ياليتني كنت سودانيا

يبدو ان الحكام العراقيين كرماء بالكرسي وليس بالفطرة وكلما جاء حاكم لعن من قبله وابقى سنة اكرام وفادة العرب والاحسان اليهم وتفضيلهم على ابناء جلدتهم سنة مستحبة ولو كانوا ارهابيين او قتلة او مجرمين ،ولا يختلف في هذا المعنى جميع من حكم العراق في العصور والقرون والازمان المختلفة وسواء كانوا من القوميين او البعثيين او من الدعاة. واذا كان القائد الضرورة بطل الحفر والجرذان ابن العوجة ومجرم البعث المقبور (صدام) معذورا في ما يقوم به من كرم وضيافة للعرب في وقت كان ابناء الشعب العراقي يبيعون سقوف منازلهم حتى يؤمنوا معيشة اشهر لاطفالهم وكانوا يتناولون طحين الحصة وقد خلطت بنشارة الخشب وبقايا الحيوانات لعدم وجود القدرة الشرائية لديهم لاستبداله بما هو افضل منه وعندما كان يتاجر بالامهم وامراضهم بسبب سوء التغذية والادوية فلان العرب كانوا الى جانبه في السر وفي العلن على الحق وعلى الباطل في الليل وفي النهار في الاعلام وفي المحافل الدولية وعلى هذا الاساس فان صدام كان يشتري ذمم العرب المعروضة للبيع في كل الازمان والعصور ، غير ان هذا المعنى لا تجد له مصداقا مع الحكومة الحالية التي لم تبدل سنة الكرم والضيافة وان تبدلت المواقف فعرب صدام ليسوا هم عرب المالكي فعرب صدام كانوا يقفون الى جانبه وكانوا يدافعون عنه وكانوا يمنعون كلابهم وعتاتهم ومجرميهم من التقرب الى الاراضي العراقية اما عرب المالكي فانهم لم ولن يقفوا الى جانبه وهم من فتحوا الحدود واستباحوا دماء الشعب العراقي وهم الذين وقفوا ضد التجربة الديمقراطية العراقية وهم من وقفوا ضد حكم الاكثرية وهم من رفض اسقاط الديون كما فعلت كل دول العالم بل هم من طالبوا بارباح الديون في وقت كان العراق باحوج ما يكون الى الدينار والدرهم. لسنا بحاجة الى شراء ذمم العرب المعروضة للبيع وكانهم بائعات هوى في شوارع نتنة وقد انتهى كل شيء وبعد ان تجاوز العراق مرحلة الخطر وبدأ دور الدول العربية في السقوط بلدا بعد اخر في وقت نحتاج هذه الاموال لبناء بلدنا او تضميد جراح ابناء شعبنا التي خلفها اشقاء حكامنا او القضاء على التسول والمتسولين او بناء مدارس الطين او تزويج العوانس والعانسين او حتى نحتاجها لترفيه مواطنينا الذين كادوا ان ينسوا معنى الفرح واللهو بسبب الحروب والارهاب والعرب، بل نحتاجها لتنفيذ بعض القرارات التي صوت عليها مجلس النواب او التي لم يصوت عليها بحجة عدم وجود التخصيصات المالية ،ولا اعرف من اي باب تاتي تخصيصات العرب المالية،من قبيل تنفيذ منحة طلبة الجامعات والمعاهد وتنفيذ مبادرة مشروع البصرة عاصمة العراق الاقتصادية بعد ان يتم اطلاق سراح المشروع الذي لا زال اسيرا في ادراج مجلس الوزراء بحجة قلة الاموال واعادة تاهيل ميسان ومنح القروض للمواطنين بدون فوائد وما الى ذلك من الاحتياجات الكثيرة والمتعددة . ليس من الصحيح ان يتنعم السودان واليمن والاردن ...اه من الاردن... باموال العراق ويحرم منها العراقيين.. وليس من الصحيح ان يقوم المالكي او مجلس الوزراء بالتبرع بما هو ليس حق لهم فاموال العراق هي من حصة العراقيين وحدهم وهي ليست اموال المالكي او اموال الوزراء حتى" يتخرودوا" بها،وهم مصداق المثل القائل"وهب المالكي وحكومته ما لا يملكوا". نحتاج الى ثقافة جديدة قائمة على ان تكون كرامة ودماء واموال العراقي قداسة لا يمكن لاي طرف المتاجرة بها او التجاوز عليها او مس طهرها حتى نعيد له هيبته التي فقدها بسبب الحكام والحروب والكرم في غير محله.