بحث للمنبر الحسيني * تفسير القران – معركة بدر
 
 
      










 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}"39 الحج"
        قبل الدخول في تفاصيل الآية المباركة لا بد أن نحيط بالأجواء السياسية والاقتصادية التي استوجبت الدفاع الجهادي المقدس عن الإسلام ، وأسباب الجهاد في الفقه الإسلامي...
        المعروف إن الهجرة النبوية ، هجرة المسلمين هي عملية هروب جماعي من مكة إلى المدينة المنورة  - يثرب -  بسبب القمع والممارسات غير الإنسانية التي اتبعها المكيون وقياداتهم ضد المسلمين ، ولعل المتتبع يتصور إن مدينة مكة لا تتحمل وجود دين يتعبد به الناس لإله واحد بجانب الأصنام  التي يعتبدونها والتي تدر عليهم أرباحا وموردا اقتصاديا كبيرا ، هذه  جزء من الحقيقة  التي وقفت قيادات مكة تذب عنها بكل ما أوتيت من قوة ، وبذلت الأموال والدماء من اجل تلك الموارد الاقتصادية المتمثلة بالصنم الذي يعبده الناس ... كانت الذريعة إنهم يدافعون عن الأصنام ومقدسات العرب ، وفي الحقيقة هم يدافعون عن موارد الرزق التي تدر عليهم من الأصنام ، باعتبار مكة منطقة سياحية يردها الناس من كل فج عميق وهذا ينشط الحركة التجارية ...
 
            هناك موقف للرسول {ص} حين خرج من مكة نحو المدينة ، التفت نحو مكة وقال:. " أنت أحب الارضين إلى قلبي وما خرجت منك إلا مرغما"  هذه نقطة الشروع في الهجرة إلى المدينة،  .... لماذا لم يبق فيها ويتحمل كما تحمل أنبياء آخرون السجن والتعذيب والسخرية مثل نوح وإبراهيم ويوسف..؟ ولو بقي في مكة أليس يمكن أن يجنب الإسلام المعارك وأحكام الجهاد ..؟ وقد ورد في التراث إن "حب الوطن من الإيمان "
           (حب الوطن من الإيمان ) بغض النظر عن سند هذا الحديث . من هو الوطن المعني بالحب انه إيمان ..؟  ثم هذا الحديث إن صح وروده ألا يتقاطع مع قوله تعالى :.. إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} ربما يصعب علينا حين سماع الحديث تصور الغاية منه ، واغلبنا يحمل الكلمة على منطوقها دون مراجعة  ...إذ لماذا يكون حب الوطن من الإيمان ؟! وهل يمكن أن يكون لهذا التراب بما هو تراب ، ولد الإنسان عليه ، وعاش في أجوائه ، قيمة واحترام إلى حد أن يعتبر حبه من الإيمان ؟ ويسوى هذا الحب لمن يتركه ناقصا للإيمان ..؟وإننا في مقام الإجابة على هذا السؤال ، نقول :
              الحب الذي يهتم به الإسلام لا يكون حباً عشوائياً ، لا هدف له  سوى انك ولدت على ترابه ، ولا فائدة منه . فالوطن الذي يعطيني درجة الشهادة وحبه أيمان لا بد أن تكون فيه امتيازات ... أهمها  أن أتمتع بالحرية فيه لممارسة شعائري الدينية ، وثانيا فيه قوانين تحافظ على جميع الأديان وعلى رأسها الإسلام دون ضغط ولا أكراه لطائفة معينة ... مثلا في السعودية الآن يمنعون تعيين ضابط في الجيش من الطائفة الشيعية ، بل في جميع الدوائر الأمنية ، وكذلك لا يتعين الشيعي بدرجة محافظ أو مدير عام أو مدير مدرسة ابتدائية ...!!
            نحن في العراق كنا حين نمارس شعائرنا كانت قوات الأمن تعاملنا كأعداء.. وليس من أبناء هذا التراب ولذا حين نهرب من الوطن تلصق بنا تهمة العمالة ، لإيران أو للغرب ، في حين تلك الدول أكثر أماناَ من بلادنا التي تعاملنا بالحديد والنار ... فأين الإيمان في حب الأرض .؟؟؟  نعم حب الوطن والأرض يجب أن ينسجم مع أهداف الإسلام العليا ، ومن منطلق إيماني واقعي إلهي ، فإنه ( يصبح من الإيمان) .
