هل غاب الحراك السياسي؟

 


المشهد العراقي في هذه الايام الاضواء فيه مسلطة بشكل كبير على الملف الامني، اهمية هذا الملف تكمن في انه على تماس مع حياة المواطن العراقي، الامن ليس مسؤولية جهة واحدة وانما مسؤولية جميع الاطراف، ولابد من تكاتف الجهود وتجاوز الخلافات لتحقيق الامن، وعلى الكتل والكيانات الابتعاد عن الخلافات الشخصية وليكن الملف الامني نقطة التقاء بينهم ودعم جهود الاجهزة الامنية لاداء واجباتها، ولكن يجب ان لايخطف هذا الاهتمام الملفات الاخرى التي من خلالها يتم تقديم افضل الخدمات للمواطن، ايجاد الحلول للملفات المهمة لاياتي من خلال توجيه الاتهامات والانتقادات فقط، بل بالعمل الجدي ان كانت هناك ارادة حقيقية.
التشريعات المهمة واقرارها تكون تحت قبة مجلس النواب، ساعات تفصل بين انعقاد جلسة مجلس النواب، هذه الجلسة والتي تعقبها يجب ان تكون استثنائية في جداول اعمالها، وفي مقدمات الامور المهمة مناقشة تداعيات الخروقات الامنية، وان لاتكون جلسة خطابات وتوزيع الاتهامات والا لا معنى لانعقادها، وان يكون الحضور لاجل مناقشة اهم الملفات حيث يرتبط نجاح الملفات الاخرى بهذا الملف، وان يسود احترام الراي والراي الاخر عند المناقشة والابتعاد عن السجالات الضيقة الافق التي تبعد الملف عن المناقشة والدراسة الجدية، وان يتحمل الجميع المسؤولية، الشارع العراقي بات لايثق بمجلس النواب وعليه الان ان يغير هذه النظرة لدى الرأي العام ويقوم باداء واجباته الرقابية والتشريعية بشكل يصل الى مستوى الطموح وكما يتمناه الشارع العراقي، وان لاينظر اعضاء المجلس بعضهم للبعض الاخر كانهم اعداء، بل بتلك الروحية التي تجعل مصلحة البلاد وامن شعبه ضمن الاولويات، وليس هذا فقط وان تسود هذه الروحية المطلوبة عند مناقشة الملفات الاخرى.
المرحلة الحالية حرجة جدا وحساسة ايضا وتحتاج الى مواجهة التحديات بما تحمله المسؤولية الوطنية والتاريخية، وان الركائز المهمة لابد ان تتواجد في قرار يتوصل اليه المجلس، تداعيات الازمة العراقية تلقي بظلالها على المشهد برمته، وغياب الحراك السياسي الايجابي يحمل اعضاء مجلس النواب مسؤلية مضاعفة ان اثبتوا اهليتهم للمهمة، يبدو الحراك الايجابي الذي كان سائدا قبل فترة من الان تبين انه امام وسائل الاعلام فقط، لان الواقع لايؤشر اي تقارب جدي او حلحلة للازمة العراقية، حيث التصريحات مازالت تطلق هنا وهناك، رغم منع البعض من الادلاء باي تصريح ومع بالغ الاسف اصبح رؤساء الكتل يقومون بهذه المهمة التي كان يقوم بها من هو محسوب على هذه الكتلة او تلك.
العملية السياسية لايمكن ان تكتمل والسير قدما بخطوات ثابتة، ان لم تكن ارادة حقيقية وشجاعة سياسية في ترميم البيت العراقي اولا وبناء جسور الثقة بين الكيانات والكتل جميعا، كم هو مؤسف عندما تكتب التقارير الغربية عن السياسيين العراقيين سواء من هم في العملية السياسية او الذين خارجها، بان امور البلد تدار من الخارج وكل كتلة او كيان له ارتباطات بهذه الدولة او تلك، أليس مخجلا هذا ايها الساسة؟ عليكم الان تغيير هذه الصورة الماساوية من خلال الحوار الجدي والصادق في تجاوز الازمة عبر تنفيذ الاتفاقات ومبادئ التحالفات التي تم التاسيس على ضوئها، ومن لم يتمكن ليترك الساحة لغيره في اداء المهمة طالما العراق يزخر بالخبرات.