صفقوا للقائد العام...

 

 

 

 

 

 

صفقوا معي للسيد نوري المالكي.. فالرجل عاد إلى نشاطه القديم.. وظهر بوجه متجهم يصرخ: سنسحقهم!!
صفقوا مرة ومرتين للقائد العام للقوات المسلحة الذي اكتشف بواسطة قواه الخارقة أن الخطر الذي يهدد أمننا واستقرارنا، ليس تنظيم القاعدة، ولا الجماعات المسلحة التي استباحت الوطن.. الخطر في مجموعة من المتظاهرين يريدون أن يخرجوا لينددوا بالفشل الأمني وبالفساد الذي أفترس جسد الدولة.
هكذا يعود المالكي إلى هاجسه القديم، الخوف من التظاهرات، وليس من الجماعات المسلحة.. ولهذا نراه يصر على أن ترفرف أعلام قواته على ساحة التحرير، وفوق اعتصامات البصرة وذي قار والأنبار، تصاحب هذه الرايات وجوه كئيبة لضباط يصرخون في جنودهم :اضربوا هؤلاء الخونة..إنه انتصار المهزوم الذي يرى في متظاهرين مسالمين مجموعة من الخونة، يجب أن تنهال عليهم هراوات قوات "سوات" وشتائم مقربي المالكي.
صفقوا معي، فالمالكي يريد أن ينتصر على المتظاهرين، لا على الذين يفجّرون ويقتلون ويهجّرون .. صفقوا معي فالرجل لا يسعى الى استعادة الأمن، وإنما للسيطرة على ساحات الاعتصام ليستبدل شباب التظاهرات.. بشيوخ " دمج " يهتفون " بعد ماننطيها ياعكال الراس "!
هكذا يريد لنا القائد العام للقوات المسلحة أن نعيش معه دراما ساذجة عن قوات أمنية تتهاون في الدفاع عن أمن الناس واستقرارهم، لكنها تشتعل حماسةً إذا كان الأمر يتعلق بمحاصرة متظاهرين ومطاردتهم واعتقالهم .
صفقوا معي للقائد العام.. فهو يريد أن يشنّ حربه على المعتصمين في البصرة، مردداً " سنسحقهم لأنهم يثيرون الفوضى وهم يخالفون الدستور والقوانين" وينسى السيد القائد العام أن الاعتصام والتظاهر حق يكفله القانون الدولي حتى في ظل أشدد الانظمة استبدادا، لأنه أصبح امراً مشاعا.. لا يمكن لدولة أن تلغيه، والدول التي تمنع عن مواطنيها حقوق التعبير، هي دول ما قبل التاريخ، دول العصور الوسطى والبغال، و"زعاطيط السياسة".. وهو يحذرنا من ان: "هناك فرقا بين تظاهرة قانونية سلمية وبين عمل يتحول إلى عصيان وقطع طريق".. والفرق حسب ما أخبرنا القائد العام ، هو التظاهرات السلمية التي أقامتها منظمة بدر.. والاحتجاجات التي يقوم بها شباب البصرة.. فالأولى شرعية لأنها كانت تتغنى باحدى دول الجوار.. بينما الثانية كافرة ومتآمرة لأنها رفعت شعار "حرمةالدم العراقي".. وهو في خضمّ بيانه الثوري لم ينس أن يذكّرنا بوسائل الإعلام التي تتآمر على منجزات الحكومة وتتهم مسؤولين طيبين وديعين، لا يفرقون بين الليل والنهار وهم يعملون كل ما في وسعهم لخدمة جيوبهم وأقاربهم وعشيرتهم وأحزابهم، مؤكدا أن:"الحرية ليست أن تتحول وسيلة الإعلام إلى وسيلة شعوذة وشغب واتهام وإساءة لهذا المسؤول أو ذاك.
المالكي يريد لدولة الاستبداد أن تكون بديلا لدولة الاستقرار والعدالة الاجتماعية.. ولهذا فالتظاهر والاعتصام يمكن أن يكون على الورق فقط، من أجل الاستهلاك السياسي في البيانات وعلى شاشات التلفزيون.. لكنه اذا تحول الى واقع فهو مؤامرة امبريالية صهيونية.
بعد حديث المالكي الأخير ، بات واضحا أن الحكومة لا تريد إعادة الأمن، ولكنها تريد من الناس أن يستعطفوها ويطالبوها بإعادة عصر "الرجل الحديدي" الذي بيده كل السلطات، الامن، الاقتصاد، السياسة، الخدمات، ومعها مصائر الملايين.
لقد بُحّت أصوات العراقيين وهم يطالبون فيها بتطبيق أبسط مبادئ العدالة الاجتماعية، وبأن يتوقف نهب أموال الدولة وبإنهاء هذا الاحتكار الخانق لمؤسسات الحكومة من قبل أحزاب معينة.
بُحّت أصوات العراقيين، مطالبة بالكف عن هذا المخطط الشيطاني لتحويل العراق إلى دولة من العصور الوسطى.. بُحّت الأصوات مطالبة بأن يعاقب بالعزل مسؤولون استخدموا مواهبهم في التهريج والرقص على كل الحبال. 
لا نريد أن ننشغل كثيرا بخطب المالكي ونظرياته الحديثة عن الاعتصام، ليس مطلوبا منه الكلام، لأنه يذكّر الناس بالكوارث والمصائب التي تحاصرهم، ويحسن صنعاً إذا صمت، أما إذا أراد الكلام فليته يخبرنا عن المليارات التي تم نهبها من أموال الشعب، على أمن تطيح به مفخخات القاعدة والجماعات المسلحة صباح كل يوم!
ذات ليلة، كان العالم آينشتاين يلقي محاضرة في إحدى الجامعات وبرفقته صديقه شارلي شابلن، وما أن انتهى من المحاضرة حتى ضجّت القاعة بالتصفيق. سأل آينشتاين "لماذا يصفقون إلى هذه الدرجة؟!" ردّ شابلن "يصفقون لأنهم لم يفهموا شيئا مما قلته"!
إذاً صفقوا معي للقائد العام للقوات المسلحة.