           نقطة أخرى مهمة :... كما أن الوطن الذي يعتبر الإسلام حبه من الإيمان ، ليس هو محل الولادة فقط  وإنما هو الوطن الإسلامي الكبير ، الذي يعتبر الحفاظ عليه حفاظاً على الدين والإنسانية ، لأن به يعز الدين ، وتعلو كلمة الله ، وهو قوة للإسلام ، لأنه محل استقرار وهدوء ، ولكن يأتي حاكم يقلب هذه الموازين كلها فيجعل المسلم أو المواطن يترك أرضه ويبحث عن مكان امن يأكل فيه لقمة براحة وأمان ..!!  فمن يحافظ على وطنه ، ويحبه بدافع الحفاظ على الإسلام ؛ وحبه ، فإن حفاظه وحبه هذا يكون من الإيمان .....أما إذا كان الوطن وطن الشرك والكفر والانحراف ، والانحطاط بإنسانية الإنسان ؛ فإن الحفاظ على وطن كهذا وحبه يكون حفاظاً على الشرك وتقوية له ، كما أن حبه هذا يكون من الكفر والشرك ، لا من الإيمان والإسلام .
ومن أجل ذلك فقد حكم الإسلام والقرآن على من كان في بلاد الشرك ، وكان بقاؤه فيها موجباً لضعف دينه وإيمانه : أن يهاجر منها إلى بلاد الإيمان والإسلام ، إلى حيث يستطيع أن يحتفظ بدينه قوياً فاعلاً ، وبإنسانية خلاقة نبيلة قال تعالى : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا : فيم كنتم ؟ قالوا : كنا مستضعفين في الأرض قالوا : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ؟ فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا)  بل إن محل ولادة الإنسان إذا كان يحارب الدين الحق ، ويسعى في إطفاء نور الله ، فإنه يحب تدميره على كل أحد حتى على نفس هذا الذي ولد وعاش فيه .
ومن هنا نعرف أن هجرة النبي {ص} وأصحابه من مكة إلى المدينة كانت هجرة طبيعية ومنسجمة مع الفطرة الإنسانية والفكر الصحيح ،إذن هناك دوافع ضغطت على النبي {ص} والصحابة لترك مكة هي :...

أولاً : إن مكة لم تعد مدينة  صالحة للدعوة الإنسانية ، بعد سيطرة الحيتان عليها ، وممن نزعت الرحمة من قلوبهم ، وقد تعرض النبي {ص} للمؤامرات والعداوات ووصلت الحال انه لم يبق أمل في دخول فئات جديدة في الدين الجديد ،بل العكس تطورت الحال إلى القتل والفتك بالمسلمين ....ربما كان ثمة مبرر لتحمل الأذى والمصاعب ، حينما كان يؤمل أن تدخل في الإسلام جماعات تقويه ،ولكن موقفهم عطل دخول أي إنسان في الدين الجديد ، وفعلا قتلوا سمية وزوجها ياسر وهما أول شهيدين في الإسلام .... فأصبح البقاء في مكة ليس فقط لا مبرر له ، بل هو تخاذل من المسلمين ومساعدة على حربهم  ، والقضاء عليهم ، أن جندت قريش كل عشائرها  لحرب النبي والقضاء على الإسلام ، ولا سيما بعد أن جندت قريش كل طاقاتها للصد عن سبيل الله ، وإطفاء نوره ، ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره المشركون .... فلا بد أن تحدث الهجرة ...

ثانيا :....  قضية الانتقال إلى مكان آخر ليست قضية سهلة ولكنها حالة صحيحة يمكن أن يتقدم الإسلام في تبليغه فقرر الرسول {ص} الانتقال إلى مركز آخر ، تضمن الدعوة فيه لنفسها حرية الحركة ، في القول والعمل ، بهدوء  واطمئنان بعيداً عن ضغوط المشركين ، وفي منأى عن مناطق سيطرتهم ونفوذهم .

ثالثا :.... إن الإسلام وممثله الرسول الأكرم{ص} لا يمكن له أن يقتنع بهذا المستوى من التبليغ وهذا العدد من المسلمين بعد 13 عشرة سنة ، لان دينه دين البشرية جمعاء : (وما أرسلناك إلا كافة للناس ).
من الناحية الأخرى : إذا كان بنو هاشم  استطاعوا أن يؤمنوا الحماية لشخص الرسول{ص}  من اعتداءات الآخرين على شخصه الكريم ، فإنهم لم ولن يستطيعوا أن يؤمنوا حماية أصحابه . الذين دخلوا في هذا الدين ، . فضلاً عن أن يتمكنوا من الدفاع عن قتلهم على الأقل ، فكيف لهم بتامين أرضية جماهيرية للإسلام  لو أراد أن يتوسع في نشر رسالته وفرض هيمنة هذا الدين وسلطانه ، إذا احتاج الأمر إلى ذلك .... ثم جاءت مصيبة وفاة أبي طالب {ع} فتطورت المواقف  بشكل مخيف  وبدأت المؤامرة لقتل النبي {ص} ولو تطلب الأمر بعض عشيرته من المؤمنين برسالته ...
