هل تفعل الحكومة ؟

 

ليتها تفعله، وإذا ما فعلته فسيكون أهم قرار استراتيجي تتخذه الحكومة الحالية منذ تشكيلها قبل نحو ثلاث سنوات، بل قد يكون هو القرار الاستراتيجي الوحيد الناجز لهذه الحكومة التي لم تحقق غير الفشل ولم تترك في الأنفس غير الشعور بخيبة الأمل البالغة وبالنقمة المتزايدة.
هذا القرار هو الاستعانة بقوات البيشمه ركة لحفظ الأمن في مختلف المناطق والمدن، وبخاصة العاصمة. رئاسة إقليم كردستان قدمت عرضاً في هذا الخصوص قبل أسبوع في خضم التسونامي الارهابي الذي يجتاح البلاد وعجزت عن صدّه أو التخفيف من وطأته قوات الحكومة الاتحادية المليونية المبذول عليها نحو 20 مليار دولار سنوياً. وجاء العرض في بيان لرئاسة الإقليم لم نسمع مثيلاً له لا من رئاسة الجمهورية ولا من رئاسة الحكومة، فكل ما سمعناه كان بيانات وتصريحات من وزارة الداخلية وبعض نواب ائتلاف دولة القانون، حمّلت مباشرة أو مداوة الشعب ووسائل الاعلام المسؤولية عن تفاقم أعمال الارهاب، بحجة ان الشعب يوفر الحاضنة للإرهابيين ووسائل الاعلام تبهرج العمل الارهابي!
رئاسة الاقليم دعت "الحكومة الاتحادية وكافة الأطراف السياسية العراقية الى سرعة اجراء مراجعة جدية للوضع"، واكدت "ان اقليم كردستان مستعد للمساعدة لكي لا تبقى حياة وأمن المواطن رهينة تهديدات الإرهابيين وأن يوضع حد لهذا الوضع السيئ".
وتكرر العرض منذ يومين عندما أبلغ وفد عسكري كردستاني رفيع المستوى يزور بغداد لاستئناف المحادثات العسكرية المتوقفة، وفداً من وزارة الدفاع الاتحادية "بالاستعداد الكامل لوزارة البيشمه ركة لإرسال قواتها إلى أي بقعة بالعراق في حال طلبت وزارة الدفاع الاتحادية ذلك، للمشاركة في التصدي للإرهابيين"، بحسب ما أعلن عنه الأمين العام لوزارة البيشمه ركة الفريق جبار ياور الذي أكد "نحن جزء من منظومة الدفاع العراقية نتحمل واجباتنا تجاه شعبنا وتجاه العراقيين جميعاً".
اتخاذ قرار بالقبول بعرض كهذا يتطلب في المقام الاول أن تتحلى الحكومة ورئاستها بالتواضع، وهذا يتمثل بالاعتراف بالفشل، أقله على الصعيد الأمني. أوساط الحكومة، وبالاخص فريق دولة القانون، لا تملّ من الترويج للفكرة القائلة بان الكرد يعملون لأنفسهم ويسعون للاستحواذ على كل شيء ويعملون على الانفصال. وعرض رئاسة الاقليم ووزارة البيشمه ركة سيكون اختباراً للجميع، وبالذات للحكومة التي يتعيّن ان تتصرف باعتبار ان المنظومة العسكرية والامنية الكردستانية جزء من المنظومة الوطنية الاتحادية وان من واجبها الاضطلاع بمهمة حفظ الأمن في عموم البلاد.
قوات الاقليم لديها تجربة ناجحة على الصعيد الأمني، والمؤكد انها ستنجح اذا ما كُلّفت بمهام خارج نطاق الاقليم. في المقابل فان تجربة القوات الاتحادية فاشلة .. لابد من الاعتراف بهذا، والفشل هنا يرجع الى الاسس غير الصحيحة التي بُنيت عليها المؤسسة العسكرية والامنية، وهي أسس صورة طبق الأصل عن الأسس التي قامت عليها العملية السياسية برمتها. أعني أسس المحاصصة الطائفية على وجه التحديد.
هل ستكون الحكومة ورئاستها على قدر المسؤولية باتخاذ قرار يرتفع الى مستوى عرض الكرد بالاستعداد للموت من أجل أمننا؟ .. لننتظر.