قبل ان ارد على هذا التساؤل ..اود ان اشير اولاً الى ان هذا الموضوع كان في ذهني منذ زمن بعيد ولكن الفرص لم تحن لطرحه في الاعلام اياً كان نوعه ..وثانيا ان الوضع الامني لا يشكل عائقاً في دراسة الفكرة بتمعنٍ وتجردٍ وهدوء ..وانني واثق من ان الفرصة سانحة للبدء بالدراسات الاولية ووضع الارضيات المناسبة والادوات والوسائل الضرورية لتنفيذ هذا الموضوع . والموضوع ببساطة واختصار هو احياء قلب بغداد النابض الحضاري في منطقة الباب الشرقي تحديداً - كمرحلة اولى - وفق تقنيات ووسائل حديثة توائم العصر وتتفق مع متطلبات التكنولوجيا المعاصرة ؛ وذلك على رقعة جغرافية معينة في المنطقة المحصورة بين شارع السعدون غرباً وشارع تونس جنوباً وشارع النضال شرقاً وشارع حديقة الامة شمالاً ..اي منطقة البتاويين تحديداً ..وذلك بتهديم الابنية القائمة حاليا فيها ...مع المحافظة على العدد القليل من الابنية التراثية جيدة البناء وترميمها وجعلها منسجمة مع الاطار العام للمخطط الجديد ..والابقاء على ابنية بعينها يمكن ان تتوائم مع التصاميم الحديثة - كعمارة الاطباء قرب ساحة النصر على سبيل المثال لا الحصر .

ولا يخفى على احد ؛ ويجب ان نعترف بذلك علناً ..ان اماكن عديدة في هذه المنطقة تعتبر من اخطر مناطق العاصمة كونها بؤرا لعصابات الاجرام والمخدرات والدعارة اضافة الى مقالب النفايات ..وهي قلب العاصمة ويرتادها الالاف يوميا لمراجعة الاطباء والمذاخر وورش التصليح ومعامل الالومنيوم والمطاعم وغيرها .. وان الكثير من الابنية فيها متروك منذ فترات طويلة ومهجورة اوايلة للسقوط ..والالية المقترحة الى ذلك هو حصر الابنية الموجودة في المنطقة ..وفق معايير دقيقة ضمن جداول زمنية محددة ومقبولة ؛ ومن ثم تخيير اصحابها بين التعويض المادي او تخصيص عقارات مشابهة لعقاراتهم عند اكتمال البناءالذي نقترح ان يكون على شكل عمارات لا تقل عن العشرين طابقا وفق التصاميم الحديثة مع المحافظة التامة على الهوية الوطنية والطراز المعماري البغدادي الاصيل .. وبهذا سنحل ازمة مواقف السيارات وازدحام الشوارع حيث ان من السهولة جدا ان تخصص اثنان او اكثر من الطوابق التحتية - السراديب ؛ كمواقف للسيارات كما هو معمول به في غالبية دول العالم التي تعاني من من مثل هذه المشكلة . واذا قدرنا مساحة المنطقة بكيلومتر مربع واحد على الاقل فأن ذلك يعني اقامة ما لا يقل عن خمسين عمارة متعددة الاغراض - سكن ومكاتب وعيادات طبية ومحلات ومطاعم ..اضافة الى الاشغالات الاخرى..وما تتطلبه المنطقة من ملاعب ومناطق خضراء ومدارس ومساجد ومركزاً للشرطة ووسائل الراحة الضرورية كالمسارح ودور السينما وقاعات الاجتماعات وغيرها..وكل ذلك يسهل تطبيق وسائل الامن والامان والسيطرة والتحكم والمراقبة والانذار وفق ادق انواع التكنولوجيا الحديثة ..من خلال شركات عالمية متخصصة من الشرق والغرب ساهمت في اقامة مشاريع متشابهة .. بعد ان نمحّص ونختار التصاميم المناسبة الملائمة لبيئتنا الوطنية ..

 والجغرافية والظروف المناخية القاسية التي نعرفها جميعا..وكل ذلك بعد فحوص واختبارات انشائية عالمية ذات مصداقية عالية للتربة من قبل مراكز متخصصة مشهود لها بالكفاءة.. ومن الطبيعي ان تراعي تصاميم المنطقة المقترحة قضايا الصرف الصحي والمجاري والاطفاء ومنظومات التبريد وتدوير النفايات وتوسيع الشوارع الداخلية والساحات واختيار الالوان المناسبة للظروف الجوية ..وكل ذلك سهل ويسير ؛ ولنا فيه تجارب ليست عالمية فحسب ؛ بل وحتى وطنية قريبة مثل شارع حيفا او منطقة الكرخ والعمارات الكورية اوالصالحية. ان التفكير بهذا الموضوع ليس بطراً ولا خيالاً ولا احلاماً بعيدة المنال ..كما ان الارهاب وتدهور الامن وتغير الحكومات والمسؤولين والادارات لا يمنع من ان نبادر لنضع الخطوات الاولى لتطوير وانعاش قلب بغداد النابض بهذه الصورة التي اقترحناها او غيرها ..كما ان التجربة يمكن ان تتمدد الى مناطق اخرى وصولاً الى شارع ابي نؤاس غرباً وساحة الفردوس جنوباً وجسر السنك وساحة الخلاني شمالاً في مراحل وسنوات اخرى ..يشجعنا في ذلك وجود اناس يريدون خدمة بغداد واهلها وحاضرها ومستقبلها لنعيد لها بعضاً من القها وحياتها الدافقة بالحياة..ومن المؤكد ان هذه اراء ومقترحات وافكار شخص غير متخصص ..سيغنيها ذوي العلاقة من الاكاديميين والخبراء والمتخصصين والفنيين بالمزيد من الدراسات والاراء والافكار وفق جداول زمنية مرنة وقابلة للتنفيذ ..وسترون كيف ستتهافت الشركات العالمية الكبرى على الاستثمار في المشروع حال الاعلان عنه.. كما ان ميزانية الدولة لن تثقل باية اعباء اذا نفذ المشروع عن طريق الاستثمار المباشر .. الذي من الممكن ان نشترط عليه تنفيذ مشارع جانبية ضرورية كالقاعات او الملاعب الكبرى ضمن عقد المشروع المقترح . واخيرا .. فلو توفرت النوايا والارادات الوطنية المخلصة ؛ فلكم ان تتخيلوا ان المشروع قد نُفـّذ.. افلا ترون معي ان الباب الشرقي والبتاوين يمكن ان يكونا قطعة من دبي .. وربما افضل منها كثيرا ؟!