بانوراما عالم البذرة ـ قصة الخليقة، وملحمة الطفوف للشاعر راسم المرواني |
بسـمِ الذي رَفَـعَ السماءَ الرائعـهْ *** وأزانـَهــا بالأنجـُمِ المتـلامِعـهْ
جَعَلَ الجبـالَ بأرضـه وَتَداً لهـا *** واختـطَّ دورتها لتسبـحَ طائعـهْ
فَطَـرَ الوجودَ بغيـرِ فِكرٍ جالـَهُ *** أو من تجـاربِ قبـلَ ذلك نافِعـهْ
خَلَـقَ الخليقـةَ كلّهـا في سِتَّـةٍ *** ثمَّ استـوى للعـرش عندَ السابعـهْ
وَأَزَمَّ أرواحَ الخـلائـقِ عنـدَهُ *** للعهـدِ ، نادى والخـلائقُ سامِعـهْ
مَنْ ربُكُـمْ ؟ قـالوا إلـهٌ واحدٌ *** الله مـولانـا ، ولا كفـوٌ مَعَـهْ
فأسرّهـا الرحمـنُ منـّا قـولـةً *** بصحائفٍ خُزِنَتْ ليـوم الواقعـهْ
ليُثيبَ أهـلَ الصدقِ عن إقرارهـمْ *** ويُـذِلَّ فِرعـَوناً وَمَن قَـد تابَعَـهْ
هــذا ، وروحُ محمـدٍ وَبَنـيـَّهِ *** في الـذرِّ أنـوارٌ تجلّـتْ طالِعـهْ
نادى الخلائقُ حينها :- يـا ربّنـا!!! *** مـا هـذهِ الأنوارُ تُسفرُ ساطِعـهْ
فأجابَ ربُّ الكون :- هـذا أحمدٌ *** وأولاءِ عِتـرةُ حيـدرِ المتتـابِعـهْ
إني وعـزّي ، والجـلالِ ، وهيبـتيْ *** ثُـمَّ ارتفـاعي فـي مكانٍ مانِعـهْ
مِن أجلهمْ أجريتُ حكمي في القضـا *** وبحبهـم أحصـرتُ كل المنفعـهْ
قال :- اشهدوا ! قالوا: شهدنا ربنـا *** فتبـاركَ الرحمنُ في مـا شَرَّعـهْ
في عالـمِ الـذرِّ البهي تَعَلَّقَـتْ *** روحي بسلمـى ، واستقرَّتْ قانعـهْ
(سلمى) ، لهـا روحٌ لطيفٌ ، رائـعٌ *** كالوردِ ينشرُ عطرهُ ، مـا أروَعَـهْ
وَتَفَـرَّقَتْ أرواحُنـا فـي حينهـا *** وبكى الفؤادُ ، وكيفَ ليْ أنْ أمنَعَـهْ
فسألتُ روحي عَنْ (سُليمَ) فأوعَزَتْ *** أنْ خُـذْ حديثـاً ذا مَعانٍ جامِعـهْ
ذَكَـروا بـأنَّ الله نـادى خَلقَـهُ *** في الـذَرِّ ، يُفصِحُ عن شهيدٍ أَلمَعـهْ
يـا خلقُ !! من ذا تُستبـاحُ دمـاءُهُ *** من أجل حبِّي خالصاً ، كيْ أرفَعَـهْ
يـُحتزُّ منه الـرأس ، ترفَعُـهُ القنـا *** والخيـلُ تسحقُهُ ، تُكسِّر أضلُعـهْ ؟
نادى حسينٌ :- هـا أنـا يا سيدي *** لرضاكَ أمضي ، لا أهابُ الزوبَعَـهْ
فجـرى بذا حُكمُ القضاءِ ، وَجَفَّتْ الـ *** أقـلامُ ، حتى حـانَ يومُ الموقعـهْ
نادى حسينٌ في الطفوفِ مخيـّراً :- ***يا قومُ !! خلّوا بيننـا في الواسعـهْ