إذا  صمد أولئك الذين أسلموا سنوات طويلة في مواجهة التعذيب والظلم والاضطهاد ، ولكن فر قسم منهم بدينه إلى بلاد الغربة ، وبقي الباقون يواجهون محاولات فتنتهم عن دينهم ، بمختلف وسائل القهر تارة ، وبأساليب متنوعة من الإغراء أخرى .وإذا استثنينا أشخاصاً معدودين ، كحمرة أسد الله وأسد رسوله ، وبعض من كانت لهم عشائر تمنعهم، فإن بقية المسلمين كانوا غالباً من ضعفاء الناس ، الذين لا يستطيعون حيلة ، ولا يجدون سبيلاً إلا الصبر ، وتحمل الأذى .   والحقيقة إذا فرض عليهم أن يستمروا في مواجهة هذه المصاعب والآلام ، دون أمل أو رجاء ؛ فمهما كانت قناعتهم بهذا الدين قوية وراسخة ؛ فإن من الطبيعي أن يتطرق اليأس إلى نفوسهم ، ثم الهروب والملل من حياة كهذه . وقد تستميلهم بعض الإغراءات العاجلة ، فيهلكون ويهلكون ؛ فإنه ليس بمقدورهم أن يقضوا حياتهم بالآلام والمتاعب .{ فأين حب الوطن من الإيمان في هذه الحالة ..؟}
 فقرر الرسول الكريم {ص} تغيير الواقع المزري الذي يعيشه المسلمون في مكة .. وهي الهجرة إلى المدينة ... عندها أرادت قريش أن تقبر المشروع الإسلامي كله قررت بعد مشاورات مكثفة رأت أنها اهتدت للطريقة التي تستطيع بواسطتها أن تقتل النبي {ص} دون أن تكون عشيرة محدده  مسؤولة أمام الهاشميين بالقتل ..ولا يستطيع الهاشميون أن يطالبوا بدم النبي {ص}  وذلك بأن يقتله عشرة ، كل واحد منهم من قبيلة ، فيضيع دمه في القبائل ، ولا يستطيع الهاشميون مقاومتها جميعاً ؛وتكون الدائرة عليهم ، وأما أن يقبلوا بالدية ، وهو الأرجح . وإذا قتل النبي {ص} فالقضاء على غيره من أتباعه يكون أسهل وأيسر .... 
  هكذا كانت تفكر قريش وتخطط . وهي تفكير محكوم بالعصبية القبلية . ولكنه ذكي جداً . وبالإمكان تحقيق الأهداف الشريرة تجاه الرسول والرسالة من خلاله .ولكن عناية الله سبحانه وإن كانت تشمل النبي {ص} والإسلام  رغم إن المؤامرة أسست وضعا متشنجا بين أهل مكة والهاشميين  وان إقدام قريش على تنفيذ مخططاتها –فشلت أو نجحت – سيعرض علاقاتها مع الهاشميين لنكسة خطيرة ...
 غير إن بقاء النبي {ص} حيا سوف يزيد مضاعفاتها بشكل مخيف ، لان المشروع الإنساني الكبير الذي يتبناه النبي {ص} لا بد  أن يصطدم مع المصالح المادية والفكرية مع المشركين في مكة . ...فكان لا بد للنبي الأعظم {ص} ولمن معه من المسلمين الخروج من مكة إلى مكان أمن لا يشعرون فيه بأي ضغط ، يملكون فيه حرية الحركة ، وحرية الكلمة ، وحرية التخطيط لبناء الدولة الإسلامية يكون فيه النبي {ص} قادراً على القيام بنشر دعوته ، وإبلاغ رسالته  السماوية ... فوقع الاختيار على المدينة المنورة ...سرّ اختيار المدينة :
وأما عن سر اختيار النبي{ص} للمدينة بالذات داراً لهجرته ، دون غيرها كالحبشة مثلاً ؛ فذلك يرجع إلى عدة عوامل ، نذكر منها ما يلي :

1-إن مكة تتمتع بمكانة خاصة في نفوس الناس . لان آلهتهم فيها يحجون لها كل عام ، ويقدمون القرابين لآله العشيرة ... وهذا يعني وجود نفوذ شعبي قوي من جميع العشائر في الجزيرة  العربية تمتلك الحق في التدخل المباشر لو حصل اعتداء على آلهتهم , وهذا سيساعد المكيين كثيرا في قبر الحركة الإسلامية وقياداتها .. فلا بد أن يكون هناك مكان امن بعيد عن هذه الأجواء المتشنجة ، وحتى لا تتمكن قريش من تمرير أكاذيبها على الناس بحجة حماية الأصنام من محمد {ص} وأصحابه ..

