تأجيل المظاهرات خطوة بالاتجاه الصحيح

 

وصلت الحملة الشعبية المطالبة بالغاء رواتب تقاعد البرلمانيين و ذوي الدرجات الخاصة بالاضافة الى الرئاسات الثلاث و الوزراء و مجالس المحافظات الى ذروتها و فرضت أرادتها و علا صوتها في كل المحافظات و في الوسط الشعبي و النخبوي حتى وصل الامر الى تسابق بعض الكتل و الاحزاب الى محاولة ركوب الموجة و تنافسهم لجر قرص السبق في طرح هذا المشروع اليهم و ان كان في الساحة الاعلامية فقط و هذا دليل على شدة تأثير الحملة و عدم إمكانية تجاهلها من قبل البرلمان او الحكومة و لكن يبقى كل هذا غير فعال ان لم تتخذ خطوات جادة تحت قبة البرلمان في طرح مشروع قانون الغاء تقاعد البرلمانيين و أصحابهم من ذوي الرواتب الفلكية , و كخطوة بارزة باتجاه الضغط على البرلمان و الحكومة كانت ورقة التظاهر لرفع المطالب عاليا حتى لا يمكن تجاهلها أو أغفالها أو إغماض العيون عنها و تسويفها تدريجياً فهي لا تصب في صالحهم فلو كانت من الامتيازات لرأيناهم يسارعون في اقرارها و يتنافسون عليها , و قد حدد يوم 31/8 يوم انطلاق التظاهرات في اغلب المحافظات العراقية و شعارها و مطالبها حددت بمطلب واحد هو الغاء رواتب تقاعد البرلمانيين و الحكومة و الرئاسات و الدرجات الخاصة و مجالس المحافظات , و تم التحشيد الشعبي و الاعلامي لهذا اليوم , و لكن تم اتخاذ قرار تأجيل التظاهر الى موعد غير محدد منقبل اغلب قيادات اللجان و من الشخصيات المعروفة التي أطلقت الحملة و أنشأتها منذ البداية و كانت لهم مبرراتهم التي تمحورت حول نقاط ثلاث كانت كفيلة باقناع هولاء بضرورة التأجيل و بقاء العمل في الحملة

النقطة الاولى هو ما طرأ على الواقع العراقي من مستجدات التدهور الامني الخطير فكل يوم عشرات المفخخات تحصد ارواح المئات بين قتيل و جريح و في اغلب المحافظات العراقية حتى التي كانت تعتبر من المحافظات الآمنة فلم يستثني الارهاب مدينة او منطقة و هو يثبت إنه يستطيع الوصول الى أي نقطة يختارها و المبادرة بيد الارهاب لا بأيدي الاجهزة الامنية رغم ما تبذله هذه الاجهزة من جهود مضنية في هذا المجال من حملات المداهمة و الاعتقالات و لكن يبدو انها اصابها نوع من التخمة و الترهل و الضعف و خاصة في الجانب الاستخباري فباتت لا تستطيع مواكبة الخطر و ليست بمستوى التحدي او المواجهة فما بالك بأشغالهم بحماية المتظاهرين و توفير الامن لهم , فخروج الجماهير وسط هذه الاجواء تعرضهم لخطر حقيقي لا يتحمل مسؤوليته أحد و خاصة في محافظات الوسط و الجنوب التي يستهدف الارهاب فيها التجمعات الجماهيرية لإيقاع اكبر عدد ممكن من الضحايا , فهل من الصحيح ان نقدم ابنائنا على طبق من ذهب لمن يريد ان يتعشى بأجساد العراقيين و يشرب دمائهم ؟

و النقطة ثانية دعت القائمين على الحملة الى تأجيل التظاهرة هي ظهور مجاميع شبابية و صفحات الكترونية و مجموعات في مواقع التواصل الاجتماعي تحاول أستغلال التظاهرة و تدعو الى شعارات تختلف عن أهداف الحملة فدعوا الى أسقاط الحكومة و حل البرلمان و الغاء الدستور و أسقاط العملية السياسية برمتها و مثل هذه المطالب لا تمت الى هدف الحملة بصلة الذي ينحصر بالغاء الرواتب التقاعدية للمسؤولين و هذا الهدف هو الذي جذب تعاطف الجماهير بمختلف توجهاتهم و أنتمائاتهم و طوائفهم و الوانهم السياسية أما أستغلال التظاهرة بأتجاه اسقاط