خوفـاً عليهـم من رزيـّةِ قتلـهِ *** لما رأى تلكَ السيـوفُ المـُشرَعَـهْ
فأتـاه (جبريلٌ) - على ما أخبروا - *** بوثيقةِ العهدِ الـذي قـد وَقّعـَهْ
أحُسينُ ! إنَّ اللهَ بالـغُ أمـرهِ *** فاصدعْ بأمـر الله وأثبُتْ صادِعَـهْ
فأجابـهُ سبـطُ الرسـول بجُملـةٍ *** ظلّت ْ بمحـراب الشهـادة لامِعـهْ
(إنْ كانَ دينُ محمـدٍ لـمْ يستقِمْ *** إلاّ بقتـلي) ، حَيهـلا بالخيضعـهْ
وتقـدمَ الليثُ المهيـبُ لوقعـةٍ *** كانت بآفـاقِ الرسالـة فاجعـهْ
فهنـا حسينٌ ، ثم صفوة أهلـهِ *** وقليـل أنصـارٍ ، لقتـلٍ مُزمِعـهْ
سبعـون ، زادوا سبعـةً ، وعيالهـمْ *** ثبتـوا لآلاف أتتهـم مُجْمِعـهْ
دارت رحـاها ، والخيـار تساقطوا *** كلٌّ أتى نحـو الحسيـن وَوَدَّعـهْ
ما كاد ينصـرف النهـارُ بشطـرهِ *** إلاّ وأعضـاء الحسيـن مُقَطَّعـهْ
فأهـمَّ ، يـرمي للخيـام بطرفـهِ *** وعويـلُ زينب كان يطرقُ مَسمَعـهْ
إذ ذاك ، بلـورَ دمعـةً محزونـةً *** سالـت على وجناتـه المتضوعَـهْ
جَفَّتْ دمـاءُ الرأس فـوق عيونـهِ *** فَغَـدَتْ لرؤيـةِ حالِ زينبَ مانِعـهْ
فأتـاه جبريـلٌ يظلِّـلُ جُرْحَـهُ *** والنـاسُ تزحفُ نحـوَهُ مُتَدافِعـةْ
نادى أبو الشهداء في غَصَصِ الـردى *** وكأنـَّما في الظـلِّ شئٌ أفـزَعَـهْ
من ذا الـذي قـد ظللتـني جُنْحُهُ *** عن أمرِ ربي والسيوفُ مُجَعْجِعَـهْ ؟
فأجابَ:- إنـي جبرئيـلُ ، وهـذهِ *** جُنْحيْ ، فَصَبْراً ، ثمَّ أرخى مَدْمَعَـهْ
نادى حُسينٌ :- نَـحِّ جُنْحَكَ يا أخيْ *** لأُزادَ تَعْذيبـاً ، وأُكـرَمَ شافِعـهْ
إني أؤمِّـلُ أنْ تكـونَ شهـادتيْ *** للسـائـرينَ بـدربِ حقٍّ دافِعـهْ
وَقضى الحُسينُ الطُهْـرُ ذبحاً مِنْ قَفى *** بَلْ جُـرِّدت جثمانُـهُ المتضَعْضِعَـهْ
من ذلك البطـلِ المهيبِ تولَّـدَتْ *** غُـررٌ مـن العليـاءِ كانتْ نابِعـهْ
مـا بين سَجّـادٍ ، وثَمَّـة باقـرٍ *** أو صـادقٍ بالقولِ أغنى الشارِعـهْ
أو كاظِمٍ للغيـظِ ، أُردِفَ بالرضـا *** ثُـمَّ الجـوادُ بأمّـةٍ متنـازعـهْ
والهـادي الطُهْـرُ النقـيُّ ، وإبنـهُ *** العسكريُّ ، ذوو القلوب الناصِعـهْ
والقائـمُ المهديُّ ، صاحِبُ عصـرِنا *** سيفُ الإلـهِ ، يجئُ عِنـدَ الراجِعَـهْ
