اغلاق السفارات الامريكية اسباب ونتائج

 

 

 

 

 

 

تناولت الكثير من المواقع الاخبارية والقنوات والصحف خبر اغلاق السفارات الامريكية بقرار حكومي بكثير من التحليل والاستنتاج، ولأهمية الموضوع وعدم قناعتنا بالكثير من الطرح حول الموضوع خاصة ما يتعلق بتأثيراته على الساحة العراقية وإلام يشير، سنتناول هذا الموضوع بشيء من التحليل لعلنا نصل لرؤية منتجة خاصة ونحن نتحسس خطراً كبيراً وراء هذا الحدث وتداعياته.
قررت الحكومة الامريكية اغلاق بحدود20 سفارة وقنصلية لها منتشرة في الشرق الأوسط وأفريقيا يوم الاحد 4/8/2013مع تحذيرات لمواطنيها من السفر بحجة وجود تهديدات. وأعلنت لاحقاً استمرار الاغلاق لأكثر من اسبوع بدافع الحذر دون وجود تهديدات جديدة واستمرار التحذير من السفر إلى نهاية شهر آب على أن يتم فتح بعض السفارات ومنها سفارة العراق والجزائر وافغانستان يوم الاثنين القادم
ووفقاً لتسريبات من صحف عالمية فإن مصدر التهديدات اعتراض وكالة المخابرات المركزية لاتصال هاتفي أو رسالة بين الظواهري زعيم تنظيم القاعدة والحويشي قائد التنظيم في الجزيرة العربية وفي بعض الاخبار إن الموضوع لم يكن مجرد اتصال بل كان اجتماع عبر الهاتف ضم نخبة من قادة التنظيم على مستوى العالم!
وقد اعتبرت الحكومة الامريكية وبالتبع لها حكومات غربية أخرى كبريطانيا والمانيا ما ورد في هذا الاتصال رغم عدم الوضوح فيه من ناحية الخطة ونوعية الهجمات اعتبرته تهديداً خطيراً يقترب في حجمه-وفقاً لمصادر- من حجم التهديد في هجمات الـ 11 من أيلول بحيث استدعى هذا الاجراء الذي تقوم به الولايات المتحدة لأول مرة ونقصد اغلاق عدد من السفارات لهذه المدة دفعة واحدة.
ووفقاً للمواقع والصحف والقنوات العالمية ووفقاً لبعض التحليلات والمقالات فإن أسباب هذا الاجراء يمكن تحليلها بما يأتي:
1-اجراء طبيعي ناتج عن حجم التهديد الكبير الذي تضمنته الاتصالات التي تم اعتراضها حيث من الواضح إن القاعدة تخطط لهجمات كبيرة على المصالح الامريكية خصوصاً مع تزامن هذه التهديدات مع حملات تهريب منظمة متتابعة لسجناء القاعدة شملت العراق وليبيا وباكستان بالتتابع حيث وصل عدد الذي تهم تهريبهم لحد الآن إلى 500 سجين في العراق يوم 22/7/ 2013 ، و1200 سجين في ليبيا بعده بخمسة أيام ، و248 سجين في باكستان نهاية شهر تموز ، واطلق الانتربول على أثر ذلك تحذيرات باحتمال حدوث هجمات ارهابية كبيرة بعد اطلاق هذا العدد الكبير من سجناء القاعدة ومواليهم.
وشارك في المؤتمر عبر الهاتف بحسب الدايلي بيست نقلاً عن ثلاثة مسؤولين اميركيين في الاستخبارات طلبوا عدم كشف هوياتهم ممثلون عن القاعدة في المغرب الاسلامي والدولة الاسلامية في العراق والشام وحركة اوزبكستان الاسلامية وحركة طالبان الباكستانية وبوكو حرام واسلاميون من سيناء.
وقال احدهم "يكفي ان نرى قائمة الاماكن التي قررنا اغلاقها لتكوين فكرة عن المخطط!

ولا نعرف بالضبط ما الذي دار في هذا الاتصال أو الاجتماع الهاتفي؟
ولكن من الصعب التصديق بأن القاعدة تتحدث عن خططها عبر اجتماع هاتفي!
كما من الصعب التصديق بأن هروب السجناء بهذا العدد وبهذه الصور تم دون علم المخابرات الامريكية!

2-وفقاً للسيناتور الامريكي وايدن (ديمقراطي عن ولاية أوريجون عضو لجنة الاستخبارات) فإن هذه الاجراءات التي تم التحجج فيها بموضوع اعتراض الاتصالات جاءت لتبرير مشروع التجسس على المكالمات والانترنيت الذي تطرحه وكالة الأمن القومي ولإقناع الكونجرس بضرورة ذلك المشروع كما جاء في صحيفة الغارديان حيث أُعتبر اعتراض المكالمة المزعومة أحد منجزات هذا البرنامج!
وانتقدت المحامية إيمي ستيبانوفيتش من منظمة ( -Electronic Privacy Information Center - ) لحماية الخصوصية الربط بين التجسس على الأمريكيين في الداخل واعتراض اتصالات منظمة القاعدة الإرهابية في اليمن، زاعمة إن وكالة الأمن القومي تتبع ثقافة إثارة الذعر للحصول على تأييد أعمى على برامج التجسس، وفقاً لما أورده موقع BBC العربي عنها.
إذن وفقاً لهذه التحليلات فالمسألة خدعة لتمرير قانون التجسس لا أكثر!