2- وجود قاعدة جماهيرية واسعة في المدينة تعهدت على حماية النبي {ص} وأصحابه وأبدت استعدادها للذب عنهم في حال تعرضهم لحرب وقتال " وهذا كان متوقعا تماما من النبي {ص} والصحابة "  وفعلا وقف الأنصار مواقف قدموا فيها الدماء الغالية ومدحهم القران الكريم والنبي {ص} ...

3 – المدينة المنورة فيها ثقل اجتماعي لا يقل عن أهل مكة ... خاصة إنها تضم الأوس والخزرج ، وهي مدينة أنتاج التمور الذي يعتبر السلة الأساسية لطعام العرب الذي يمكن حمله في الحل والترحال ولا يتعرض للتعفن ولذلك مصالح التجار المكيين مرتبطة ببعض الشخصيات التجارية في المدينة ... وقد حدثت بعض المواقف والكلام بين المكيين بخصوص بعض أهل المدينة لعبد الله بن أبي ، حين بيعة العقبة : ( ما من حي أبغض من أن تنشب الحرب بيننا وبينه منكم ) .والحادثة الأخرى  لما أخذوا سعد بن عبادة بعد بيعة العقبة وعذبوه ، جاء الحارث بن حرب وجبير بن مطعم وخلصاه ، لأنه كان يجير لهما تجارتهما .وهذا يعني ان تفكيرهم تجاري بحت ، ليس حبا به ومركزه الاجتماعي ، ولكن يؤثر على تجارتهم ويمنعها قومه من التحرك والبيع والتنقل ...

 كانت قريش قد لقيت من أبي ذر ما لقيت قبل دخوله الإسلام  ، حين أخذ عليها طريق تجارتها ، فإن ما سوف تلقاه من أهل المدينة سيكون أشد ، وأعظم خطراً ، وابعد أثراً ، ولا سيما إذا عقد الرسول{ص} تحالفات مع سائر القبائل المقيمة في المدينة  وهو حصل بالفعل ، وكانت المعاهدة بصورة تجعلهم مضطرين لقطع علاقاتهم بالمشركين ، لذلك حرص المكيون بشدة على علاقتهم مع أهل المدينة ... ولكن حين استقر النبي{ص} والمهاجرون في المدينة وبدأت الدولة الإسلامية تأخذ إطارها الصحيح ، تحولت الأفكار وتطلعت الجماهير  نحو النبي {ص} فبدأت مكة تضغط عليهم اقتصاديا ...
   لذلك عمدت مكة  إلى قطع جميع الموارد المالية عن النبي {ص} وأصحابه ... " أي أشبه بتأميم ومصادرة جميع ممتلكات المهاجرين " فاستولى كبار التجار المكيين على أراضيهم وبساتينهم وبيوتهم ، وسرقة بعض المقتنيات لهم التي تركوها في الهجرة وحين جاء موسم التجارة تم مصادرة جميع الموارد التجارية لمن هاجر مع النبي محمد {ص} ، عندها شعر المهاجرون بالظلم الكبير الذي وقع عليهم ..!! وهذه سابقة لم تجري في العرب قبل ذلك ، حيث أن العربي يحمي جواره حين غيابه ، بينما هنا هدموا بعض البيوت ، وأخرى أشعلوا فيها النيران ، ولم يبق لأي مهاجر مصالح مالية في مكة ....  هنا تحققت الغايات أن أهل مكة وتجارها مصممون على استئصال الإسلام بأي طريقة حتى لو هاجروا وابتعدوا عن مكة .... يذكر السيد عبد الحسين شرف الدين أن أبا سفيان تأثر كثيرا بسبب فشل عملية اغتيال النبي {ص} ليلة الهجرة ، واعتبر ذلك منقصة بالرجال الذي حاصروا بيت النبي {ص} ليلة الهجرة وتمكن الخلاص منهم ، وكانت ردة الفعل أن قاد جماعة الاغتيال وعددهم 40 أربعون رجل لتنفيذ العملية في المدينة ، فوصل إلى قرى نائية عن المدينة فيها عدد قليل من البيوت ، طوقها ثم أجرى حوار مع بعض الشباب والكهول الذين وقعوا كأسرى في يديه، حاول فيه ان يعرف نقطة الضعف في الحراسة حول النبي{ص} ليتمكنوا من اغتياله ، ولكن ابناء تلك القرى ابلغوهم استحالة القيام بذلك ، قالوا لهم :" أن أصحاب محمد {ص} يحيطونه كالنجوم التي تحيط البدر ليلة تمامه " عندها خابت ضنون أبي سفيان وقرر العودة لان العملية لو نفذت ستكون انتحارا ، وربما يقتل جميع أفراد المجموعة ، ولكنه استولى على طعامهم وما غلا ثمنه وخف وزنه ، وحملوا بعض النعاج معهم ، ورجعوا خائبين مدحورين .... فجاء بعض الشباب من تلك القرى واخبروا النبي {ص} بالحادثة ، فأمر بلال أن يؤذن ، اجتمع الناس .. فقام بتعبئة سريعة وخرج بنفسه ومعه عدد من المهاجرين والأنصار خلفهم يطلبهم ، ولكنه لم يظفر بهم ..وهذه تسمى بدر الصغرى .
