراق كل ذلك من اجل البقاء في السلطة . |