العملية السياسية و الذهاب بالبلد الى الفوضى و في متاهات لا يعرف لها نهاية و لا يستطيع أحد التحكم بخيوط مسيرتها فهذا خطر يجرنا الى ما لا يحمد عقباه و لا يوجد عاقل يرضى بأنهيار البلد ,و و تعطيل المؤسسات و أسقاط النظام هذا من جهة و من جهة أخرى مجهولية من يدعوا الى هكذا شعارات فهي عبارة عن صفحات انترنيت و مواقع و اسماء مستعارة و شعارات رنانة ٍ الا اللهم من يوجد في أجندته أشعال الفتنة و الانجرار الى الإحتراب الداخلي و هناك من يطبل و يصفق و ينزلق خلف هكذا شعارات كالامعات لا يدري ما يراد به و الى اين يسير فهو ينعق مع الناعقين دون التفكير بالخطوة التالية , و هولاء مع الاسف هم وقود محركات التهديم و اليات الفوضى , و قد تعهد المخلصين الذين يريدون انجاح المطالب المشروعة عن طريق التظاهر بأن يمنعوا رفع شعارات مخالفة للمطلب الوحيد أنف الذكر و لكن كيف يمكن ان تمنع جموع وسط التظاهرات من رفع شعارات أخرى لها أجندة معينة لابد ان يلجأ هولاء الى القوة فقط في منعهم و هنا ندخل في صراع و عراك داخل التظاهرات قد تجر المتظاهرين الى الاشتباك مع هولاء و هنا لا أحد يعرف كيف ينتهي الاشتباك و هو مجرد حدوثه يعني فشل التظاهرة و الالتهاء مع هولاء المندسين و المغمورين و المتعاطفين معهم عن هدف التظاهر الاصلي و ربما سيكون مدعاة الى تدخل قوات الامن لفض الاشتباكات و هذه كلها خطوات غير مدروسة النتائج و لا يعلم نهايتها الا الله ,

النقطة الثالثة و هي بروز قوى و تيارات و احزاب سياسية تحاول ركوب الموجة و أستغلال المطالب لتحقيق مكاسب سياسية و أنتخابية و ابراز نفسها على الساحة و كأنها هي من يرفع هذه المطالب و يتسابق الى منصات الاعلام ليطرح نفسه بانه الفارس المقدام و انه اول من طالب بها و اول من دعى اليها ووووو ....... و لكن مثل هذه المزايدات الاعلامية لا تعبر على الشعب و لا بد للايام من ان تزيل ورقة التوت عن عورات مدعي الوطنية و حب الشعب و المتباكين على جروحه التي خلفتها سكاكين مصالحهم على مدى السنوات المنصرمة و تحت قبة البرلمان يكرم البرلماني أو يهان ,

و أخيراً فهناك دائماً أوراق للضغط على البرلمان لاقرار قانون التقاعد الذي يحدد السقف الاعلى لرواتب المتقاعدين في كل مؤسسات الدولة و كلها متاحة امام الشعب ليصل الى مبتغاه فمنها القانونية كرفع الدعاوى في القضاء و هذا ما تقوم به بعض الجماعات و منها الضغط الاعلامي و السياسي و اللقاءات الدورية و مخاطبة البرلمانيين و الاتصال بهم مباشرتاً من قبل ناخبيهم ليطالبوهم بموقف واضح من هذا الموضوع و عقد المؤتمرات الجماهيرية و النخبوية و ابقاء الشعلة متوهجة لحين تحقيق الغاية التي ستثمر ليس عن تحقيق الغاء رواتب تقاعد البرلمانيين فقط بل الاهم ستثبت ان الشعب العراقي لم يمتو لم تغتاله أي قوة بل هو قادر على ان يقوَم المعوج بإرادته إن أراد ذلك و أصر عليه .