   عندها قرر {ص} أن يؤسس سرايا بقوات عسكرية من المهاجرين فقط .وهي نواة وزارة الدفاع .. ولكن  لو وقع قتال لا يشرك به  أبناء المدينة باعتبار القضية خاصة بين المكيين فقط ولا يفتح ثغرة للحرب بينهم ... وفعلا تم تأسيس ربايا مراقبة في الطريق لحماية أبناء المدينة وعاصمة المسلمين .. وكان أول ضابط في الجيش الإسلامي حمزة بن عبد المطلب {رض} في ثلاثين رجل من المهاجرين ، سار في شاطئ البحر من ناحية العيص ، وهناك التقى بابي جهل ومعه ثلاثمائة راكب ومقاتل ، وكادت أن تقع بينهم اشتباكات  لولا تدخل " مجدي بن عمر الجهني" وهو رجل موادع للطرفين ، فانصرفوا دون قتال... ولكنها كانت رسالة قوية لمكة أن المسلمين أصبحوا قوة ويمكن أن يقطعوا عليكم الطريق التجاري ... واستمر حمزة في دوريته حتى وصل إلى عين ماء تقف فيها القوافل للتزود بالماء والاستراحة في " وادي رابع" فشاهد قافلة كبيرة يقودها أبو سفيان ويحرسها عدد يزيد على المائتين ، فانسحب حمزة دون احتكاك بتلك القافلة .. ولكنه أعطى رسالة إن الدولة الإسلامية أصبح لها جيش يحمي حدودها ...
 والسرية الثانية كانت بإمرة ابن عمه عبيده بن الحارث بن عبد المطلب ... ثم سرية أخرى بآمرة سعد بن أبي وقاص ، وحتما كانت تصل الأخبار لتجار مكة وجود سرايا عسكرية مسلحة نجوب الصحراء ويمكن أن تستولي على تجارة مكة .... كان النبي{ص} يحاول بهذا الأسلوب أن يجبرهم للجلوس على التفاوض وحل القضايا الثنائية ، خاصة تأميم ممتلكات المسلمين في مكة ، ولكنهم استمروا في غيهم وغاب منهم صوت العقل .
  وبعث رسول الله{ص} سرية رابعة بآمرة عبد الله بن جحش ، وهذه السرية لها قصة ... خرجت السرية في رجب وهو من أشهر الحرم ، ودفع اليه كتابا , وامره ان لا يفتحه الا بعد مسيرة يومين على طريق الطائف , ولما وصل مكان محدد بعد يومين , فتح الكتاب وجد فيه امرا من النبي{ص} ان يترصد الطريق ويكون عينا على قوافل مكة ، ليراقب عدد المسلحين والمدافعين ، حتى لا يقع النبي {ص} في مجازفة غير محسوبة ، كان معه في السرية عتبه بن غزوان وسعد بن ابي وقاص ، ويقال عثمان بن عفان ، قالا له فقدت لنا ابل في هذه المنطقة ونريد ان نبحث عنها ، فوافق لهما ولما ذهبا يبحثان القي القبض عليهما وأصبحا أسيرين عند أهل مكة .. يعني الحرب بدأت فعلا وهذه مقدماتها ..
