العراقيون يحجزون الصفوف الاولى في فقه الذل والاستكانة |
العراق تايمز / كتب : المقداد
هناك قصة قديمة تحكي عن مدينة يحكمها والي وهذه المدينه مقسومه الى قسمين يفصل بين القسمين نهر ويوجد جسر واحد للعبور ففي احد المرات امر الوالي بأخذ درهم واحد من كل شخص يود العبور على الجسر عندما شاهد الوالي عدم اعتراض اي شخص امر بزياده المبلغ فأصبح 5 دراهم للعبور ايضا لم يشاهد اي اعتراض امر بزياده المبلغ الى 10 دراهم ولم يعترض اي من سكان المدينه استغرب الوالي ، ثم امر باخذ 10 دراهم وضرب كل من يعبر بعصى ايضا لم يعترض اي من سكان المدينة الوالي استغرب بشده وامر بجمع بعض الاشخاص من المدينة لمعرفه اذا كان لهم شكوى فجاء احد الاشخاص يعترض الوالي فرح بذلك وقال ما هو اعتراضك قال نريد ان تغير الشخص الذي ياخذ المبلغ ويضرب الناس بعصى لانه يؤخرنا بطابور طويل اجعل شخصين واحد يأخذ المبلغ والثاني يضرب بالعصى حتى نعبر بسرعه. رغم ان القصة تعود للعصور الغابرة، الا انها شديدة الشبهة بواقع العراق اليوم، لان عراق اليوم حجز لنفسه الصفوف الاولى في فقه الذل والاستكانة، والعراقيون اليوم اثبتوا بجدارة تفوقهم على كل شعوب العالم في ثقافة الخنوع والاستسلام والرضوخ للحكام الذين حتى وان بصقوا في وجوهنا، سنمسح البصاق ونكمل الطريق. انها ليست دعوة للقتال وسفك الدماء، ولا للتمرد والفوضى واحراق الاخضر واليابس ولكن ربما هي صرخة واقع مرير يطالب بالاصلاح و يدعونا للكف عن كتابة تاريخنا الحديث بمداد العار، ويحاول عبثا اماطة ثوب مسخ اصبحت ترتديه قيمنا واخلاقنا في غفلة عن رموزنا الذين وضعوا دماءهم على كفيههم منادين بالقول "اما عيشة كريمة او ميتة الشهداء". ولا نعلم من اين استمد الشعب العراقي هذا الخزي والهوان، والعالم باسره يشهد على ارض اسمها كربلاء، التي ستبقى عنوانا لانتصار الحق على الباطل، ودحر الظلم والعدوان مقابل دماء طاهرة ما كانت لتسفك لولا كثرة الجبناء والرعاديد الذين لا نختلف اليوم عنهم كثيرا ما دمنا قد سلمنا رقابنا للمتسلطين والطغاة، نؤيدهم بذلك في ظلمهم وجبروتهم. "هيهات منا الذلة" شعار يزخرف الرايات السوداء التي تعلو سطوح المنازل، لا يعنينا لا من قريب ولا من بعيد، فهل يوجد ذلة اكبر من غياب الماء والكهرباء والامن والامان وانعدام الخدمات الصحية وانهيار الامن الغذائي وهدر ثروات الاجيال وجعلها لقمة سائغة بفم مؤسسات الصهاينة النفطية كبرتش بتروليوم وشل وافراخها، وهل هناك ذلة اعتى من الرضا بالفساد المستشري في جميع مؤسسات الدولة العراقية بمن فيهم رجال الامن والاحزاب الحاكمة في ظل دوامة من الابتزازات وفرض الاتاوات وامتصاص دماء الشعب النائم. ولعل من أبرز أسباب هذا الخنوع الغريب، وحالة الانقياد التام للحكام الذي نراه سائدا عند العراقيين هو تغلغل بعض الأفكار وترسخها في نفوس المسلمين وعقولهم، حيث كان الملوك والسلاطين على مر التاريخ الإسلامي يربطون شرعية حكمهم ولزوم طاعتهم بشريعة الإسلام بحيث يكون الخروج عليهم خروجا عن الدين، والتفكير بمخالفتهم من وساوس الشيطان، حتى لو ظهر من الحاكم هذا أو ذاك كل الفواحش والآثام، أو تسبب في جلب العار أوالتخلف لشعبه وأمته، فإنه قلما تجد أي تحرك يستحق الذكر لخلعه. وهو الحال الذي ينطبق على بعض رجال الدين في العراق الذي رسخوا مفهوم الاستكانة فارادوا الأمة صاغرة وخاضعة، مهمتها اكتساب كل ما يلقن لها، تحترف طأطاة الراس دون تحريكه يمينا او شمالا. هؤلاء هم من يمثلون تلك الطائفة التي تحدث عنها سماحة المرجع الشيخ محمد اليعقوبي الذي قال كلمة اصابت كبد الحقيقة وهي ان سبب الخضوع والاستكانة هي العمامة التي اغتصبها البعض واصبح يفتي ويامر وينهى بشرعيتها. اما طائفة الشباب اغلبيتهم منشغلون اليوم بعالمهم الخاص، ولا يشعرون انهم ينتمون الى هذا البلد بالبتة، لقد نحجت فيهم تجربة التسلية والالهاء التي تقودها الصهيونية العالمية فتجد ان اغلبيتهم لا يستطيعون التنازل عن المزرعة السعيدة خوفا على وفاة بقراته، فيما يقضي الجزء الاخر من وقته في "الزقنبوت" و"اللبس والكشخة". هناك قصيدة لمعروف الرصافي قال فيها: ربما هذه الكلمات التي احتضنتها المقالة لا تختلف عن كلمات وجهتها ضمائر حية اخرى تحب الخير لهذه البلاد ولكن المعادلة الغربية ان كل من يحمل في ثناياه بعض الغيرة للدفاع عن حق المظلومين يتم تسقيطه وتشويه سمعته بابشع الاوصاف وانذلها، ولعل ذلك يوضح بجلاء حجم الهوة الثقافية والتوعوية التي زاد انحدارها بين عموم الشعب العراقي الذي اصبح بعضه لا يتقن الاصغاء وسياسة الحوار بقدر ما يتقن السباب واللعان كاشارة منه على "القوة "و"التمرد". |