أجمل حلقة إمتاعية قدمتها البغدادية في سحور سياسي جاءت في حوار الزميل عماد العبادي مع الشيخ كاظم آل عنيزان ، فقد بلغت الذروة في جذب المشاهد وجعله متابعا لكل تفاصيل الحوار المتنوعة . أهم مايمز الحلقة هو تلقائيتها وتهشيمها للسياق في نمط غير معهود بالمقابلات والحوار الذي يقوم على الرأي المتبادل والتقاطع المستمر وجعل الإعتراض نقطة لقاء ونهاية لكل موضوع او حكاية . واقعية الشيخ كاظم آل عنيزان وصراحته الفضائحية أعطت نكهة نوعية عالية ، ولهجته الجامعة بين الحسجة وبلاغة المثل والإنثناءات البلاغية المستعارة من الفصحى ، وتلقائية عماد العبادي في مناورته الذكية المتوفرة على معرفة حياة وتفاصيل الضيف ومايحيطها وكشف ذلك في تجليات الحوار . آل عنيزان كشف عن المفارقة الكبرى التي يعيشها المواطن العراقي في ظل الفوضى السياسية والفساد وهدر الكرامة والملاحقة والتعذيب والسجن التي يتعرض لها الفرد ، وكيف يتم تحويل الشخص المستقل والبريء الى معارض رغم أنفه ...! حكايا كثيرة عن مواقف جعلتنا نضحك بعمق تساوقا مع شر البلية ، فالرجل آل عنيزان أجاد كشف بعض استار هذه المهزلة العراقية بكل وضوح ، وبتوصيفات شعبية كوميدية لم تخلص منها حتى شخصيته نفسها ، وخلاصة الموضوع فأنه يقدم قراءة مبعثرة لواقع عراقي مشتت يتهاوى بين إرادات شريرة لاتريد له الإستقرار والسلام . آل عنيزان لم يستثن أحد من شتائمه وسهامه للسياسيين العراقيين والشيوخ الذين تورطوا في مداهنة السلطة ، ودول الجوار التي تشتغل لهدم المجتمع والبشر العراقي . أكتشفنا في الأخير أن آل عنيزان ليس معارضا بل هو شخص وطني صادق مع نفسه والآخرين ، ويناشد بحقوق الإنسان والمواطنة ودعم العملية السياسية والديمقراطية ، لكنه يسجن ويلاحق وتفرض عليه الإقامة الأجبارية والإستفزاز المستمر ويخلق منه ظاهرة إحتجاجية ذات بعد وطني وسمعة دولية ، وتلك هي القصة التي تنسج خيوطها مهزلة الحياة السياسية في العراق . حلقة عراقية ممتعة بإمتياز روحي وشعبي جريء أنتزعت منا الإعجاب للبرنامج والقناة وهي تنطق بلسان الواقع المذبوح . شكرا للبغدادية وجرأتها العالية .
|