   أما ابن جحش وأصحابه فأنهم تخندقوا قرب الطريق للترصد ، فجاءت قافلة تجارية يقودها أبناء مكة ، باتت ليلا بالقرب منهم دون علم منهم ، فتشاور أصحاب ابن جحش في أمر القافلة ، قال بعضهم هذا شهر حرم ، لا يحق لنا القتال ، وقال آخرون هذه القافلة مقابل أموالنا التي صادروها في مكة ، وشجع بعضهم البعض ، فقاموا بتطويق القافلة وشهروا سيوفهم ، فنهض لهم { عمر الحضرمي} يحمل سيفا ، فرماه احدهم بسهم فقتله ، عندها هرب المكيون وتمكن أصحاب عبد الله بن جحش اسر اثنين من أهل مكة ، وجاءوا بالقافلة محملة والأسيرين إلى المدينة ، فعاتبهم النبي {ص} على فعلتهم وقال لهم : ما أمرتكم القتال ... لان الجهاد لم يشرع لذلك الوقت والمسالة كانت دفاعية بحته ، دفاع عن النفس ، وهذه مسالة طبيعية  يقرها العقل والإنسانية ، ثم لامهم المسلمون بما صنعوا ... فاغتنمت قريش هذه الحادثة وروجت بين القبائل ان المسلمين خرقوا عادات العرب وانتهكوا حرمة الأشهر الحرم وسفكوا الدماء، ودخلت المجاميع اليهودية في إثارة الفتنة ، وأصبح حال المسلمين في موقف لا يحسد عليه ، فنزلت الآية المباركة :{ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}"39 الحج".. ثم تتابعت الآيات في تشريع الجهاد { يسالونك عن الشهر الحرام قتال فيه * قل قتال كبير وصد عن سبيل الله وكفرُ به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه اكبر عند الله} ...
  هذه الآية أسست مبدأ الجهاد في الفقه الإسلامي ، وألا كان المسلمون يتلقون الضربات دون أن يكون لهم حق الرد لأنه لا يوجد جهاد قبل ذلك اليوم ... الآية تقول إن المشركين يتمسكون بقول من عندهم أسسوه بسبب تجارتهم واستراحتهم من الحرب فقالوا بوجود أشهر حرم ، ولكنهم لم يلتفتوا للذين نهبت بيوتهم والذين أُخرجوا من مدنهم مرغمين هاربين خائفين ، وكأن ذلك حق من حقوق أبناء مكة .. والآخرون ليس لهم حق الدفاع عن انفسهم ودمائهم وأموالهم , والأمر الأكبر صد الناس عن سبيل الله وكفرهم بالله ...هذا اكبر من شهورهم الحرم الاقتصادية ..." يعني التشريع الإلهي لا يخضع لقول أعراب يخططون لمصالحهم ، فلو انتهكت حرمة الإسلام وجرى الدم الحرام لا حرمة للشهر الحرام لان تلك جريمة كبرى عند الله ... وهذا يذكرني بصدام حسين حين شن حربا على الجمهورية الإسلامية وفشلت غاياته في إسقاط النظام الإسلامي بالحرب عمد إلى أحياء مبدأ الأشهر الحرم الذي روجت له أبواق الأعلام المكية واليهودية ضد النبي{ص}" واستغل المكيون واليهود الحادثة وشنوا حملة ظالمة ضد النبي {ص} وكذبوا نبوته ...خاصة اليهود الذين كانوا يميلون لجانب المسلمين قبل الهجرة ،باعتبار إنهم يؤمنون باله واحد الذي يعرفه  اليهود ، ولكن بعد الهجرة تغيرت أخلاقهم من المسلمين ، ثم انظموا إلى جانب المشركين , فانزل الله تعالى على نبيه آيات يطمئنه انه لم يكن الوحيد الذي لاقى مثل هذه الإشاعات والتكذيب من قومه وغيرهم  ... يقول تعالى : إن يكذبك هؤلاء المشركون فلست بأول رسول كذب، وليسوا بأول أمة كذبت رسولها ( فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ * وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ * وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ ) أي: قوم شعيب. وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ )....