3-رجح بعض المحللين إن الهدف اقتصادي والهدف منه ضرب اسواق المنطقة عبر تضخيم حجم التهديدات او افتعالها.

4-ما كشفه سنودن المتعاقد الامريكي مع وكالة الامن القومي واللاجئ حالياً في روسيا ما كشفه عن برنامج بريسم أو بريزم (PRISM) وهو برنامج تجسس رقمي مصنف بأنه سري للغاية يُشّغل من قبل وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) منذ عام 2007، يتطلب تنظيفاً-إن صح التعبير-في جملة السفارات والقنصليات لذا فإن إغلاق السفارات سببه كشف هذا البرنامج وسيتم إعادة فتح السفارات بعد إكمال المهمة.

5-من قراءة الوضع السياسي المضطرب في المنطقة التي شملها الاغلاق ومن الدور الامريكي الواضح في الفوضى الخلاقة التي إن لم نقل بأنها صنعت الربيع العربي فنقول إنها استثمرته وعودة إلى جذور تأسيس القاعدة التي لا يختلف عاقلان على إنها صنع أمريكي بامتياز واخذاً لتشكيك بعض الصحف العالمية بطبيعة اغلاق السفارات وعدم شموله لدول مهمة إذا كان السبب هو التهديد كما عن صحيفة واشنطن بوست التي أثارت تساؤلات عن سر فتح السفارات الأمريكية في المغرب ولبنان والاسكندرية وباكستان وإغلاقها في دول الخليج العربي!
وعدم تجاهل لطبيعة الدور الامريكي سياسة وجيشاً وإعلاماً في المنطقة خاصة في العراق والخليج ومصر وسوريا في السنوات الأخيرة يمكننا التصديق بالتحليل التالي التي نتبناه والذي قد يراه البعض ضمن تحليلات عقلية المؤامرة التي صار البعض يتخذها حجة لمنع التشكيك في نوايا وافعال دول لا تحركها الا مصالحها في حين يبرر لنفسه التشكيك بكل شيء!!
عموماً تحليلنا ينطلق من رؤيتنا ومعايشتنا للسياسة الامريكية والعناصر التي تحركها وقراءتنا لجملة من التقارير والكتب المهمة في هذا السياق ، حيث نرجح إن الاغلاق هو لإعادة صناعة منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا سياسياً واقتصادياً -باستثناء بعض الجيوب- فالاغلاق-خاصة اذا استمر طويلاً- مقدمة لذلك ورسالة واضحة للقاعدة بالتحرك أو رسالة لمن يراد لتحرك القاعدة ان يحركهم!
تهديد القاعدة ليس جديداً والاجراء الامريكي بغلق سفارات وقنصليات بهذا العدد إجراء غير مسبوق يمكن عده تضخيماً للحدث أو تبريراً لتصرف آخر أو للفت الانظار عن أمر آخر-مشروع وكالة الأمن القومي للتجسس والذي كشف سنودن جزء كبير منه- أو غير ذلك.
لا يمكن التكهن كثيراً بصورة إعادة الصناعة ولكننا نرجح أن تكون المعالم الرئيسية له علمانية غير ديمقراطية –تشبه في نتائجها الصورة التي صناعتها في خمسينيات وستينيات القرن الماضي- تتخذ من السخرية من الدين والإلحاد المعلن وتسويق صورة الاسلامي المتشدد –القاعدة والاخوان نموذجاً- وقضايا التطور العلمي والاقتصادي والخدماتي مبرراً لضرب الكثير من التوجهات الدينية مع الابقاء على تنظيم القاعدة عنصر تهديد مستمر والسماح له بتوسيع نشاطه في مناطق مثل سوريا وغرب العراق واليمن والابقاء على التصارع الطائفي وبل وتأجيجه.
أمام هذه الصورة التي قد يراها البعض سوداوية ومنطلقة من عقلية المؤامرة ولكننا نرى إن نصيبها من الواقع الكثير بوجود جملة من المعطيات التي يطول الحديث عنها. 
أمام هذه الصورة ما هو المطلوب للعمل؟
بالنسبة للوضع العراقي فإن فشل الحكومات المتعاقبة والتأثير السلبي للصراعات السياسية واضح فما هو الحل يا ترى؟
الحل برأيي صنع رأي عام واعي عبر أداوت وطنية ناظرة لثقافة واعراف المجتمع ومنطلقة منه لا من استنساخات واملاءات.
ولا يتم ذلك إلا عبر حملات توعية بالأخطاء والحلول ومنع حالات الاختراق للقاعدة والفكر الموجه من الخارج للتظاهرات والتجمعات والنشاطات الفكرية والاجتماعية والسياسية، خلاصة الكلام والتفاصيل كثيرة الحل من الداخل!