تراجع السياسيون المجتمعون في أربيل صيف 2012 عن خطوة سحب الثقة عن حكومة المالكي ، لم يكن بسبب نقص أصوات البرلمانيين ، ولابدافع غياب البرنامج ، أو من يكون البديل ..! السبب برأيي هو الخوف الذي يتجذر في عمق طبقات الوعي لدى السياسي العراقي من السلطة ، وعدم التعرف على ثقافة التغيير ، إثر تاريخ من العبودية للحكومة او معارضتها ، اما مسؤولية التغيير وإرساء تقاليده في الحياة السياسية فهو لم يزل بعيدا عن ثقافة ووعي السياسي . تأجيل سحب الثقة من المالكي جعل الشعب والسياسيين ايضا يتحملون خسائر إضافية بالأرواح والدماء والأموال والوقت . خوف السياسي من السلطة يقابله تشبث الحاكم بإستمرار بقائه في ملذاتها وإمتيازاتها وتأثيراتها الأخلاقية والنفسية ، مع إختلاف نمط تكوينه او مرجعياته و بنيته السياسية والثقافية ، ولم يكن غريبا ان يقول نوري المالكي تعبيره البائس (ماننطيها ) رغم أنه جاءها عبر آليات أختاره لها البرلمان العراقي، واذا تذكرنا مقولة الدكتاتور صدام الشهيرة ( جئنا لنبقى ) التي اتخذها البعث منهجا ..، فإن الفارق يكاد يختفي في ظل الشخصين الحاكمين وتفاعلهما مع السلطة ...! الخوف من التغيير يتأكد عبر حقيقة مفادها ؛ ان ماحدث بعد 2003 من استبدال السلطة والنظام السياسي في العراق جراء الإحتلال الأمريكي ، لن يتجاوز السطح او القشرة الخارجية التي استبدلت أسماء المرحلة السابقة وعناوينها وجعلت الحكم يتحول الى نمط جديد من الإستبداد والدكتاتورية والطائفية السياسية عبر صناديق الإنتخابات . واذ تتذرع السلطة الحاكمة بأنها تملك شرعية وجودها عبر أصوات الناخبين او البرلمانيين ، فإنها تخسر كل الشرعيات التي تمثل المعيار الحقيقي للحياة الديمقراطية وأهمها الواجبات المعروفة تاريخيا مثل الأمن والحماية والعيش الكريم والخدمات . السلطة التنفيذية في العراق اصبحت تتغول وتهيمن على بقية السلطات التي ينبغي ان تكون مستقلة ، رغم إنها فاقدة للشرعية العملية والجماهيرية والوظيفية ، تغول السلطة يأتي جراء خوف الطبقة السياسية منها رغم إنها سلطة فاسدة وتتستر على الفاسدين واللصوص والمجرمين والكذابين ، وعاجزة عن توفير الأمن والخدمات ولاتتورع عن اضطهاد الشعب وتهديده بالميليشيات وأوامر الإعتقال . من هنا نمنح العذر للمواطن الذي لايجاهر بفكرة التغيير ، بعد ان عجز عن ممارستها قادة سياسيون يمثلون كل مكونات الشعب العراقي في إجتماع أربيل صيف 2012 ..!!؟
|