الفقراء موجودون في كل مكان في العالم .... موجودون في دول العالم الاول المتحضر وفي دول العالم الثالث ... ويتلقون المساعدات في الدول المتقدمة اكثر بكثير مما يحصل عليه فقراء العالم العربي والاسلامي ولكن بدون ان يعرضوا على وسائل الاعلام , والسبب هو الكرامة نعم الكرامة ... فاين نحن من كرامة الفقراء في بلدنا ؟ هذا السؤال نتوجه به الى الفضائيات العراقية التي قدمت مساعدات هنا وهناك خلال شهر رمضان ، ومنها الفرات والشرقية والرشيد وغيرها . كان الامام زين العابدين بن الحسين عليهما السلام يوزع المساعدات الغدائية ليلا واضعا اكياس من الطعام على باب فقراء المدينة التي كان يعيش بها ...وعندما يستيقظ هؤلاء الفقراء صباحا يجدون المساعدات الغذائية امام دور بيوتهم ولم يعرفوا من هو المتبرع بها .....فاين نحن من اخلاق الامام زين العابدين عليه السلام ؟ وفي عالمنا المعاصر وتحديدا في دول العالم الاول الاوروبي والاميركي يتم مساعدة الفقراء والعاطلين عن العمل بطريقة تحفظ كرامة هؤلاء الذين يتلقون هذه المساعدات سواء كانت مادية او عينية ولم يتم تصويرهم واظهارهم على شاشات التلفزيون ولم يطلب منهم تقديم الشكر مليون مرة امام كاميرات التليفزيون كما يحصل مع بعض فضائياتنا العراقية امثال الشرقية والفرات والرشيد وغيرها ... فاين نحن من هذه الدول الغير اسلامية ؟؟ المتلقون للمساعدات في الشرقية يشكرون سعد البزاز عشرات المرات خلال الحلقة الواحدة وفي قناة الفرات يشكرون عمار الحكيم وفي القنوات الاخرى يشكرون القائمين على ادارة القناة ان لم يكونوا يعرفوا اسم المتبرع وهكذا ....حتى اصبح اسم سعد البزاز واسم عمار الحكيم معروف لدى الجميع بانهما صاحبا فضل كبير على هؤلاء الفقراء. الملياردير الاميركي ( بيل غيتس )...اعلن عنه قيامه بالتبرع بثلث ثروته البالغة 54 مليار دولار لاعمال الخير التي تشمل بناء المستشفيات ومساعداة فقراء افريقيا ودورالايتام والمراكز الصحية التي تعالج امراض السرطان وغيرها من المشاريع الخيرية ، وهذه الاموال لاتقارن بما تقدمه الشرقية والفرات والرشيد وباقي الفضائيات الى المحتاجين من ابناء بلدهم !!! .... وبدون ان يتباهى ويطلب من الاعلام الاميركي او غيره تغطية ماتبرع به من اموال كبيرة ...فاين نحن من بيل غيتس ؟ واين نحن من الدول التي تضلل وجوه الناس عندما يكون هناك تصوير تليفزيوني حفاظا على كرامة من يتم تصويره ان كان هناك ظروف قاهرة تدعوا الى التصوير . نأمل ان تتوقف الفضائيات وكافة وسائل الاعلام الاخرى عن تصوير عملية توزيع او منح اية مساعدة الى المحتاجين حتى لو كانت المساعدة بيت سكن كما تقوم به الشرقية حفاظا على كرامة الانسان العراقي .... ونأمل ان تتوقف الشرقية عن بث برنامجها ( المفتاح ) ولانقصد ان تتوقف عن منح العوائل المحتاجة بيت سكن ...