مِنْ صُلْبِهِـمْ ، مُلئ الغريُّ أئمـةً *** عظمـاءَ ، زانَتهـمْ عمائمُ رائِعـهْ
وتناسلوا ، وتوالـدوا ، وتكاثـروا *** وتفتقـوا عن سيـدٍ مـا أشجعـهْ
الصـدرُ ، ذاك أبو المؤمـَّلِ ، يعتليْ *** عَرْشَ الزعامة ِ ، رَبيْ بارَكَ مَطْلَعَـهْ
عَصـرٌ جديـدٌ جـاء بعـد تَقَهْقُرٍ *** صـارتْ بهِ أحـكامُ ربـيْ ذائِعـهْ
أحيـا فروضـاً كنتُ أحسبُ إنـّها *** ستظـلُّ في المحـذورِ تصمتُ قابِعـهْ
أحكامُهُ كالسيفِ ، أضحَتْ فيصَـلاً *** إمّـا وأمّـا ، ما بِـها مِنْ مَعْمَعـهْ
فَتَنَشَّطَتْ من حولهِ الأعرابُ فيَّ *** حَسَدٍ ، وكانتْ قبـل ذلك هاجِعـهْ
نَفَـرٌ عليهِ تكالَبوا في خِسّـةٍ *** كشـراذمِ الغوغـاءِ ، كُلٌّ إمَّــعَـهْ
عَجَبَـاً لمـنْ لا يُحسِنـونَ وضوئَهُمْ *** غَمَـزوا عقولاً في العُلى مُتَرَعْرِعَـهْ
فَمَضى كموسى، لَنْ يُقَــهـْـقِــرَ عَزْمَهُ *** (إذْهَبْ وَرَبَّـك قاتِل)، أوْ يَمْنَـعَهْ
لا بـأسَ يا مـولايَ ، قبلُك حَيدرٌ *** نَبَحَتْ عليـه كلابُ لَيـلٍ ضائِعـهْ
أنتُـمْ بِفَضـلِ اللهِ ظِـلٌ وارفٌ *** شَجَرٌ لِنَفْـعِ النـاسِ يَنْشُرُ أفرُعَـهْ
وكما تَفَتـَّقَ عَنـكَ أعلامُ الهـُدى *** فكـذا ، تَفَتَّــقَ شخصُكُمْ عَنْ أربَعَـهْ
المصطفـى ، والمرتضى ، والمقتـدى *** ثُـمَّ المؤمَّلِ ، كالكنـوزِ الموُدَعَـهْ
وقضى الوليُّ الصَـدرُ غَـدراً بـالرَصا *** صِ، فهاجَتْ الغَبراءُ تبكيْ مَصْـرَعَهْ
فارتاحَتْ (الأعرابُ) مِنْ قَـلَقِ الوغى *** واسْتَـسْلَمَتْ لِنفـوسِها المُتَخَضِّـعهْ
لكنَّ رَبَّ العَـرْشِ يـأبى أنْ يَــرى *** شَعْبَ التَـشَيّـعِ خالياً مِنْ مِدْرَعهْ
فأحاطَـنا بالخيــرِ والعِــــوَضِ الـذي *** أحيا بِنا سُنَـنْ الكمالِ الضـائِــعهْ
هم فتية ، مثل الأسود ، توارثوا *** أَلَــقَ الــوليِّ، وَنَفْسَهُ المُتَـــــرَفِّـــــعَهْ
ياربِّ !! فاحْفَـــظْ مَنْ أطـاعَ وَليّــنا *** والمخلصـيـنَ لِنَهْجِـــهِ ، والتـابِعـهْ
مِنْ شـرِّ شيطـانٍ ، وأعينِ حاسـدٍ *** وشـــــرورِ أحقـادِ الرُعــــــاعِ الطامِـــــعـهْ
لاهُـمَّ ، فاستجبْ الدعاءَ ، بِحَقِّ مَنْ *** ذَبَحوهُ طِفلاً ، ثُـمَّ فارقَ مَرْضَعَـهْ
|