     هذه الأجواء التي كانت تعصف بين الطرفين ، المسلمون من جهة وأهل مكة ومعهم اليهود من جانب ثاني , كان النبي {ص} يعالج الموضوع بحكمة عالية ويصفح عن كثير من التجاوزات التي قام بها اليهود على المسلمين في المدينة، ولكن حكمة النبي {ص} تدفع بالتي هي أحسن ، حتى لا تكون حرب أهلية في المدينة بسبب وجود المسلمين ، بالتالي تتمكن مكة من تحقيق غاياتها في استئصال الإسلام والقضاء عليه، لأنهم مؤكد  لو وقعت حرب أهلية في المدينة سينضم اليهود لمشركي المدينة... وهذا يستوجب في أحسن الأحوال هجرة ثانية وهذه كبيرة جدا ... في تلك الأجواء أرسلت قريش رجل معه سرية كبيرة من المقاتلين اسمه { كريز بن عمر الفهري} فاستولى على بعض المواشي من رعاة المدينة الفقراء ... فخرج خلفه رسول الله {ص} وجماعة ولم يتمكن منه ... وهذه يسميها المؤرخون بدر الصغرى ... أو التي قادها أبو سفيان كما أسلفنا ... فيقولون بدر الصغرى والوسطى والكبرى ... فنزلت الآية المباركة { فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين } فقرر أن يخرج بنفسه بعد أن بلغه خروج قافلة كبيرة من مكة إلى الشام بقيادة أبي سفيان رأس الكفر ... فكانت غاية النبي أن يستولي على القافلة  ويلقي القبض على أبي سفيان ، لأنه لو تحقق ذلك سيرغم قريش على التفاوض لا محال ... فخرج على رأس السنة الأولى من الهجرة في سرية قوامها 313 بين فارس وراجل كانت غايته ان يجبر قريش للتفاوض .... غير إن أبا سفيان رجل تاجر مجرب ... تقدم أمام القافلة مع عدد من أصحابه لحمايته ، فوصل خيمة راعي في الصحراء ، سأله هل جاء أليك أصحاب محمد {ص} فأنكر الرجل هذا يعني انه كان متعاطفا مع المسلمين ، لان طلحة بن عبد الله التيمي تردد عليه وطلب منه ان يبلغهم حين قرب القافلة ، فلما أنكر الرجل جاء أبو سفيان إلى مربط الخيول وصار يفحص في روث الخيل فشاهد عددا من { النوى} من تمر يقدم للجياد, فعرف إن أهل المدينة يقدمون التمر لخيولهم، فتأكد إن هذا الرجل يتواطأ مع النبي والمسلمين .
  عندها قرر أن يحرف سير القافلة عن الطريق المعتاد ، واخذ جانب البحر ، وأرسل رجل من القافلة يجيد التعبئة والإعلام اسمه " ضمضم الغفاري" إلى مكة ليستنفر أهلها ، حين وصل ضمضم شعب مكة عمد إلى فرسه  فجذع اذته ، وحول الرحل إلى ظهر الفرس وشق قميصه من القبل والدبر ، ووقف على الفرس ونادى ،اللطيمة اللطيمة ... الذل والعار ، فتجمع أهل مكة كلهم ، ثم وصل أبو جهل ، ووجهه كالحديد من الحقد مما سمع، كأن النار تغلي في قلوبهم مراجل ، فقال ضمضم :. هذا محمد{ص} قطعوا الطريق على قوافلكم وأرسلني أبو سفيان مستنجدا بكم لحماية  أموالكم...هذا كافي أن تلتهب المشاعر ضد النبي {ص} والمسلمين ...
  فخرجت قريش برجالها وأكبادها ونساءها ، يحدوهم الحقد والأمل في القضاء على النبي {ص} وأصحابه جميعا حتى قال أميه بن خلف في جمع من الناس :." كل رجل لا يخرج لحرب محمد{ص} أنا سأعطيه عصابة ليشد رأسه أسوة بالنساء" واسقط بذلك الحجة لمن لا يريد ان يشارك في القتال ... ومقابلهم كان رسول الله{ص} في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا من المسلمين ، ولما بلغت النبي {ص} أخبار قريش واستعدادها للقتال ،وان القافلة أفلتت منه ، جمع أصحابه للاستشارة في الأمر ، استعرض رأيهم فيما لو وقعت الحرب بينهم وبين قريش ، لان الأنصار أعطوا عهدا للنبي{ص} واصحابة على حمايتهم من الهجمات في المدينة، والآن هم في موضع خارج المدينة، وهم الذين قطعوا الطريق على القوافل المكية ... فقال: أشيروا علّيّ .. فقال بعضهم: يا رسول الله هذه قريش والله ما ذلت منذ عزت ، ولا آمنت منذ كفرت ، وهي لا تسلم عزها أبدا، فتأهب لقتالها وخذ عدتك وحذرك ، .... وهذا موقف فيه حذر شديد وتريث في اتخاذ أي قرار ...
   ثم قام المقداد بن الأسود الكندي رحمه الله وقال:" يا رسول الله امضي لأمر الله فنحن معك ، ولا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسى ، اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، بل نقول اذهب أنت وربك فقاتلا , إنا معكما مقاتلون ، والذي بعثك بالحق لو سرت بنا إلى برك العماد لسرنا معك ، فدعا له رسول الله{ص}...
  ثم قال أشيروا علّيّ ... فقام أليه سعد بن معاذ وقال:" يا رسول الله كأنك تعنينا، - أي تريد أن تعرف رأينا في القرار أي الأنصار – فقال : نعم ، فقال سعد : لقد صدقناك وشهدنا لك بما جئت به وأعطيناك مواثيق وعهود على السمع والطاعة ، فامض يا نبي الله لما تريد ، والله لو أردت أن تستعرض بنا البحر وخضته ، لخضناه معك ، خذ من أموالنا ما تحب ، فما أخذته أحب ألينا مما أبقيته ، وعند اللقاء سنريك ما تقر به عيونك ..
