مصر .. بين أحمق ومجرم |
صدق نُبُوءَةُ جزائري: المتتبع للحوارت والندوات التي نقلتها القنوات العربية والأجنبية المختلفة، بالإضافة إلى القنوات المصرية الرسمية، يلمس بوضوح، أن .. الساسة، وقادة برتب ألوية، ورجال فكروفن، وعلماء دين، ورجال أعمال ومؤسسات، أكدوا بصوت واحد .. أن مصر لن يحدث لها ماحدث للجزائر، وكل اتّخذ لنفسه منحنىً، يساير ماذهب إليه. ويبقى هذا الرأي معلّقا، بعد الذي حدث في الساحات، والمساجد، وفوق الجسوروتحتها، والمؤسسات العمومية والخاصة.
وبتاريخ الأحد, 07 تموز/يوليو 2013 17:47، كتب صاحب الأسطر، مقالا بعنوان: " دروس معزولة حول الرئيس المعزول "، جاء فيه بالحرف الواحد : "لفهم مايجري الآن في مصر، لابد أن يعود المرء إلى سنوات التسعينات من القرن الماضي، التي عاشتها الجزائر، فهناك تطابق عجيب، بين البارحة واليوم، يلمسه المتتبع، الذي عاش الأحداث عن قرب هنا، ثم قارنها بمثيلتها هناك، وهو ماتطلب التذكير بالملاحظات السريعة التالية، في انتظار ماتسفر عنه سرعة الأحداث".
ضعف المؤسسة العسكرية: بغض النظر عن الأسباب التي أدت إلى سقوط الجنود المصريين في مواجهة المجتمع، وعلى يد من؟. فإنه يجب التأكيد على أنه .. حين يدخل الجيش في مواجهة مع المجتمع، وتسقط أعدادا كبيرة من الجنود، فإن ذلك يدل بوضوح على ضعف في الأداء العسكري، وقلّة استعداد، وعدم أخذ الحيطة بما يكفي.
صناعة القمع: الطريقة القاسية جدا، التي تعامل بها الجيش المصري مع المحتجين من أبناء مصر، حتى لو خالفتهم الرأي والطريقة، تدل بوضوح أن .. الجيوش في الدول المتخلفة دون استثناء، إنما جُعلت لقمع الشعوب، ولم تُخلق للمواجهة .. ويكفي أن الجيش العراقي، سقط في أيام معدودات، دون أن تُمنح له شرف المواجهة. وانهيارجيش ملك الملوك من قبل أن يقوم من مقامه، وكذا جيش علي عبد الله صالح. ولولا الدعم الروسي للأسد، لكان له نفس حظ إخوانه ممن سبقوه.
مال مقابل الدماء: لايقبل الاتحاد الافريقي بالانقلابات العسكرية، لذلك كان أمينا لمبادئه، حين جمّد عضوية مصر إلى غاية عودة المسار الانتخابي، دون التدخل في التفاصيل التي تميّز الحياة السياسية للدول المتخلفة.
لكن الدول الخليجية، منحت أموالا للحاكمين الجدد في مصر مباشرة بعد إعلان الانقلاب. ثم أضافت أموالا مباشرة بعد الدماء التي سالت، عقب فض الاعتصام بالحديد والنار. وكان على العرب، أن يتريثوا قليلا في منح الأموال، بعد رأوا أنهرا من دماء الأخ تسيل في الطرقات على يد أخيه، لأن منح المال عقب الحرق والدم، تعني مباركة هذه الأفعال، وتشجيع صاحبها على المزيد قُدما في الحرق والتخريب وسفك الدماء وإزهاق الأرواح.
خُبث عربي: قال له .. أنظرت إلى القتلى والجرحى في مصر؟. أجابه قائلا: هذا جزاء كل من يخرج عن ولي الأمر.
إذن لم تعد المسألة في الخروج عن ولي الأمر.. إنما هناك ولي أمر، تُرسلُ لأجله الأساطيل والدبابات لحمايته، وصون عرشه .. وولي أمر، تُرسلُ لأجله الدبابات لإخراجه واعتقاله، ويكافأ كل من خرج عليه، وانقلب عليه.
الانتخابات عدو فاقتلوها !: صدق أستاذي وليد عبد الحي، أمد الله في عمره، حين قال في منتصف الثمانينات من القرن الماضي .. " الديمقراطية، المتمثلة في الانتخابات و التداول على السلطة بصفة خاصة، ستمر عبر المراحل التالية .. الأولى: أوربا الغربية .. الثانية: أوربا الشرقية .. بعدها: أمريكا اللاتينية .. ثم: إفريقيا .. وأخيرا: الدول العربية، ويبدو أنها لن تلتحق بالركب الديمقراطي غدا أو بعد غد".
أصبح واضحا، أن كل مايؤدي إلى الانتخابات يُقبر في حينه .. وأن كل من صعد بالانتخابات، يداس ويهان ... وأن كل من لم تعجبه نتائج الصندوق، جعل عاليه سافله.
هناك رسالة يراد تمريرها، مفادها .. أن الانتخابات سبب الحرق الدماء !، والانتخابات مدعاة للفوضى !. وأن الرئيس المنتخب، لايُعتبرُ ولي الأمر!، لذلك يجب الخروج عنه، وتشجيع كل من خرج عنه.
شيخ العسكر: منذ عامين، التقيت بأحد علماء الجزائر، في إحدى الملتقيات الدولية، فاستنكرت موقفه الذي اتخذه من إحدى القضايا السياسية في الجزائريومها، ومما جاء في الاستنكار .. أن عالم الدين حين يتطرق للقضايا السياسية، يُعاملُ رأيه وموقفه، كغيره من الآراء والمواقف، لايختلف عنها في شيء.
هذا ماينطبق تماما على شيخ الأزهر، أحمد الطيب .. فقد أخطأ حين وقف مع الانقلابيين، ليلة القبض على الرئيس المنتخب .. وكان ساذجا حين أعلن أنه لم يكن على علم بفض الاعتصام، وكأنه توهم فعلا، أن الجنرالات سيستشيرونه، حين يُقدمون على عمل عسكري، بعدما قضوا مآربهم منه. ولم يف بعهده، حين قال سأعتزل وألتزم داري، بعدما رأى الذي رآه.
ونفس الكلام يقال ليوسف القرضاوي، الذي طالب العجم والعرب، بمساندة مرسي وإخوانه، وعدم الخروج عنه. وفي نفس الوقت، أهدر دماء بعض حكام العرب، ومن ساعدهم من عسكريين ومدنيين وأميين وعلماء دين.
ونفس الكلام يقال لأصحاب نظرية عدم الخروج عن ولي الأمرهنا، بعدما خرجوا عن ولي الأمرهناك.
أحمق غابر ومجرم قادم: يستحسن في هذا المقام، التذكير بالقول أن .. الاخوان أخطأوا في تسيير شؤون العباد والبلاد. وخلال عام واحد، ارتكبوا حماقات تُرى بالعين المجردة، وافتقروا إلى أبسط قواعد الدبلوماسية، في التعامل مع القضايا المحلية والدولية .. وفي نفس الوقت، فإن الانقلابيين الجدد، ارتكبوا جرائم فضيعة، خلال شهرين من الانقلاب، لعلّ آخرها الدماء التي سالت، والأنفس التي اعتقلت، والمساجد التي أهينت .. وياويح أمة، مصيرحاضرها ومستقبل أبناءها، بين أحمق غابر، ومجرم قادم. |