هيبة الدولة بين مُحاصصة الأحزاب وسطوةِ الإرهاب

 

بعد عشر سنوات من التغير الذي حدث في العراق بعد العام 2003 لا يزال الشكل السياسي والعسكري والاقتصادي للدولة العراقية مجهول ومتأرجح بين محاصصة الأحزاب الذين تقاسموا المناصب السيادية والوزارية والإدارية لهذا البلد مع بعضهم البعض الأخر على أسس فئوية وتوافقية وحزبية انتخابية وغير انتخابية بعيدا عن المهنية والاستقلالية ليشيع مع ذلك الفساد المالي والإداري الذي استشرى واستفحل بمؤسسات الدولة جميعها دون وجود رادعٍ حقيقي لهذا الفساد الذي تزداد ملفاته يوما بعد يوم على الرغم من كثرة وجود ما يسمى بالمؤسسات والهيئات الرقابية في الدولة كهيئة النزاهة التي يتغير رئيسها بين الحين والأخر بسبب تستره على ملفات الفساد الخاصة بحزبه وكشف الأخرى مما يضطر تلك الجهات (الأخرى) لإظهار ولائه الحزبي من خلال كشف ملفات الفساد الخاصة بحزب ذلك الرئيس للهيئة في وسائل الإعلام المختلفة .وكذلك ما يسمى أيضا بمكاتب المفتش العام في الوزارات  وما أثير أخيرا من قضية فساد كبرى بمليارات الدولارات ضد المفتش العام لوزارة الصحة عادل محسن والتي أدت إلى تدخل حزبه  والسيطرة على الموقف الذي انتهى باستقالته من منصبه بعد إن حكم عليه القضاء رمزيا ليخرج بكفالة مالية حاله حال وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني سيء الصيت لدى أبناء الشعب العراقي ..

والأمر الثاني الذي لا يزال يؤثر على شكل الدولة السياسي والعسكري والاقتصادي هو سطوة وتنفذ  الإرهاب طوال مدة العشر سنوات الماضية وتحديه الكبير للحكومة ومؤسساتها العسكرية والأمنية من خلال الأعمال الإجرامية والإرهابية التي تستهدف أرواح الناس من الأبرياء والفقراء الذين لا ذنب لهم   سوى أنهم ضحية تصارع سياسي وحزبي بين كتل متحاصصة ومتنافرة على حكم هذا البلد .

وخلال فترة التغير التي أعقبت سقوط النظام السابق والتي ازداد فيها الفساد والإرهاب واستشرى واستفحل في جميع مؤسسات الدولة ضلت الحكومة عاجزة عن محاربتهما والقضاء عليهما .فبقيت ملفات الفساد تنخر بالجسد الاقتصادي لهيكل الدولة والذي يدفعه ثمنه ذلك المواطن الفقير الذي  بقى حاله كما هو عليه ولن يتغير أبدا على الرغم من الزيادات السنوية في صادرات العراق النفطية  ,وكذلك الإرهاب الذي بدأ  ينشط ويتوسع بإعماله المستهدفة لأرواح المساكين والأبرياء والمتحدية لشكل وهيبة الحكومة كالهجوم على مؤسسات كبيرة في الدولة مثل وزارة العدل وسجني ابو غريب والتاجي المحصنين والإفراج عن ما بهما من معتقلين وسجناء .

وبين هذين الضعفين الواضحين للحكومة العراقية خلال السنين العشر السابقة في مواجهة الفساد المالي والإداري والقضاء عليه وعجزها عن إخماد نار الإرهاب المشتعلة التي حرقت ولا تزال  تطال وتحرق  الأبرياء والضعفاء والفقراء 

ضاعت هيبة الدولة وشكلها السياسي والعسكري والاقتصادي حتى يومنا هذا وبات المحكوم ( الشعب )لا يعرف أي حكم يمارس ويطبق عليه ...