الاندماجية

 

 

 

 

 

 

 

الإندماج يصنع طاقة , والإندماج النووي يوّلد طاقة هائلة وقوة مؤثرة عنيفة يمكن إستخدامها لأغراض متنوعة.

 فتفاعلات الإندماج ذات تحولات عظيمة ومتنامية , أدركتها الأمم القوية والحضارات الأصيلة , التي إندمجت فيها الطاقات البشرية وتفاعلت لصناعة وجودها الأقوى والأرقى.

ولا توجد حضارة أو قوة مؤثرة من غير الإندماج بآلياته المعاصرة والغابرة , فوسائل الإتصال الحديثة وفرت منافذ إندماجية دفاقة وملتهبة أحيانا.

فالعقول إندمجت وكذلك النفوس والأرواح , والرؤى والتصورات , والوعي الإنساني إندمج لدرحة أنه سيؤدي إلى ولادات أصيلة تماما.

فالدنيا كانت تندمج وفقا لأساليب بطيئة وقليلة , أما اليوم فأن السرعة تلعب دورها النشيط في صناعة الحالة الإندماجية اللازمة للتنمية بأنواعها.

ومن المعروف أن الدول المتقدمة تعي هذه الحقيقة الحضارية , ودورها في صناعة القوة والرقاء , ولهذا فأنها توفر الوسائل والأسباب اللازمة لإستيعاب أعدادٍ أكبر من المهاجرين إليها , فتندمج في ربوعها الموجودات البشرية بكل ما فيها من الطاقات والقدرات , والتطلعات المطلقة.

والحضارة الإسلامية ومنذ أول خطواتها أدركت القيمة الجوهرية للإندماج , فكانت تسعى إلى صناعة أمة إسلامية ذات تنوعات متفاعلة ومطلقة , فلم يكن العرب لوحدهم أصحاب الخطوات الأولى في تأسيس دولة الإسلام , وإنما كان بينهم العديد من الأجناس البشرية الأخرى , تحت راية واحدة , أي أن التنوع الفعّال كان في حالة إندماج خلاّق يمضي في سبيل واضح ومتسع الآفاق.

ومضت الدولة الإسلامية بهذه الرؤية , حتى تحولت إلى بودقة إنسانية متوهجة تندمج فيها العقول البشرية , لتحقق إرادتها الحضارية والتفاعل مع عصرها , وترجمة أفكارها إلى صياغات متجددة في الحياة.

وعلى ذات النهج , تمضي الدول المتقدمة , حيث تستوعب الوافدين إليها في برامج إندماجية دائبة النشاط والقدرات , اللازمة لتحقيق الإذابة في كيان المجتمع , وتوظيف الطاقات الكامنة فيهم لصناعة الحياة الأفضل وتنمية الإقتصاد.

والإندماج سلوك حضاري معروف منذ بداية نشوء الدولة , وما يحصل في مجتمعاتنا يؤكد جهل هذه الحقيقة الجوهرية الصانعة للوجود الإنساني الأقوى , مما أدى إلى تداعيات وتفاعلات تؤسس للضعف والتفريق والإنكسار , والدخول في دائرة مفرغة من الصراعات المدمرة للذات والموضوع. وما نراه يتكرر في واقعنا يضعنا في مسارات معارضة لسلامة الوجود والتقدم والرقاء , ويلقي بنا إلى هاوية الضياع والهلاك المروّع.

فعلينا أن نعي أهمية الإندماج الحضاري , وأن نوفر الأسباب والوسائل اللازمة لتحقيق الإندماج الإجتماعي والثقافي والسياسي , والوصول إلى ترجمة هذه الحقيقة الحيوية في جميع النشاطات والتفاعلات القائمة في المجتمع , لكي يسود الأمن والسلام , وتتحقق الحياة الأفضل!