وانما التوقف عن عملية تصوير العائلة وهي تتسلم البيت من خلال تمثيلية تتسم بالتهريج والصراخ ، يقوم ببطولتها سنان العزاوي واسئلة مزعجة ومحرجة تمس كرامة الانسان ، يوجهها مراسل الشرقية الى العائلة التي تتسلم البيت ، ومشاهد اخرى في برنامج فطوركم علينا تتضمن حلاقة صاحب البيت او ابنه امام الكاميرا ، وخياط جالس في ظروف صيفية حارة ويقوم بخياطة فساتين نسائية بطريقة سريعة ومصور يوثق عملية حضور الشرقية وتقديم المساعدة الرمضانية ومشاهد اخرى ليس لها داعي ولاتمت الى الرقي واحترام حقوق الانسان وكرامته بصلة . وان تتوقف عن تصوير توزيع ربع لحم على بعض العوائل بمناسبة رمضان ترحما على ارواح شهداء الشرقية كما تقول المذيعة التي ترافق عملية التوزيع ... شيء يدعوا الى التعجب والدهشة ان تقوم مذيعة بطرق ابواب الناس وهي تحمل صينية كبيرة فيها اكياس من اللحم برفقة طاقم تصويري ليتم اعطاء كل عائلة كيس صغير من اللحم على ارواح شهداء الشرقية . متى يكون لدينا اعلام راقي بمستوى البي بي سي او فرانس 24 او السي ان ان او العربية او حتى الجزيرة التي نتحفظ على مواقفها المعادية للعراق وشعبه . نأمل من جميع الفضائيات العراقية ووسائل الاعلام الاخرى ان تضع نصب اعينها كرامة الانسان العراقي وتكون لهذه الكرامة الاولوية في تعاملها معه مهما كان نوع الدعم التي تقدمه له سواء كان ماديا او معنويا كما هو معمول في اوروبا واميركا , لان ديننا الحنيف يدعوا الى التكافل الاجتماعي ومساعدة المحتاجين مع الحفاظ على كرامتهم . رغم مرور عشرة سنوات على انطلاق اغلب الفضائيات العراقية ...نجد ان المشاهد العراقي يهرب من هذه الفضائيات ليذهب الى الفضائيات الاخرى لمتابعة برامجها ...حيث لايجد المشاهد العراقي ضالته في فضائياته الكثيرة العدد ....فاذا اراد المشاهدون متابعة اخبار العراق نراهم يذهبون الى البي سي سي او العربية او قنوات اجنبية اخرى ....واذا اراد متابعة مسلسلات درامية او اية برامج ترفيهية اخرى نراه يذهب الى الفضائيات العربية الخليجية والسورية والمصرية .... ونحن نتسائل متى تتطور فضائياتنا ؟ متى تتطور الدراما العراقية ؟ متى تتطور الكوميديا العراقية اذا كان هناك كوميديا فعلا ؟ متى يتوقف بعض المذيعين والمذيعات الذين يسمون انفسهم اعلاميون عن التهريج والصراخ في برامجهم ؟ متى يكون في فضائياتنا برامج بمستوى ( هارد توك ) في البي بي س وبرنامج بانوراما في العربية وبرنامج ماوراء الخبر في الجزيرة وبرنامج ( لاري كنغ لايف ) في السي ان ان ....ومذيعون بمستوى زينب بدوي ومنتهى الرمحي وسهير القيسي و (تيم سبيستيان ) و(كرستيان امانبور) وبل وحتى هالة سرحان ومحمود سعد من مصر ....اما الساحة الاعلامية العراقية الحالية فنجدها فقيرة جدا في مجال الاعلاميين المحترفين اذ تعج الساحة الاعلامية والفضائيات بمجموعة من المذيعين الشباب العديمي الخبرة والكفاءة والتدريب .... مع تسجيل اعجابنا بالاعلامي الدكتور محمد الطائي في الفيحاء وهذه الندرة تدعوا الى الاسف ، ولايفوتنا ان نذكر ان امل حسين ومؤيد البدري وشميم رسام هم شخصيات اعلامية عراقية محترفة ومرموقة سجلت حضورا متميزا في الاعلام العراقي في تسعينيات القرن الماضي وكانوا محط اعجاب المشاهدين العراقيين على الرغم من المساحة الضيقة التي كانت متاحة لهم في التليفزيون العراقي انذاك ، املين ان يكون لدينا اعلاميون بهذا المستوى في فضائياتنا الحالية . نفتخر نحن العراقيين بان العراق هو اول بلد عربي دخل اليه البث التليفزيوني في خمسينيات القرن الماضي ....ونأمل ان تتطور فضائياتنا وتخرج من حالة الضعف والحرفية المفقودة التي تعاني منها الان ، حتى نفتخر بها كما نفتخر بانتمائنا الى العراق العظيم .
|