 فمضى بهم النبي {ص} ونزل بدر ليلة الجمعة ، فارسل علي بن ابي طالب{ع} والزبير بن العوام ، وسعد بن ابي وقاص ، وبسبس بن عمر ، يتحسسون له الاخبار عند القليب ، فوجدوا روايا قريش ، فاسروا ثلاثة منهم واستطاع الرابع أن يفلت منهم ، رجع يصيح بأهل مكة ويحذرهم من محمد{ص} فلما وصل رفع صوته ، هذا ابن أبي كبشه وأصحابه قد اسروا سقياكم....
  في الجانب الآخر اخذ النبي {ص} معلومات مهمة منهم  للتعبئة العسكرية ، سألهم عن عددهم, فقالوا هم جمع كثير ولا نعرف عددهم، ولكنهم ينحرون يوما تسعة ويوما عشرة من الإبل، فقال النبي{ص} " هم ما بين 900 إلى 1000شخص ، ثم تقدم إلى عيون ماء بدر ، وسد اثنان منهما وجعل الثالث خلف قواته، فلما وصلت طلائع قريش إلى عيون الماء ، وجدوا إنها مطمورة ،والثالثة خلف أصحاب محمد.. فخاطبهم النبي {ص} بالجوار والرحم التي بينهم ، وذكرهم قرابة الناس ووحدة عشائرهم ... ومن كلامه :" يا أهل مكة ، ليلي هذا الأمر غيركم ، فان أظهره الله علّيّ كفاكم مني ، وان أظهرني على العرب ، دخلتم فيه كما يدخل الناس ... 
  وكاد هذا الكلام يدخل قلوب بعض المعتدلين وتسوى القضية ثم يبدأ الانسحاب ، لولا اخو عمر الحضرمي الذي قتل بسهم في الطريق من قبل سرية عبد الله بن جحش ، رأى إن المسالة تحتاج إلى فتنة وتصعيد للموقف ، فصاح " واعمراه" وصار يكرر ذلك بين الصفوف ، فاحدث  موقفا جديدا ، وانقلبت الموازين من السلم إلى الحرب .... فركب التكبر والعصبية رأس قادتهم ، فدخل عتبه خيمته ولبس لأمة حربه ، وخرج أمام الجيشين وقف وسط الساحة، ثم تبعه أخوه شيبة وولده الوليد ، فتوقفت كل الآراء المعتدلة ، فصاح عتبه : يا محمد ليخرج ألينا رجالك، فخرج أليهم ثلاثة من أصحاب النبي {ص} فلم يعرفونهم ، وقالوا يا محمد  ليخرج لنا اكفائنا
في الجانب الآخر اخذ النبي {ص} معلومات مهمة منهم  للتعبئة العسكرية ، سألهم عن عددهم, فقالوا هم جمع كثير ولا نعرف عددهم، ولكنهم ينحرون يوما تسعة ويوما عشرة من الإبل، فقال النبي{ص} " هم ما بين 900 إلى 1000شخص ، ثم تقدم إلى عيون ماء بدر ، وسد اثنان منهما وجعل الثالث خلف قواته، فلما وصلت طلائع قريش إلى عيون الماء ، وجدوا إنها مطمورة ،والثالثة خلف أصحاب محمد.. فخاطبهم النبي {ص} بالجوار والرحم التي بينهم ، وذكرهم قرابة الناس ووحدة عشائرهم ... ومن كلامه :" يا أهل مكة ، ليلي هذا الأمر غيركم ، فان أظهره الله علّيّ كفاكم مني ، وان أظهرني على العرب ، دخلتم فيه كما يدخل الناس ...
  وكاد هذا الكلام يدخل قلوب بعض المعتدلين وتسوى القضية ثم يبدأ الانسحاب ، لولا اخو عمر الحضرمي الذي قتل بسهم في الطريق من قبل سرية عبد الله بن جحش ، رأى إن المسالة تحتاج إلى فتنة وتصعيد للموقف ، فصاح " واعمراه" وصار يكرر ذلك بين الصفوف ، فاحدث  موقفا جديدا ، وانقلبت الموازين من السلم إلى الحرب .... فركب التكبر والعصبية رأس قادتهم ، فدخل عتبه خيمته ولبس لأمة حربه ، وخرج أمام الجيشين وقف وسط الساحة، ثم تبعه أخوه شيبة وولده الوليد ، فتوقفت كل الآراء المعتدلة ، فصاح عتبه : يا محمد ليخرج ألينا رجالك، فخرج أليهم ثلاثة من أصحاب النبي {ص} فلم يعرفونهم ، وقالوا يا محمد  ليخرج لنا اكفائنا